تعرّف على رواد إعادة تدوير جريد النخيل

  • 11/1/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في هذا المقال، يتحدث السيد عمر عبدالمنعم، الشريك المؤسس لشركة «جريد» لصناعة الأثاث المستدام، إلى أليشا بولر حول أهمية إعادة استخدام جريد النخيل في تعزيز اقتصاد المنطقة. البدايات تُعرف منطقة الشرق الأوسط بتمورها الشهية، وتحتل مصر مكانة بارزة في مجال زراعة أشجار النخيل في المنطقة بواقع 12 مليون شجرة تقريبًا موزّعة في مختلف أنحاء البلاد. ولكن بمجرد الانتهاء من قطاف التمور، تتجمع ملايين الأطنان من مخلفات (جريد) النخيل ليتم حرقها في الحقول سنويًا. تأسست الشركة الناشئة «جريد» في القاهرة في عام 2013 على يد ثلاثة شباب مصريين بهدف الحد من تفاقم مشكلة المخلفات الزراعية. انبثقت فكرة الشركة من مشروع تخرج جامعي، وهي تُعد الآن أول شركة مصرية تُصنّع أثاثًا مستدامًا وصديقًا للبيئة من منتجات «خشبية» من أشجار النخيل في العالم. ويتحدث عمر عبدالمنعم، الشريك المؤسس لشركة «جريد» ذو الثمانية والعشرين عامًا، إلى «حوار الشرق الأوسط» قائلًا «لا يوجد لدينا غابات في مصر، وبالتالي فإن %100 من أخشابنا مستوردة، حيث تستورد مصر أخشابًا بقيمة تصل إلى نحو 1.5 مليار دولار سنويًا، ومن هنا، فإن إنتاج بديل محلي للأخشاب سيكون كفيلًا بإنعاش اقتصادنا المصري وحماية كوكبنا من خلال إعادة استخدام جريد النخيل». ويُثني عبدالمنعم، الذي تخرج في كلية الهندسة الميكانيكية، على الدكتور حامد الموصلي، أستاذه في الجامعة ورئيس مجلس إدارة المؤسسة غير الحكومية «الجمعية المصرية للتنمية الذاتية للمجتمعات المحلية Egycom»، الذي قدم له الدعم اللازم لترى فكرة الشركة النور. ويتابع عبدالمنعم قائلًا «بتوجيه وإرشاد من د. الموصلي، تمكنا من إجراء عدة تجارب بالمواد المستدامة المستخلصة من النخيل. بعدها، تواصلنا مع أفضل المصممين في مصر وطلبنا منهم إعداد بعض تصاميم الأثاث المميزة والعصرية التي يمكن تسويقها وتصديرها. لقد كان الجميع مهتمًا ومتحمسًا، وذلك لأن المواد التي استخدمناها جديدة ومبتكرة وصديقة للبيئة، يُطلق على جريد النخيل مصطلح «مادة متجددة سريعة» وذلك لأنه يُنتج سنويًا». ولكن ما يميّز شركة «جريد» ويجعلها أكثر تفرّدًا هو عمّالها الوافدون من القرى المصرية الفقيرة؛ مما يولد لهم دخلًا هم في أمس الحاجة إليه، وينعش سبل الحياة في أكثر المناطق فقرًا في أكبر دولة بالعالم العربي. إلى جانب ذلك، تنتج الشركة جميع تصاميم الخشب المصنوعة من النخيل على يد عمال مصريين محليين من القرى الصغيرة، مثل قرية القايات، التي تعد واحدة من أكثر المناطق فقرًا في محافظة المنيا بصعيد مصر. وقد حازت الشركة، بأثرها المستدام وتأثيرها الاجتماعي الملموس، اهتمام ودعم وتمويل مبكر من العديد من الجهات مثل السفارة اليابانية في مصر، والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي SIDA، ومؤسسة إنجاز مصر. وبفضل هذا التمويل، يقول عبدالمنعم إن شركة «جريد» قد تمكنت من تمويل مصنع في قرية القايات، إلى جانب تمويل ورشة عمل تقوم عليها النساء لتعليم مهارات صناعة الخشب من جريد النخيل. وحول التحديات التي واجهتها الشركة في قرية القايات، يقول عبدالمنعم «نحن نعمل في قرية من أكثر القرى فقرًا في مصر، ولم تكن البنية التحتية في هذه القرية قادرة على دعم أعمالنا في بادئ الأمر، وقد كان ذلك تحديًا مستمرًا بالنسبة لنا. لم تكن قرية القايات تملك المرافق اللازمة لإقامة المصنع، ولا حتى شبكة المواصلات أو خيارات الرعاية الصحية الضرورية في حال إصابة أحدهم خلال العمل». ويستطرد عبدالمنعم قائلًا «لكننا نملك التقنية المبتكرة، وبالتالي نقوم بتشكيلها لتناسب وضع القرية، وليس إجبار القرية على القيام بالعكس. ونحن نصغي لما يقوله أهل القرية ومن ثم نطبّق خططنا بناءً على ذلك، إذ لا نملك خطة جاهزة نفرض على العاملين من القرية اتباعها». ويضيف عبدالمنعم أن شركة «جريد» قد ابتكرت ماكينة لتصميم خشب جريد النخيل يمكن استعمالها في المنزل، مما يمكّن النساء «اللائي لا يُسمح لهنّ بالعمل خارج المنزل» لأسباب ثقافية من كسب الدخل. وقد صُممّت هذه الماكينة خصيصًا لاستخدامها داخل المنزل، وهي تستهلك الحد الأدنى من الكهرباء ولا تصدر أي ضوضاء أو غبار. ويشرح عبدالمنعم «قمنا بتصنيع هذه الماكينة لنتمكن من الوصول إلى النساء اللائي يعشن ضمن محددات ومقيدات اجتماعية. ففي هذه القرية، يُنظر إلى النساء على أنهن آلات لولادة الأطفال وربات بيوت للعمل داخل المنزل. ولكن عندما بدأنا العمل معهن لمسنا استعدادهن للعمل؛ فهنّ يركزن على أعمالهن، ومدربات على تطبيق التصاميم بسرعة فائقة». ويتابع «النساء هنا يشعرن بالسعادة والرضا لهذا النوع الجديد من التحرر والتمكين ولا يرغبن في العودة إلى حياتهن السابقة، إذ بإمكانهن الآن الحصول على دخل إضافي وفي الوقت نفسه الاعتناء بأطفالهن». حاليًا، تُباع معظم منتجات الأثاث التي تصنعها «جريد» في مصر، إلا أن هنالك خططا تلوح في الأفق لتصدير منتجاتها إلى كل من بلجيكا والسويد وألمانيا. وتعمل الشركة على تصنيع قطع الأثاث القابلة للتجميع حتى تتمكن من تصديرها. وفي هذا الصدد، يقول عبدالمنعم «رؤيتنا بعيدة المدى هي نشر نموذجنا في كل أنحاء مصر والشرق الأوسط. فأشجار النخيل تنتشر بوفرة في كل أنحاء المنطقة من المغرب وحتى الخليج العربي». ويضيف «هنالك نحو 40000 شجرة نخيل في قرية القايات وحدها. أما في منطقة الشرق الأوسط، فيوجد ما لا يقل عن 500 مليون شجرة نخيل، ونحن نريد الاستفادة منها لتطوير المنطقة وإنعاشها».

مشاركة :