أموال الإعلانات تنعش المواقع المضلِّلة!

  • 11/1/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سليمة لبال – اشتهرت بعض المواقع الالكترونية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية بنشر الأخبار الكاذبة أو تلك التي تحض على الكراهية والتمييز. وعلى الرغم من ذلك، فلا تزال هذه المواقع الالكترونية الإخبارية في الغالب تتلقى دعماً مالياً كبيراً من المعلنين، هذه المفارقة دفعت كثيرين، خاصة في قطاع الإعلام إلى التساؤل عن أسباب هذه الظاهرة، التي لا تبدو حادثة معزولة ترتبط بموقع واحد. يعد موقع Santeplusmag.com، من أشهر المواقع الفرنسية، حيث يتابعه على فيسبوك حوالي 8 ملايين مشترك، على الرغم من كونه معروفاً بنشر الاخبار الكاذبة والموضوعات المثيرة. والأنكى أن من تزوده بالإعلانات هي شركة متخصصة في بيع الإعلانات وتعمل مع أكبر وسائل الإعلام في فرنسا مثل صحيفة لوموند. وليست هذه الشركة هي التي تزود هذا الموقع بالإعلانات، بل شركات أخرى واستفسرت صحيفة لوموند عن الموضوع، وعن أسباب هذا التعاون، فردت شركتان بانهما قطعتا علاقتهما بالموقع الالكتروني الذي ينشر أخباراً صحافية كاذبة، لكن بالرغم من ذلك لا تزال إعلانات من شركات أخرى تتهاطل على هذا الموقع، بينها إعلانات AdSense وهو البرنامج الإعلاني التابع لشركة غوغل. ولهذا المثال دلالة ورمزية كبيرة لأنه يربط موقعاً مضللاً ومشهوراً بنشر الأخبار الكاذبة في مجال الصحة برواد الإعلانات على الانترنت. ولا يتعلق الأمر وفق صحيفة لوموند بحالة معزولة، حيث رصدت أكثر من 40 موقعاً غير موثوق، على علاقة بأكثر من 20 شركة تعمل في مجال الإعلانات، ما يدل على أن هذه المواقع لا تجد مشكلة في استقطاب الإعلانات. طفرة في سوق الإعلانات وتعد الطفرة التي شهدتها سوق الإعلان على الإنترنت أحد الأسباب التي تفسر الظاهرة، وكانت هذه السوق قد ورثت عن الصحافة المكتوبة نموذجها الذي يقوم على شراء مساحات إعلانية. لكن النموذج الجديد لا يعتمد على شراء صفحة في وسيلة إعلامية وإنما السيطرة على رؤية فئة معينة من الجمهور. ويحدث الأمر كالتالي: يقوم المعلن في البداية بتحديد ميزانية الحملة الإعلانية ثم يطرق باب الشركة الإعلانية التي ستتكفل بهذه الحملة، وغالباً ما تتضمن الخدمة استهداف الجمهور وفق بروفايلات الأفراد. ويمكن أن تظهر اللافتات التجارية في مختلف المواقع شريطة أن تصل إلى البروفايلات المستهدفة، وأما توزيع الإعلانات فيتم عن طريق خوارزميات وفق نظام مزايدة. لقد خلطت هذه السوق الإعلانية الجديدة كل الأوراق لأن المعلن لا يطرق مباشرة باب وسائل الإعلام، وإنما الوكالات الإعلانية المتخصصة التي يمكن أن توزع إعلاناتها على مئات المواقع المختلفة. حسابات غوغل وفق تحقيق لوموند فإن إعلانات غوغل، AdSense تظهر على صفحات 24 موقعاً من المواقع غير الموثوقة التي أحصتها في البداية وعددها 40 موقعاً. كما تظهر أيضاً إعلانات لشركة تابولا على 12 موقعاً من هذه المواقع ويتعلق الأمر بمواقع إثارة مثل Santeplusmag.com أو Topastuces.net ومواقع دعائية أخرى تابعة لليمين المتطرف مثل Dreuw.info أو Europe-isrqel.org. ويقول آدم سانغولدا مؤسس ومدير شركة توبيرا إن مؤسسته تتعامل بجدية مع موضوع الأخبار الكاذبة، لذلك قرر قطع علاقة مؤسسته مع عدد من المواقع الإلكترونية بعد أن واجهته لوموند بالأدلة، لكن شركة غوغل لم تشأ التعليق على حالات محددة، وقالت إن أي متصفح بإمكانه تنبيه الشركة في حال وجود أي شيء يخالف ميثاق غوغل، لكن هذا الميثاق لا يتضمن الأخبار الكاذبة وإنما المواد الإباحية والعنيفة وبيع السلاح والتقليد.. إلخ. ورغم أن غوغل تستعد لوقف 320 ألف ناشر من شكبتها لاختراقهم قواعدها فإن المواقع التي تنشر الأخبار الكاذبة لا تزال موجودة، ويبدو أن الأمر مرتبطاً بمسائل مالية، ولأن الأمر حساس سياسياً ففي الولايات المتحدة لا تزال غوغل ترفض إقصاء الموقع اليميني المتطرف بريتبارت من إعلاناتها. المعلنون يطلبونها! ذكرت صحيفة لوموند نقلا عن مصادر عدة ان الكثير من المعلنين يطلبون نشر اعلاناتهم في مواقع تنشر الاخبار الكاذبة. ويقول بيير ألبر روكيي من شركة ستوريزي الاعلانية ان شركته لاحظت أن الكثير من المعلنين غير مطلعين بهذا المشكل، ويتركون المجال لمن يشرفون على حملاتهم الاعلانية للتصرف كيف ما شاؤوا. ويضيف: «في فرنسا هناك المئات من المعلنين الذين يدفعون اكثر لتظهر اعلاناتهم على المواقع المضللة التي تنشر أخبارا كاذبة». ضغوط شعبية على الماركات برزت خلال الفترة الاخيرة بعض المبادرات التي يقودها مواطنون مثل مجموعة «العمالقة النائمون» التي تهدف الى الضغط على الشركات التي تظهر اعلاناتها على المواقع التي تنشر الاخبار الكاذبة وغير الموثوقة. ويدعو الفرع الفرنسي لهذه المبادرة، باستمرار على تويتر، الماركات التي تظهر على الموقع اليميني المتطرف بولفار فولتير لسحب اعلاناتها منه. وفي نهاية 2017 تعرض موقع jeuxvideo.com لحملة مشابهة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دعا المغردون المعلنين الى سحب اعلاناتهم للاحتجاج على ظاهرة التحرش المنتشرة على منتدياته. وبالفعل قررت عدة علامات إيقاف حملاتها الإعلانية على الموقع، الذي أعلن فيما بعد، أنه ضاعف عدد المشرفين على إدارة المنتديات. ورغم أن عدد هذه الحملات لا يزال ضئيلاً، لكنها تبدو أحد المفاتيح التي تستطيع تحريك الوضع وإشعار الفاعلين المعنيين بحجم الخطر.

مشاركة :