مؤمنون بلا حدود وفرت مساحات واسعة للتفكير أقضت مضاجع التيارات الإسلامية تفاعلا مع قرار منع المؤتمر الفكري “انسدادات المجتمعات الإسلامية والسرديات الإسلامية الجديدة “، اعتبرت مؤسسة مؤمنون بلا حدود في بيان لها أن هذا المنع مخالف للتوجهات العليا للمملكة الأردنية الهاشمية برعاية الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ومبادراته لضمان التعدد الفكري والثقافي وحماية الأمن المجتمعي. وفي تصريح لـ”العرب” قال محمد العاني المدير العام لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، إننا تلقينا قراريْ منع وقراريْ موافقة، موضحا “بعد حصولنا على موافقة وبسبب ضغط بعض الجهات بحجج ومبررات غير واضحة تم تبليغنا بمنع المؤتمر، ثم وبعد تزويد الجهات المختصة ببرنامج المؤتمر وجميع متعلقاته تم إبلاغنا بالسماح بعقده، ثم تفاجأنا بعدها بيوم بقرار منع آخر. وكان المسوغ الذي تداولته وسائل الإعلام وبعض حسابات مواقع التواصل بأن هناك ورقة عنوانها يسيء للذات الإلهية، رغم أن مضمون الورقة لم يطرح بعد”. وأضاف العاني أنه في الحالتين المنع الأول الذي كان قبل إعلان البرنامج، وقبل حتى إثارة موضوع عنوان الورقة المذكورة، يبين أن المشكلة ليست هذا العنوان أو ذاك، وإنما لأن هناك من يستفزه ويخيفه مبدأ حرية الرأي والنقاش والحوار المنفتح والنقد العقلاني. وكان المركز قد أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري أنه سينظم بالشراكة مع مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات مؤتمرا دوليا حول موضوع “انسدادات المجتمعات الإسلامية والسرديات الإسلامية الجديدة” بداية نوفمبر 2018 في العاصمة الأردنية عمان. ودعا عضو مجلس الأمة الأردني النائب خليل عطية، رئيس الوزراء الأردني إلى وقف المؤتمر لـما اعتبره “مخالفته أحكام الشريعة الإسلامية”، خاصة أن أحد محاوره يتحدث عن “التاريخ الشعبي لولادة الله” و”العياذ بالله”، وأيدته في ذلك عضو البرلمان الأردني عن قائمة الإصلاح الإسلامي، ديمة طهبوب، قائلة إن شكاوى وردتها تفيد بأن عناوين محاضرات مؤتمر منظمة مؤمنون بلا حدود مستفزة للمعتقدات الدينية، المستفزة كـ”تاريخ الله”. وحول حقيقة علاقة التيار الإخواني بدفع الداخلية الأردنية لمنع المؤتمر، أكد محمد العاني لـ”العرب”، “أن من تصدر الدفع لمنع المؤتمر هي شخصيات تنتمي لهذا التيار بشكل واضح، وقد أعلنوا فرحهم بالمنع وشكرهم لاستجابة الحكومة لطلبهم على صفحاتهم. أنا لا أقول تكهنات أو أكشف عن أسرار، وإنما هي حقائق هم أنفسهم لم يخفوها وابتهجوا بها”. التيارات الإخوانية تبتز الجميع، ولديها جيوش إلكترونية وقدرة على التحشيد، لذلك ننصح الجهات الرسمية بألا تخضع للابتزاز وعبّر القائمون على المؤتمر في بيان لهم، عن خشيتهم من أن يكون المنع قد تم بإيعاز من جهات معادية لفتح فضاءات للنقاش والحوار وممارسة الاختلاف التي نعتبرها ضمانا حقيقيا للاستقرار الأمني والروحي والمجتمعي لأي دولة عربية كانت، وهو ما لا يخدم المصالح العليا للمملكة الأردنية. ويحتدم الجدل منذ أيام في وسائل التواصل الاجتماعي بالأردن، بسبب محاور المؤتمر وخاصة دراسة لمعاذ بني عامر من الأردن تحت عنوان “تاريخ الله إسلاميا: النسختان العالمية والشعبية”، كما كان مقررا عرض الباحثة الفرنسية فامتيا منيز لورقة بعنوان “الأصولية المتطرفة” وتتساءل كيف تم اختطاف الدين بالعنف والسياسة الراديكالية؟ والتي رأى فيها التيار الإخواني إساءة للدين الإسلامي. وحول كون السبب في منع المؤتمر المحاضرة حول الذات الإلهية التي ارتكز عليها التيار المنادي بالمنع، تساءل محمد العاني لو كانت المداخلة هي السبب فلماذا تمت المطالبة والمنع أول مرة قبل أن تثار هذه القضية وقبل أن يعلن عن البرنامج، وبالتالي فهذا مجرد عذر يخفي وراءه أيديولوجيا لا تؤمن بالتعددية والاختلاف الفكري والثقافي. ودعا يونس قنديل الأمين العام لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، النائبة الإخوانية ديمة طهبوب إلى حضور مؤتمر صحافي كان مزمعا عقده حفاظا على قيمة التناول الموضوعي للخلافات المعرفية ودون إقحام السلطات السياسية في الانحياز لطرف دون آخر، وبعيدا عن الاستنجاد بآلات القمع الأمني والاحتماء باستراتيجيات التجييش الشعبوي، وتنصيب محاكم تفتيش تمارس الاتهام والحكم. وهناك من ذهب إلى القول إن الحكومة الأردنية آثرت عدم إزعاج التيار الإخواني حتى لا يتم استغلاله بتحريض الناس للخروج للشارع، وأكد محمد العاني لـ”العرب” “لا أتحدث هنا عن حسابات وموازنات الحكومة واعتباراتها، فذلك أمر آخر، بل نناقش فكرة التعامل مع الاختلاف وحرية التعبير والفكر، وللدولة خيارات متعددة للتعامل مع الموضوع”، مضيفا “كان يمكن أيضا أن نناقش هذه الورقة وعنوانها ونحن منفتحون ونعي وندرك الحساسيات، ونستمع ونراعي ذلك، ونتعامل بواقعية وحرص على مصلحة الجميع لكن لم تتم مناقشتنا على الإطلاق، ولم يتح لنا المجال لذلك أو حتى لتوضيحه أو تعديله إن اضطر الأمر”. وأوضح العاني بأن هذه التيارات الإخوانية تبتز الجميع، ولديها جيوش إلكترونية وقدرة هائلة على التحشيد، لذلك وبذات الوقت الذي ندرك فيه الحرج الذي تسببه للسلطة ومؤسسات الدولة، فإن واجبنا يفرض علينا أن نذكر وننصح الجهات الرسمية بألا تخضع لهذا الابتزاز وأهل الخبرة منهم يعلمون ذلك تماما. ولفت العاني إلى أن البيئة الأردنية والمجتمع الأردني وغيره من المجتمعات العربية ورغم هيمنة وتسيد هذه التيارات، فقد وجدنا منها تضامنا كبيرا تفاجأنا به، مشددا على أن هناك جماعات تريد اختطاف الدين والمجتمع والدولة، وتمارس الإكراه بأدوات متعددة وإن كانت لا تملك السلطة السياسية. وآثر العاني تذكير التيار الإخواني بأن دين الله لا إكراه فيه وأن التعارف من خلاله يتم تمحيص المتّقين، فكيف يكون التعارف بلا اختلاف وحوار بعيدا عن الإكراه والتكفير؟ والمؤمن لا يسيء الظن ويتهم دون أن يستمع ويفهم ما سيقوله الآخر، ثم لينتقد كما يشاء ويدلي برأيه.
مشاركة :