بعد غيابٍ، أطلّتْ الفنانة اللبنانية ورد الخال من خلال مسلسل «ثورة الفلاحين» في دورٍ قوبل بتركيزٍ مكثفٍ على أدائها وبراعتها كممثلة، مع أنها لطالما أثبتت أنها ممثلة من الطراز الرفيع في كل ما قدّمتْه خلال مسيرتها الفنية الحافلة.ورد الخال، التي تفضّل الابتعاد عن الشاشة على التواجد لمجرّد التواجد، قالت في حوار مع «الراي» إنها تختار من الأدوار ما يضيف إليها وما يتيح لها تقديم شخصيات جديدة، وذلك حرصاً على اسمها وبسبب شغفها بالمهنة.وفيما اعتبرت أن الكثيرين ممن هم على الساحة الفنية اليوم موظفو تمثيل، بينما الممثلون الحقيقيون قلة، رأت أن الفن تحوّل إلى موضة، وهو ما تجده مؤذياً، «لأن الفن ليس موضة، بل تطوّر وتجدد وإبداع وجودة». • هل ترين أن مسلسل «ثورة الفلاحين» شكّل ثورة في الدراما اللبنانية أم أن هذا الكلام مبالَغ فيه؟- لا شك في أن «ثورة الفلاحين» محطة مهمة في تاريخ الدراما اللبنانية، ولا مبالغة في هذا الكلام، لأن الصورة تتحدّث عنه والعمل في ذاته يؤكد ذلك. الضجة التي أَحْدثها المسلسل وما حقّقه منذ حلقاته الأولى وحتى اليوم يؤكد أنه لا يمرّ مرور الكرام، بل هو عملٌ جَمَع أكبر حد ممكن من المعطيات كي يكون بصمة في عالم الدراما المحلية، بل حتى العربية. وهو خطا خطوات سريعة وحقق قفزة نوعية في الدراما اللبنانية. ولذلك، يمكن القول، ما قبل «ثورة الفلاحين» وما بعده، لأنه أثبت أنه أقوى إنتاج في الدراما اللبنانية. ربما تُقدّم أعمال بعده بمستواه، وهذا سيكون جيّداً ونحن نتمنى ذلك، وربما لا يحصل ذلك، ولكن لن تكون الأعمال التي ستأتي بعده مثله، ولذلك هو علامة فارقة في عالم الدراما المحلية.• هناك شيء لافت ومستغرَب، وهو أن الكثيرين أشادوا بدورك فيه وأثنوا على أدائك الرائع كممثلة، مع أنك قبله قدّمتِ الكثير من الأدوار الناجحة والمميزة، وكأنه تم اكتشافك حديثاً كممثلة بارعة مع أنك صاحبة تاريخ فني كبير وعريق؟- فعلاً هذا ما يحدث، وهو أمر غريب وفاجأني. الناس يحبون الممثل الجيّد تماماً كما يحبون المطرب الذي يغني بشكل جيد. اليوم «صار كلنا فينا نمثّل»، ولكن التمثيل هو إحساس وتفاصيل وقدرة على إقناع المُشاهد، وأن يملك الممثل فن الأداء، وهذا الأمر يشاهده الناس ولكنهم لا يعرفون كيف يفسّرونه. وعندما شاركتُ في «عشق النساء»، ويومها حصلتْ الزوبعة نفسها على أدائي، قال أخي يوسف الخال حين سئل عن الأمر: «ورد مش كتير فظيعة، هي ممثّلة بارعة، والممثّل يجب أن يمثّل بهذه الطريقة»، وهذا الأمر يتكرّر اليوم في «ثورة الفلاحين».• كثيرون تساءلوا بعد دورك في «ثورة الفلاحين» لماذا أنت بعيدة عن الدراما، وهل ابتعادك هو بقرار منك أم أنه يتم تغييبك؟- أنتظر الدور المميز والإطلالة بشخصية جديدة، وهذه هي حال غالبية الممثلين. غبتُ لأنني انتظرتُ دوراً يضيف إليّ، وأنا لا يهمّني التواجد لمجرد التواجد. كل الأدوار مميزة في «ثورة الفلاحين»، والممثّل الأصيل يشعر بأنه يستطيع أن يقدّم كل الأدوار وهو يسعى إلى ذلك بسبب شغفه بالمهنة. عندما عُرض عليّ الدور لم أتردّد في قبوله، لأنه لم يسبق أن قدّمت شخصية شبيهة به، والدور فيه تحدٍّ في الأداء، وفي الأساس كلوديا مرشليان وجدتني فيه، ما أعطاني دفعاً لتقديمه من قلبي لأنه كُتب خصيصاً لي. وكما أنتظر دائماً أعمالاً وأدواراً جديدة، فإنني أحترم أيضاً صبر المُشاهد وأحترم مهنتي، من خلال تقديم أعمال جيدة تكون عند حسن ظن الناس. لست مغيّبة، بل موجودة دائماً في حسابات المُنْتِجين، لأنهم يقدّرون موهبتي والمكانة التي وصلتُ إليها، ولا يوجد شيء ضدي. هناك ظروف معينة ولعبة إنتاج ومحطات وأشياء أخرى أكبر منا، إضافة إلى موضة مسلسلات تجارية للاستهلاك السريع لا يناسبني التواجد فيها، لأنها تتطلب أعماراً معينة ولا تحتاج إلى ممثلين بقدرات عالية، ومن الطبيعي أن أتغيّب عنها، بهدف الحضور في أعمال وأدوار جدية.