في مرات كثيرة عندما أكون في انتظار الخباز لشراء الخبز التقليدي، يخطر ببالي أن أكتب عن الحال غير النظيف الذي أراه ويراه كل من يرتاد (الخبابيز)، وهنا لا أتحدث عن خباز معيّن، فمعظم المخابز تعاني من سوء النظافة، والكل يعلم أن عمل الخبز يحتاج إلى عجن وتحوير وتدوير ولصق في التنور واستخراجه منه وتسليمه إلى الزبون، وجميع تلك الخطوات تحتاج إلى عناية فائقة بالنظافة، وفي فصل الصيف تزيد الحالة سوءا، فلا اهتمام بنظافة اللباس ولا في وقت تدوير الخبز ولصقه في التنور، وترى بعض الخبازين يعملون بلباس متسخ جدا، وكأنهم يعملون في كراج لتصليح السيارات وليس في خباز، فتارة تراه يحكّ شعره، وتارة ثانية يجفّف عرقه بـ(فوطة) وضعها على كتفه. من دون مبالغة نقول إن مظهر ونظافة بعض الخبازين لا يسرّان عاقلا واعيا، فالكثير من الناس يقولون إنهم إذا ما أرادوا شراء الخبز يتعمّدون عدم النظر إلى الخباز وهو يعمل الخبز، حتى لا يرون ما تكرهه نفوسهم، هذا الكلام ليس موجها إلى الخبازين بقدر ما هو موجه إلى الجهات المسؤولة عن مراقبة النظافة في مثل هذه الأماكن التي تصنع الخبز للناس، وأقصد بذلك وزارة الصحة، فلا بد أن تفرض على الذين يعملون في المخابز التقليدية زيّا معيّنا مطابقا للمعايير الصحية، ولا يسمح لأي خباز أن يمارس مهنة الخبازة من غير أن يلتزم بارتداء اللباس الخاص بمهنته. فمن غير المقبول أن نرى خبازا حاسر الرأس، فهناك كثير منهم لا يلتزم بالحد الأدنى من المتطلبات الصحية ولا بأبسط قواعد النظافة، وهذا يعطي انطباعا لدى الناس أن ما يحدث في المخابز من تجاوزات صحية وتهاون بالنظافة، يدل بوضوح على أنها لا تخضع لرقابة صحية من قبل الجهات المعنية بهذا الشأن. ما نقوله ليس خافيا على أحد، فبإمكان أي فرد أن يراه بمجرد ذهابه إلى الخباز ولو لمرة واحدة. وكل أملنا أن تعمل وزارة الصحة على مراقبة دقيقة للأماكن التي لها علاقة مباشرة بصحة الإنسان؛ لما لهذا الأمر من أهمية كبرى، ولا بد أن تفكر الصحة في آلية أخرى لصناعة الخبز التقليدي تكون أكثر أمانا وإنتاجا ونظافة من الطريقة التقليدية المعمول بها حاليا، فبعض الدول منذ زمن ليس بالقصير قد استخدمت الأفران الآلية التي تعمل بالغاز، وهناك طرق أخرى مبتكرة لصناعة الخبز يمكن الأخذ بها بدلا عن الطريقة التقليدية. كما نأمل من الجهة المعنية بحماية المستهلك في البلاد، أن تمنع استخدام أكياس (النايلون) في المخابز التقليدية منعا باتا، خصوصا إذا كان الخبز حارا، واستبدالها بأكياس مصنوعة من الورق؛ لما لذلك من أهمية في وقاية الناس من إصابتهم بالأمراض الخطيرة؛ لأن وضع الخبز حارا في الكيس المصنوع من النايلون مباشرة يجعله يتسرطن كما بيّنت الدراسات الصحية العالمية.