فى معركة لن تجدها فى المراجع الإسرائيلية المعلنة، حيث تم نسيانها عن عمد من قبل ذاكرة «العدو الصهيوني»، نظرا لما تحمله له، من ألم ومعاناة، قتل فيها ٣٨ قتيلا طبقا للرقم الرسمى من الجانب الإسرائيلي، وجرح ١٢٠ من جنود النخبة لديه، تظل معركة «ممر متلا» فى حرب العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦، من المعارك والانتصارات الباهرة للجيش المصري، والتى لم تأخذ حقها الإعلامي، نتيجه تركيز المجد الإعلامى بعد العدوان الثلاثى على صمود المقاومة الشعبية فى بورسعيد.حيث اتسمت تلك المعركة، بالعنف الزائد على امتداد سبع ساعات، لم ينقطع فيها التلاحم أو يهدأ الصراع، بما يجعلها أطول المعارك فى حرب العدوان الثلاثي، زمنًا وأكثرها إهدارًا للدماء، وظلت تؤرق «إرييل شارون» نفسيا وجسديا خلال السنوات التالية، وحتى موته إكلينيكيا، نظرًا لما عانى منه من فقد لرجولته، بسبب إصابة قناص مصري له، فى منطقة حيوية فى جسده «خصيته» خلال آخر يوم من المعارك.مع فجر ٣١ أكتوبر، حدث أول اتصال بين اللواء ٢٠٢ المظلى الإسرائيلي، ومجموعة اللواء الثانى المشاة المصري، بينما كانت المقارنة العددية بينهما تميل بشدة لصالح العدو الذى كان يتفوق فى عنصر المشاة بنسبة ٨:١ ويملك من الدبابات ما لا تملكه القوة المصرية. وصلت لشارون، معلومات من الاستطلاع الجوي، تفيد بوجود حشد مدرع فى وادى «المليز» على بعد ٥٠ كيلو مترًا من «صدر الحيطان» لا يقل عن ٨٠ دبابة، فأخذ يبحث عن حل حتى لا يعرض قواته للإبادة، وهى متمركزة فى منطقة مفتوحة، ولم يجد، سوى دخول «ممر متلا»، للتحصن فيه من خطر الدبابات المصرية، التى لن تستطيع القتال فى تلك المنطقة الصخرية الضيقة.فطلب من العميد «سمحوني»، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، أن يصدق له على دخول الممر، إلا أن الأركان العامة الإسرائيلية رفضت ذلك، إلا أن خطر التعرض للإبادة جعل «شارون» يصر على طلب التصديق له بدخول الممر، وبعد دراسة الموقف على الطبيعة، سُمح له بدفع دورية استطلاع مسلح للتأكد من خلو الممر من القوات المصرية، على ألا تتورط فى قتال داخله.الهجوم الأول على الممر، كان فى الوقت بين الواحدة والثانية والنصف من بعد ظهر يوم ٣١ أكتوبر، عندما اقتربت قوة الهجوم من مدخل الممر، فَفُتحت عليها النيران التى دمرت ثلاث عربات نصف جنزير، منها عربة قائد سرية الحرس الأمامى الذى قتل للتو، بينما اندفعت عربة قائد المقدمة راف سيرن «مردخاى جور» نحو منحدر جانبي، عندما وصل المظليون إلى مسافة ٣ كيلومترات من داخل الممر، شعروا بأنهم أصبحوا معزولين، وأصدر «شارون» أوامره بفتح النيران على المواقع المصرية، إلا أنها لم تصوب ضد أهداف محددة، وهكذا منى الهجوم الأول على الممر بالفشل.أما الهجوم الثانى على الممر، فكان الوقت بين الثالثة والرابعة من بعد ظهر يوم ٣١ أكتوبر. وتلخصت خطة «شارون» هذه المرة فى تركيز أكبر حشد من النيران، فوق تباب مدخل الممر، ولم تكد القوات الإسرائيلية تصل إلى منتصف التبة حتى اضطرتها النيران المحكمة من السفح الجنوبى للممر إلى الارتداد بغير نظام.أما الهجوم الثالث والأخير على الممر، فكان بين الساعة الخامسة والأربعين دقيقة والساعة الثامنة مساء ٣١ أكتوبر، حيث قام «شارون»، فى الساعة الخامسة وأربعين دقيقة بالدفع بقوة هجوم من أربع سرايا معززة فى مجموعتين، كل مجموعة مكونة من سريتين، لمهاجمة الموقع الشمالى عند مدخل الممر.وانقض جنوده على المواقع الدفاعية من عدة اتجاهات فى وقت لاحق، ورغم ذلك صمد الجنود المصريون، وتشبثوا بمواقعهم.وتحت ستر الظلام راح المظليون الإسرائيليون يسحبون قتلاهم وجرحاهم من فوق السفوح وخلف كتل الأحجار، ثم جاءتهم أربع طائرات «داكوتا»، أمدتهم بالذخيرة والوقود والمياه، وأخلت ما يزيد على المائة جريح، وانسحبت قوات شارون شرقا بعد أن أصيب شارون نفسه بطلقة فى إحدى خصيتيه.
مشاركة :