محللون يعتبرون أن الإفراج عن الملا بارادار والملا ساني هو مجرد تدبير لبناء الثقة مستبعدين إمكانية أن يستطيع أي من هؤلاء لعب دور الوسيط في صفقة بين الولايات المتحدة وطالبان.كراتشي - أفرجت باكستان، الأسبوع الماضي، عن قياديين بارزين اثنين من حركة طالبان أفغانستان، في خطوة تردد أنها جاءت بناء على طلب واشنطن في محاولة لإحياء عملية السلام المتوقفة، غير أن محللين رأوا أن هذه الخطوة لن تدفع بمفاوضات السلام في البلاد. وجاء هذا التطور بعد اجتماع عقد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بين المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، زالماي خليل زاد، ومسؤولين من باكستان وطالبان في الدوحة. وتحدثت تقارير صحفية عن أن إطلاق سراح كل من الملا عبد الغني، المعروف باسم "الملا بارادار"، والقيادي بالحركة أيضا "عبد الصمد ساني" (غير مشهور)، يعد تطورا رئيسيا من جانب أصحاب المصلحة الرئيسيين الثلاثة : الولايات المتحدة وباكستان وأفغانستان. والملا بارادار، كان في يوم ما الشخصية الثانية الأكثر تأثيراً بعد مؤسس حركة طالبان والزعيم الأعلى الملا عمر، لكنه اعتقل من قبل الأجهزة الأمنية الباكستانية في مدينة كراتشي الساحلية (جنوب) بناء على معلومات استخباراتية أميركية في عام 2010، وفق ما نقلت تقارير إخبارية. وفي عام 2013، أعلنت باكستان أنها ستطلق سراح "بارادار" إلى جانب ثلاثة قادة آخرين من طالبان بناء على طلب من الحكومة الأفغانية، لكنه بقي في الحبس من الناحية العملية بسبب رفض الولايات المتحدة. وكانت واشنطن قد أعربت في وقت سابق عن قلقها من إمكانية أن يعود هؤلاء القادة إلى صفوف طالبان. رحيم الله يوسفزاي، الخبير في الشؤون الأفغانية في بيشاور، قال إن "الإفراج عن الملا بارادار والملا ساني هو مجرد تدبير لبناء الثقة لا أكثر من ذلك". وأضاف "إذا كان أحد يعتقد أن أي من هؤلاء يستطيع أن يلعب دورا للتوسط في صفقة بين الولايات المتحدة وطالبان ، فسيكون الأمر مجرد تمني". وتابع أن "بارادار يحظى باحترام طالبان، ولكنه لم يعد مؤثرا لأن الأمور تغيرت بالكامل في السنوات القليلة الماضية". وأشار يوسفزاي إلى أن مقتل الملا عمر، الذي كان الملا بارادار نائبا له، وخليفته الملا منصور، تسبب في تغيير كبير في صفوف حركة طالبان. ووفق "يوسفزاي"، فإن بارادار، وهو في أوائل الخمسينات من عمره، يعاني من بعض المشاكل الصحية ولن يتمكن من لعب دور نشط في محادثات السلام المقترحة. ويعتقد محللون أفغان أن بارادار كان يمكن أن يكون ذا قيمة بالنسبة لجهود السلام لو أنه أفرج عنه عندما كان يتمتع بنفوذ كبير على "المسلحين". من جانبه، وصف رئيس المخابرات الأفغانية السابق "رحمة الله نبيل" إطلاق سراح "بارادار" بأنه "خطوة من إسلام آباد للتهرب من ضغوط الولايات المتحدة المتزايدة". وقال في سياق سلسلة من التغريدات على تويتر "لن يكون لإطلاق سراح الملا بارادار أي تأثير على عملية السلام". ومضى يقول إنه "في عام 2014، تم الإفراج عن خمسة أعضاء رئيسيين في طالبان (صدر إبراهيم، القائد العسكري الحالي، والملا سلام، وفضل حق مجاهد، وداود جلالي، ومير أحمد غول) تحت غطاء السلام، لكن السلام لم يأت". وأضاف أنه إذا كانت باكستان صادقة بشأن السلام فيجب تسليم بارادار إلى أفغانستان أو السماح له بالانضمام إلى مكتب حركة طالبان في الدوحة. المارينز الأميركي بأفغانستان خطة اميركية قد لا تعطي أكلها وكانت باكستان قد توسطت في الجولة الأولى من المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان في إسلام أباد يوليو/ تموز 2015، لكن العملية انهارت بعد أن أعلنت طالبان مقتل الملا عمر، مما أدى إلى صراع مرير على السلطة داخل الحركة المسلحة. وتضاءلت فرص استئناف عملية السلام المتوقفة بعد مقتل الملا أختر منصور، خليفة الملا عمر، في غارة أميركية بطائرات بدون طيار على الأراضي الباكستانية العام الماضي. ومنذ ذلك الحين، جرت محاولات عديدة لإحياء عملية السلام من قبل مجموعة تضم أربع دول هي باكستان وأفغانستان والولايات المتحدة والصين. ولطالما تبادلت إسلام آباد وكابول اتهام بعضهما البعض بتوفير ملاذ آمن للمتشددين. وتسببت سلسلة من الهجمات الإرهابية في البلدين، وحمّل كل جانب الآخر المسؤولية عنها، في زيادة توتر العلاقات بين باكستان وأفغانستان في السنوات الأخيرة. طالبان ترحب بالخطوة ورحبت طالبان بإطلاق سراح بارادار، وهو أحد الأعضاء المؤسسين للجماعة، وأشار المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد إلى أنه "لم يتم إبرام أي صفقات، أو القيام باتصالات" لإطلاق سراحه. ويعتقد محللون أن المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وطالبان - وهي حالة نادرة من الاتصال المباشر بين الجانبين - ستستمر على الرغم من الاضطرابات الأخيرة في أفغانستان التي دمرتها الحرب، وعلى الأخص هجوم قندهار القاتل الشهر الماضي الذي أودى بحياة العديد من كبار المسؤولين بالحكومة الأفغانية وجرح جنرال أميركي. وقال يوسفزاي "إن إطلاق سراح السجناء، بمن فيهم الملا بارادار، كان مطلب طالبان منذ فترة طويلة لأنه يحظى باحترام كبير لهم كنائب سابق لقائد الحركة، إنهم (طالبان) يستغلون إطلاق سراح الملا بارادار ويسوقونه على أنه نجاح كبير لإرضاء مقاتليهم في سياق المحادثات مع الولايات المتحدة". وتابع "لكن كيف سترد طالبان الجميل على هذه الخطوة الأمريكية؟ يجب أن ننتظر بعض الوقت لنرى ذلك". وأضاف "في هذه المرحلة، يمكننا فقط أن نقول بأريحية إن المحادثات بين الجانبين ستستمر على الرغم من الهجمات المستمرة والهجمات المضادة". بدوره، رحب مجلس السلام الأعلى بأفغانستان، وهو أعلى هيئة حكومية مكلفة بالتوصل إلى اتفاق سلام مع طالبان، بحذر بإطلاق سراح بارادار. وقال قاضي محمد أمين، عضو المجلس أن إطلاق سراح الملا بارادار يمكن أن يساعد في إحياء عملية السلام مع الأخذ في الاعتبار خلفيته وآخر التطورات على جبهة السلام. وأضاف "كان ينظر إليه على أنه شخص يريد دائما تسوية سلمية للنزاع".
مشاركة :