أعرب المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، أمس، عن عدم ثقته في واشنطن بشأن المحادثات مع بلاده للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي. ويجري كبار الدبلوماسيين في إيران مفاوضات مع واشنطن منذ نحو عامين (أولا سرا ثم علانية منذ خريف 2013) لإنهاء الخلاف حول برنامج إيران النووي المثير للجدل. وقال خامنئي في كلمة في طهران: «الولايات المتحدة تقول بغطرسة إنه إذا قدمت إيران تنازلات في المسألة النووية، فإنها لن ترفع العقوبات مرة واحدة. وفي ضوء ذلك كيف يمكننا أن نثق بمثل هذا العدو؟». وأضاف: «نحن لسنا ضد المفاوضات.. دعوهم يتحدثوا كما يرغبون، ولكن عليهم التفاوض على أساس الواقع وليس على أساس نقاط خيالية». وبموجب اتفاق مؤقت بين القوى العالمية وإيران بدأ العمل به منذ يناير (كانون الثاني) 2014، وافقت إيران على الحد من نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم التي يمكن أن تنتج وقودا يستخدم في صنع قنبلة نووية. واعترف المسؤولون الإيرانيون بتأثير العقوبات على اقتصاد بلادهم، لكنهم دعوا إلى تبني اقتصاد المقاومة الذي يعتمد أكثر على الإنتاج المحلي عوضا عن الواردات. ويدعم خامنئي حتى الآن المفاوضات وجهود الرئيس حسن روحاني لحل الأزمة، غير أنه استمر في تضمين خطاباته عبارات مثل الأعداء والشيطان الأكبر لإرضاء المتشددين الذين كانت مشاعرهم المعادية للولايات المتحدة أساسية في قيام الثورة الإسلامية في إيران. ويرى بعض رجال السياسة والدين المحافظين أن التوصل إلى اتفاق نووي يعد انتهاكا للسيادة الإيرانية. إلا أن إيران تنفي سعيها للحصول على سلاح نووي، وتؤكد أن برنامجها النووي هو لأغراض سلمية بحتة، وحصلت على رفع محدود للعقوبات مقابل خفض نشاطات التخصيب. وتأتي تصريحات خامنئي بعد يوم من دفاع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن قيادته المفاوضات النووية مع القوى الكبرى أمام نواب في مجلس الشورى (البرلمان) ينتقدون بشدة التنازلات التي منحت، على حد رأيهم، للغربيين. لكن ظريف رأى أن المفاوضات غيرت صورة إيران، التي كان ينظر إليها فيما مضى على أنها «تمثل تهديدا وخطرا على السلام والأمن الدوليين»، وأصبحت بلدا «تصالحيا ومستقرا وقادرا». وأضاف: «اليوم لم يعد أي شخص يتحدث عن تعليق التخصيب (اليورانيوم) وإنما عن مستوى هذا التخصيب». وستكون لخامنئي الكلمة الفصل حول شروط إيران للتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 30 يونيو (حزيران). وأثار خامنئي مجددا الأربعاء احتمال عدم التوصل إلى اتفاق نهائي، ودعا إلى الاعتماد على النفس في مواجهة العقوبات الغربية الشديدة التي تخضع لها إيران، والتي قوضت صادرات البلاد من النفط الذي يعد مصدرا مهما للدخل. وقال: «علينا أن نتحرك حتى لا يلحق ضرر بتقدم الشعب ورفاهه، حتى لو لم يرفع العدو العقوبات»، مؤكدا على ضرورة «خفض الاعتماد على عائدات النفط». وأضاف: «يجب أن نحصن أنفسنا ضد العقوبات». وقد أعلن الاتحاد الأوروبي أن مفاوضات جديدة حول البرنامج النووي الإيراني ستجري في 18 يناير في جنيف على مستوى المديرين السياسيين بين إيران والقوى الكبرى. وقال الاتحاد الأوروبي في بيان إن القوى الست (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) وإيران ستواصل المفاوضات في جنيف يوم 18 يناير بهدف تحقيق تقدم نحو حل نووي شامل للقضية النووية. وأضاف: «سيكون الاجتماع على مستوى كبار المسؤولين السياسيين برئاسة هيلغا شميدت مديرة الشؤون السياسية بالاتحاد الأوروبي». وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اضطر أول من أمس للدفاع عن قيادته المفاوضات النووية مع القوى الكبرى أمام نواب في مجلس الشورى (البرلمان) ينتقدون بشدة التنازلات التي منحت، على حد رأيهم، للغربيين. وأثناء جلسة للبرلمان تخللتها فترات صاخبة، أجاب ظريف عن أسئلة النائب المحافظ جواد كريمي قدوسي الذي كان يتحدث باسم 40 نائبا وقعوا على عريضة تطالب بتوضيحات حول المفاوضات الجارية. وبعد ساعة من النقاش، أعرب 125 نائبا فقط من أصل 229 حضروا الجلسة، عن اقتناعهم بأجوبته، مقابل 86 عدوها غير مرضية. وبين الانتقادات انعقاد جلسات عدة لمحادثات ثنائية مع الولايات المتحدة على حساب الأعضاء الآخرين في مجموعة 5+1 (الصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا)، بحسب قدوسي. وقال إن الفريق الذي يقوده ظريف «أمضى القسم الأكبر من وقته في التفاوض مع الولايات المتحدة»، العدو التاريخي لإيران، منتقدا اتفاق جنيف الذي «لا يحترم الحقوق الإيرانية ويهدد على المدى الطويل» برنامجها النووي المثير للجدل. وسأل: «لماذا تخليتم في جنيف عن قسم من قدرة إيران وتخليتم عن الأوراق الرابحة التي تملكها الأمة خلال المفاوضات؟». ورد وزير الخارجية الإيراني قائلا إن «العالم بأسره ينظر اليوم إلى إيران على أنها لاعب قادر ومنطقي لا يمكن تجاهله».
مشاركة :