شكلت الزيارة التي قام بها نائب رئيس جمهورية الصين الشعبية لدولة الإمارات العربية المتحدة، مؤخراً، خطوة إضافية لتعزيز وترسيخ العلاقات بين البلدين، وخاصة أنها تأتي في ظرف تشهد فيه علاقات الإمارات والصين أعلى مستوياتها من حيث مستوى التبادل التجاري والعلاقات الثقافية والدبلوماسية. فبرغم عمق علاقات البلدين ومرور أكثر من ثلاثة عقود على تأسيس تلك العلاقات، فإنها اليوم وصلت إلى مرحلة النضج الكامل بعد أن وضع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أسسها وعمل على تطويرها حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن بفضل القيادة الرشيدة، التي تعمل بدورها على أن تتجاوز تلك العلاقة الأبعاد الاقتصادية والدبلوماسية إلى ما هو أعمق بكثير. وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال استقباله معالي وانغ تشي شان، نائب الرئيس الصيني، وذلك حين تحدث سموه عن سبل تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية ودورها في دفع هذه العلاقات وإعطائها زخماً أكبر، وصولاً إلى تحقيق الأهداف والمصالح الوطنية العليا لشعبَي الإمارات والصين. زيارة المسؤول الصيني وانغ تشي شان، التي جاءت بالتزامن مع إطلاق دولة الإمارات القمر الصناعي «خليفة سات» أضفت على هذا الحدث الوطني الكبير رمزية خاصة، زادت من دلالتها وأهميتها لدى الضيف الصيني الذي قطعت بلاده أشواطاً متقدمة في مجال الفضاء، ولهذا جاءت إشادته بجهود الإمارات في هذا المجال بمثابة شهادة مهمة من بلد يتربع على قائمة أكثر دول العالم تطوراً وسرعة في النمو. فقد أشاد معاليه بكفاءة شباب الإمارات وقدرتهم على محاكاة الدول المتقدمة في مجال الوصول إلى الفضاء وتوظيف هذه الابتكارات من أجل خدمة وطنهم وشعبهم وخدمة البشرية عموماً. كما أشاد خلال لقائه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بالاقتصاد الإماراتي، حينما قال: إن «الإمارات تتميز بالتنوع الاقتصادي والخبرة في نمو الاقتصاد والانفتاح الاجتماعي والتسامح الثقافي والاعتدال الديني، إضافة إلى نجاحها في ربط التقاليد بالحداثة، ما جعلها نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالم». هذا وتشهد علاقات الإمارات والصين الكثير من التقارب، ليس على مستوى التبادل الاقتصادي وحسب، وإنما من حيث طبيعة التطور وسرعة النمو والاندفاع بقوة نحو المستقبل بكل ثقة، وهو ما يرجع في المقام الأول إلى الإيمان بأهمية العلم في تحقيق أهداف التنمية، ووضع الخطط الاستراتيجية والانفتاح الإيجابي على كل ما هو جديد في مجال التكنولوجيا المتقدمة، واستغلال دور الدبلوماسية في نسج المزيد من العلاقات الإنسانية مع الدول والشعوب. لقد نجحت الصين الشعبية في نيل ثقة العديد من دول العالم وشعوبه بفضل سياستها الخارجية القائمة على المنفعة المتبادلة دون التدخل السافر في شؤون تلك الدول، فجلبت معها ثقافة العمل، وصارت نموذجاً لسرعة العمل وجودة الإنجاز في العديد من دول العالم، في الوقت نفسه الذي عمدت فيه إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه توتير الأجواء مع الشركاء. وبناء على ذلك النهج استطاعت كل من الإمارات والصين أن تشيدا علاقة مميزة استفاد منها البلَدان، وها هي تلك العلاقة تتجاوز الأطر التقليدية لتشمل اليوم مجالات التكنولوجيا والذكاء الصناعي والطاقة المتجددة والبحث العلمي والفضاء والصناعة والتبادل الثقافي. ويعود أول اتصال بين الدولتين إلى سنة تأسيس الاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971 حين بعث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، برقية إلى «شو أن لاي» رئيس مجلس الدولة الصيني آنذاك لإبلاغه بقيام اتحاد دولة الإمارات، وقد رد شو أن لاي ببرقية تهنئة إلى الشيخ زايد تضمنت اعتراف الصين بدولة الإمارات، ليتم في نوفمبر 1984 ارتباط البلدين بعلاقات دبلوماسية رسمية لا تزال تتطور بشكل إيجابي حتى اليوم. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :