شبكات الأخبار الكاذبة تستغل قضية خاشقجي لإذكاء الحرب الدعائية

  • 11/2/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت تحليلات خبراء إعلام ووكالة رويترز للأنباء عن وجود كم كبير من المواقع الإخبارية وحسابات آلية وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي استغلت مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي لشن حرب إعلامية ضد الحكومة السعودية، عبر معلومات مزيفة نسبتها لوسائل إعلام سعودية بما فيها وكالة الأنباء الرسمية “واس”. لندن - لم تحظ قضية بكم هائل من الأخبار الكاذبة التي تتناولها كما حظيت قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي، حتى أن وكالات أنباء كبرى ووسائل إعلام عالمية، تداولت الأنباء المضللة والشائعات ونسبتها لمصادر سعودية. وفي 20 أكتوبر نشر موقع صحيفة الأوطان الإلكترونية تقريرا مزيفا عن إعفاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من ولاية العهد. ونسب الموقع إلى وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) وقال إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وقّع مرسوما بعزل الأمير محمد على خلفية الضغوط المتنامية التي اقترنت باختفاء الصحافي جمال خاشقجي. كان التقرير مزيفا. فلم يحدث أن نشرت واس مثل هذا التقرير وتمت الاستعانة في صياغة الخبر والصورة المصاحبة له بمرسوم ملكي صدر من قبل عن عزل ولي العهد السابق. ويعد التقرير والموقع الذي نشره جزءا من حملة إعلامية شرسة أعقبت مقتل خاشقجي، وكان هناك جهد واضح يسعى إلى تلطيخ الصورة بشكل عام باستخدام مواقع الأخبار الكاذبة وحسابات الرسائل الآلية لإثارة حالة من الارتباك عن التطورات داخل حكومة المملكة. وبين تحليل أجرته رويترز أن موقع صحيفة الأوطان الإلكترونية واحد من شبكة تتألف مما لا يقل عن 53 موقعا، تدعي أنها منافذ إخبارية حقيقية باللغة العربية، شاركت في نشر معلومات زائفة عن الحكومة السعودية ومقتل خاشقجي. وقال محققون في شركة كليرسكاي الإسرائيلية لأمن الإنترنت إن استعراضا لعناوين الخوادم المضيفة وتفاصيل التسجيل أوضح أن هذه المواقع تعمل في إطار شبكة واحدة. كما أن الكثير منها تتشابه تصميمات صفحاته وعناوينه الإلكترونية أو ينشر تقارير واحدة أو متشابهة من الأخبار الكاذبة. وكان التقرير الذي نشرته صحيفة الأوطان الإلكترونية عن إعفاء الأمير محمد وتعيين شقيقه وليا للعهد بسبب مقتل خاشقجي نموذجا مثاليا لهذه التقارير. وذكر تقرير آخر نشره موقع اسمه “awwtarnews.com” في 22 أكتوبر أنه تم تغيير أحد مساعدي الأمير محمد للسبب نفسه. ولم يكن ذلك التقرير حقيقيا. وبعد نشر تقارير الأخبار الكاذبة على الإنترنت عمدت الحسابات الآلية إلى نشرها على تويتر واستخدم كثير منها روابط لمواقع متعددة من مواقع الشبكة. وأوقف موقع تويتر هذه الحسابات بعد أن تلقى استفسارات من رويترز عنها. شبكة تتألف من 53 موقعا، تدعي أنها منافذ إخبارية حقيقية شاركت في نشر معلومات زائفة عن الحكومة السعودية وتبيّن تفاصيل المواقع أن شخصا يدعى محمد ترابي له عنوان مسجل في مصر هو صاحب أغلبية المواقع الثلاثة والخمسين ومشغلها. وعند الاتصال به هاتفيا رد شخص قال إنه محمد ترابي وأكد أنه صاحب المواقع لكنه أغلق