• وهل ترين أن شقيقك يوسف مغيّب عن الدراما اللبنانية؟- لا أسمح لنفسي بالإجابة عنه، وابتعاده لا يعني بالضرورة أنه مغيَّب. وقد تكون لهذا الغياب ظروف معينة وقد لا يكون هناك أي شيء. عندما يصنع الفنان اسماً، فإنه يحرص عليه كثيراً ويخاف من الدعسة الناقصة وتكون لديه متطلبات معينة، وأنا ويوسف متشابهان من هذه الناحية. يوسف مطلوب جداً واسمه هو الأول عند المُنْتجين، ولكن وجوده يرتبط بشروط وظروف ومتطلبات وغيرها، وهو يعمل وفق استراتيجية معينة، بينها التواجد في الموسم الرمضاني أو خارجه وسواها من الأمور.• مع الفورة التي يشهدها الإنتاج المحلي، هل ترين أن الدراما اللبنانية بخير، أم أن الإنتاج دون المستوى؟- الدراما اللبنانية ليست بألف خير، وهناك حركة إنتاجية ضمن الظروف والإمكانات المتاحة. كل مُنْتِج وكل شخص يعمل في المجال يطمح إلى التقدم وتقديم أعمال مهمة ترفع مستوى الدراما، ولكن ينقصنا دعم المحطات والدولة وغيرها. أنا مع النوعية ولست مع الكمّ. ولأن الكم يؤكد أن هناك مَن يعمل ويعيش من وراء المهنة، لا يمكنني أن أكون ضده. يفترض بنا أن نبقى في حركة دائمة، مع الأخذ في الاعتبار الجودة وليس الكم فقط، وإلا يكون هناك الكثير من الاستسهال. النوعية ضرورية كي نرتقي بمستوانا الدرامي ونتقدّم ونتطور، خصوصاً أن مَن يحيطون بنا يسيرون بخطوات ثابتة، ومنهم مَن وصل إلى العالمية. ونحن لا ينقصنا سوى النوعية - حتى لو كان الإنتاج صغيراً - من خلال اختيار ممثلين في أدوار مناسبة بدل اللجوء إلى المحسوبيات وبمَن يقبلون بأجور ضئيلة.• ثمة نجمات جديدات وأسماء معينة يتم التركيز عليها بشكل مكثف درامياً، فهل هذا الأمر يدخل في إطار المحسوبيات؟- هذا الأمر يرتبط بالموضة. للأسف تحوّل الفن إلى موضة، وهذا مؤذٍ لأن الفن ليس موضة، بل تَطوُّر وتَجَدُّد وإبداع وجودة. اليوم كل مَن يخطر على باله التمثيل يدخل المجال، ولذلك نحن نتراجع. عندما نقول عن «ثورة الفلاحين» إنه جميل، فليس لأننا نشاهد «كادر» جيداً وإنتاجاً جيداً فقط، بل لأننا نشاهد أيضاً ممثلين جيدين في أماكنهم، يؤدون أدوارهم بجدية ومهنتهم هي الوقوف أمام الكاميرا، ولا يعرضون أشكالهم، بل إبداعهم وبراعتهم وأداءهم وكل ما في داخلهم وليس خارجهم. الأسماء الجديدة يحتاج إليها المجال دائماً شرط أن تتعامل مع المهنة بجدية وأن تكون موهوبة، لا أن يكون هدفها الشهرة ولا علاقة لها بالمهنة من قريب أو بعيد. أنا ضد إعطاء الفرص لغير الموهوبين لأنهم يضرون بالمهنة وبالممثل اللبناني وبالدراما اللبنانية. وجودهم يعني أنهم يتعاطون مع المهنة كـ «بزنس» في إطار محسوبيات معينة. إما أن يكون الشخص ممثلاً أو لا يكون ممثلاً، وكثيرون هم موظفو التمثيل وقلائل هم الممثلون الحقيقيون. • هل من مشاريع جديدة للفترة المقبلة؟- عجلة الإنتاج للسنة الجديدة وتلك الخاصة بدراما رمضان بدأتْ بالتحرك تدريجياً. هناك مشاريع عدة عُرضت عليّ من داخل لبنان وخارجه، وهي بانتظار التبلور خلال الفترة المقبلة، ولا يمكن أن أتحدث عنها الآن، لأننا لم نتفق عليها.
مشاركة :