بعد نحو أسبوعين من تعيينه رئيساً جديداً للحكومة اليمنية، وصل معين عبد الملك، أمس، إلى العاصمة المؤقتة عدن ليستقر، كما يبدو، مع طاقمه الوزاري في المدينة، حيث يتعين على الحكومة التي يقودها مباشرة مهامها ضمن الخطوط العامة لسياسة الإصلاحات التي كان أعلن عنها، وفي مقدمها الملف الاقتصادي. ووعد رئيس الحكومة، في تصريح رسمي لدى وصوله إلى عدن، بأنه ماضٍ في استقطاب الكفاءات الإدارية والاقتصادية للاستفادة منهم في إسناد العمل الحكومي واستعادة بناء الدولة وتطبيع الأوضاع في مختلف المؤسسات. وكانت أولى المهام التي اضطلع بها عبد الملك بعد تعيينه هي النزول الميداني إلى محافظة المهرة (شرق) للاطلاع على آثار الدمار الذي تسبب به إعصار «لبان» المداري، والإشراف على وضع الخطط اللازمة لإعادة الإعمار في المحافظة، وإصلاح ما دمره الإعصار، بما في ذلك المنشآت العامة وبيوت المواطنين. وفي الوقت الذي كانت الأنباء ترددت عن قرب إعادة التشكيل الوزاري في الحكومة اليمنية تحت قيادة رئيس الوزراء الجديد، كان الأخير صرح بأن أي تغيير في قوام الحكومة سيتخذ بناءً على خطوات علمية مدروسة ولن يخضع للارتجال. ومن المقرر أن يبدأ عبد الملك مع طاقمه الوزاري العمل من الداخل على أكثر من جبهة، وفي المقدمة من ذلك تطبيع الأوضاع الأمنية والعمل على الملف الاقتصادي لإنقاذ العملة المحلية (الريال) من التهاوي، وتنشيط موارد الدولة المختلفة، بالتوازي مع إصلاح هياكل المؤسسات القائمة بما يحقق حالة الاستقرار المطلوبة. ويتوقع مراقبون أن يساهم الدعم المحلي والدولي الذي يحظى به عبد الملك في إسناد مهمته الصعبة، خصوصاً على صعيد تطبيع أوضاع المناطق المحررة واتخاذ التدابير الكفيلة بتحسين الموارد الاقتصادية وتنميتها وفق خطط مدروسة من شأنها أن تنعكس إيجاباً على حياة اليمنيين. وفي حين وصل معين عبد الملك إلى مطار عدن أمس رفقة عدد من الوزراء، ذكرت المصادر الرسمية أن عودته إلى المدينة غايتها «تدشين عمل الحكومة من داخل البلاد، والشروع في عملية إعادة الإعمار وتحسين الأوضاع الخدمية والاقتصادية». وفي تصريح رسمي له بثته وكالة «سبأ» الحكومية، قال رئيس مجلس الوزراء إن برنامج حكومته «سيركز على معالجة الخلل في منظومتي الإدارة والاقتصاد، وتفعيل الأجهزة الرقابية في كل مؤسسات الدولة». وأشار إلى أن أولويات الحكومة تتمثل في الإصلاحات الاقتصادية والخدمية، وإعادة الإعمار، وإصلاح البنية التحتية، وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة، وهذا لن يتأتى - بحسب قوله - إلا بدعم وتعاون مشترك من جميع الأطراف. وأكد أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة بناء وتنمية وتعاون، مما يدفع الحكومة للاستعانة بالكفاءات والخبرات الإدارية والاقتصادية، بما يساهم في استعادة أدوات الدولة وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار خلال هذه الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن. ولفت رئيس الوزراء اليمني إلى أن حكومته تواجه صعوبات كبيرة جراء انهيار الوضعين الاقتصادي والإنساني، حيث بات نصف المواطنين في فقر مدقع، فيما تتسع دائرة الجوع لتشمل الآلاف، بعد قيام ميليشيات الحوثي الانقلابية بحرمان نحو مليون و200 ألف موظف من رواتبهم. وجدد رئيس الحكومة اليمنية ما كان قاله في تصريحات سابقة بخصوص الحالة الاقتصادية، وقال: «لدينا إشكالية كبيرة في البنية الاقتصادية، وانكماش في الناتج المحلي الذي وصل إلى 40 في المائة عما كان عليه سابقاً، إضافة إلى انخفاض سعر الصرف، وانخفاض إنتاج النفط إلى 10 في المائة». وفيما تعهد بإصلاح الخلل الموجود في مؤسسات الدولة، قال إن «حكومته عازمة على ضبط موضوع الإيرادات والنفقات في المرحلة المقبلة، بهدف زيادة الإيرادات وفق الضوابط الاقتصادية والمصلحة العامة للدولة». ونظراً لشح الموارد والإمكانات المحدودة المتاحة أمام حكومته، قال عبد الملك إن ذلك «يتطلب تكاتف الجميع ورص الصفوف لخلق مناخ جيد للعمل وتغيير واقع المواطنين في المحافظات المحررة، مثل توفير وتحسين الاحتياجات الأساسية من خدمات عامة وطرق وكهرباء ومياه وغيرها». وأكد أهمية تكاتف كل القوى السياسية ومراعاة الظرف وتصويب الهدف نحو خدمة المواطن في المحافظات المحررة، معبراً عن ثقته بأن اليمن حكومة وشعباً وقيادات وأحزاباً سياسية ستتغلب جميعها على المؤامرات التي تحاك ضد بلاده. وثمّن رئيس الحكومة اليمنية الدعم المقدم من التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، والمنح المالية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ضمن الجهود الرامية إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في ظل انهيار العملة المحلية إلى مستويات قياسية. وقال إن «الأشقاء في المملكة سبّاقون إلى دعم اليمنيين بشكل متواصل ومستمر، وآخرها وصول ناقلتين على متنهما مشتقات نفطية تقدر بقيمة 60 مليون دولار، مقدمة كمنحة إلى قطاع الكهرباء في اليمن». وكان رئيس الحكومة اليمنية الجديد أجرى في العاصمة السعودية سلسلة لقاءات مع سفراء غربيين في سياق النقاشات التي تجريها الشرعية اليمنية مع المجتمع الدولي على صعيد استئناف مساعي السلام التي ترعاها الأمم المتحدة مع الانقلابيين الحوثيين، وعلى صعيد التعاون بين الحكومة وبين الدوائر الغربية في الملفات الإنسانية والاقتصادية.
مشاركة :