العنصرية في العالم الغربي موجودة.. تفضحها السياسات الخارجية للدول.. ولكنها في الشأن الداخلي تعد من المحرمات لتأثيرها الكبير على أمن واستقرار المجتمع، وتؤكد اهتمام الحكومات بمكافحة العنصرية تلك التصريحات المعلنة بالابلاغ عن أي مظاهر لها.. شاهدت ذلك مكتوباً على لوحة بارزة في قسم الشرطة الذي كنت أتردد عليه كلما قمت بتجديد (الفيزا) خلال السنوات التي قضيتها في الديار البريطانية. ولعل أكثر ما يلفت النظر في الشارع الغربي أن المضايقات التي يلقاها (السود) وبقية ألوان البشر من غير (البيض). تصدر غالباً من أفراد غير منضبطين.. مدمنو مخدرات أو متعاطو خمور أو جهلة.. وهم في النهاية قلة؛ لا يحكمهم نظام.. ولا يردعهم عقاب.. ويستطيع العاقل أن يتجنب خطرهم بتجنب الخروج في المساء وخاصة في الليالي الحمراء.. ولكن ذلك الرجل (الأسود) لم يكن يتجول آخر الليل لقد كان يجلس في الطائرة إلى جوار امرأة (بيضاء) تبلغ من العمر قرابة الخمسين عاماً.. وقد كانا على إحدى رحلات الخطوط الجوية البريطانية المتجهة من (جوهانسبيرج) بجنوب أفريقيا إلى (لندن) قبل أن تكشف تلك المرأة عن (عنصرية) صريحة وتعبر بكل (وقاحة) عن تضايقها من الجلوس إلى جوار ذلك الرجل صاحب البشرة السوداء، تعامل المضيفة بل الخطوط الجوية البريطانية مع الموقف كان عجيباً. الحوار الذي وصلني كان يحمل الكثير من التشويق.. لن أتجاوزه وسأترككم معه منقولاً بتصرف: المرأة: من الواضح أنك لا تشعرين بمعاناتي، لقد أجلستموني بجانب رجل أسود، وأنا لا أوافق أن أكون بجانب شخص (مقرف).. يجب أن توفروا لي مقعداً بديلا. المضيفة: اهدئي يا سيدتي، كل المقاعد في هذه الرحلة ممتلئة تقريباً، لكن دعيني أبحث عن مقعد خال. غابت المضيفة لعدة دقائق ثم عادت وقالت للمرأة: سيدتي، كما قلت لك، لم أجد مقعداً واحداً خالياً في الدرجة السياحية.. كما لا توجد أيضاً أي مقاعد شاغرة في درجة رجال الأعمال.. هناك فقط مقعد واحد خال في الدرجة الأولى.. وقبل أن تنطق المرأة بأي شيء، واصلت المضيفة قائلة: ليس من المعتاد في شركتنا أن نسمح لراكب من الدرجة السياحية أن يجلس في الدرجة الأولى؛ لكن بسبب هذه الظروف الاستثنائية فإن الكابتن يشعر أنه من غير اللائق أن نرغم أحداً أن يجلس بجانب شخص (مقرف) لهذا الحد، لذلك والتفتت المضيفة نحو الرجل الأسود وقالت: سيدي، هل من الممكن أن تحمل حقيبتك اليدوية وتتبعني، فهناك مقعد ينتظرك في الدرجة الأولى.
مشاركة :