الهاتف عندما طلب منه تقديم المزيد من المعلومات. وفي تعليقات لاحقة بالبريد الإلكتروني نفى صلته بالشبكة وقال إنه لم يفهم الأسئلة التي طرحت عليه هاتفيا. وقال “آسف لا أستطيع أن أفيدكم. ليست لي أي صلة بالمواقع التي تتحدثون عنها”. من جهتها، قالت ليزا ماريا نيوديرت الباحثة بمعهد أكسفورد للإنترنت التابع لجامعة أكسفورد إن موت خاشقجي ساهم في إبراز السبل التي تستطيع الحكومات بها التلاعب على نحو متزايد بالمعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأغراضها السياسية. وقالت “إنشاء صفحات للتضليل الإعلامي تدعي أنها تنشر أخبارا حقيقية للتأثير في قضايا جارية خلافية ومثيرة للجدل باستخدام حسابات وهمية وأفراد غير حقيقيين لإخفاء أصحاب الهجمات الحقيقيين يمثّل إلى حد ما ألف باء الدعاية الإلكترونية”. وينشط خصوم السلطات السعودية أيضا على الإنترنت. فقد تعرفت فيسبوك وشركات أخرى على عملية يشتبه أنها إيرانية استخدمت في أغسطس الماضي شبكة من المواقع الإخبارية الوهمية وحسابات التواصل الاجتماعي الوهمية لنشر معلومات مضللة استهدفت السعودية. ونفى مسؤولون إيرانيون هذه الاتهامات ووصفوها بأنها “منافية للعقل”. بدورها، قالت تويتر إنها ألغت عددا كبيرا من الحسابات لمخالفتها شروط الاستخدام على مدار الأسبوعين الماضيين وكان منشأ الكثير منها منطقة الخليج. وقال متحدث باسم تويتر “الاستغلال المتعمد للمنصة والرسائل المزيفة الموجهة للمستخدمين من خلال عمليات منسقة تمثل انتهاكا لقواعد تويتر وسنواصل تطبيق سياساتنا بصرامة”. وقالت رويترز أن مثل هذه الحسابات الوهمية ومستخدمين سعوديين نشروا مرارا وسوما على تويتر منها “مخابرات قطر تقتل خاشقجي” و”السعودية الأعظم” وذلك رغم أنها لم تتوصل إلى دليل على أن القحطاني أو المسؤولين في الحكومة السعودية يتحكمون في تلك الحسابات أو يوجهونها. واتهمت صحيفة سبق أكبر الصحف الإلكترونية السعودية وسائل الإعلام العالمية بما فيها رويترز باستخدام اختفاء خاشقجي لمحاولة النيل من الحكومة وأصدرت بيانا في 21 أكتوبر قالت فيه إن تقريرا إخباريا زائفا انتشر مستخدما اسمها. وقال أوهاد زايدنبرغ المحلل بشركة كليرسكاي إن الموقع الذي اكتشفت رويترز أنه ينشر أخبارا زائفة عن الحكومة السعودية يعمل في إطار الشبكة ذاتها منذ 2017. وأضاف زايدنبرغ، الذي سبق أن تتبع حملات الدعاية الإلكترونية لحساب وحدة استخبارات النخبة الإسرائيلية 8200، أنه تم إغلاق جميع هذه المواقع باستثناء ثلاثة مواقع رغم أنه لم يتضح الطرف المسؤول عن إغلاق الشبكة. غير أن المواقع التي لا تزال تعمل على الإنترنت وكذلك النسخ المحفوظة من المواقع التي تم تعطيلها تسلط الضوء على عمليات الشبكة وأهدافها المتمثلة في تقويض الرواية الرسمية السعودية للأحداث وإثارة حالة من الارتباك حول حكومتها. وقال زايدنبرغ “السعودية تعتبر واحدة من القوى الرئيسية في الشرق الأوسط. ومن ثم فإن كثيرين من مديري مواقع الأخبار الكاذبة يستهدفون الجمهور السعودي بوتيرة متزايدة”. وأضاف أنه لا يمكن التعرف على الجاني في المرحلة الحالية. وامتنعت شركات هتزنر وجودادي وكلاودفلير لاستضافة المواقع ودعمها عن الكشف عن أي معلومات عمن يدير المواقع مستندة إلى سرية بيانات العملاء.

مشاركة :