الملاحظ أن الكويت تشهد في الآونة الأخيرة كماً هائلاً من المشاريع الخاصة بتطوير الطرق والجسور لتسهيل حركة المرور. والملاحظ أيضاً أننا يوماً بعد يوم نتذمر و«نتحلطم» من حجم الاختناقات المروية التي نعانيها حتى داخل المناطق السكنية! ازدحام في كل مكان وزمان، صباحاً ومساءً، في أوقات الذروة وحتى في الأوقات العادية، ولعل ما شهدناه طوال أيام الأسبوع الماضي خير دليل على ذلك!نعلم أن أعمال التشييد المستمرة لتلك المشاريع هي سبب آخر لهذا الزحام الذي قد لا ينكره الجميع ولا يطيقه أيضاً! وإن كنا قد صبرنا طول هذه المدة، فالأمل معقود على أن تنتهي هذه المشكلة مع انتهاء هذه المشاريع التطويرية العملاقة، ولكن واقع الحال يقول إن المشكلة مستمرة طالما استمرت الدولة على هذا النهج التفكيري الآني ومع الأسف السطحي!مشاريع كثيرة شهدناها في السنوات السابقة كان نتاجها مزيداً من الازدحام والأدهى والأمر الحوادث المرورية المتكررة! ولعل مثال دوار الجهراء «الشيراتون» خير دليل على ذلك. فبعد خمس سنوات تقريباً من انتهاء المشروع، تم إغلاق المنفذ المؤدي إلى الدائري الأول بسبب الحوادث المتكررة فيه! فهل كان صانع القرار غائب الوعي والتفكير بما يمكن أن يكون نتاج هذا التصميم الفاشل! وما أخشاه هو وأنه بعد طول انتظار، أن تشهد الشوارع الحديثة اختناقات أخرى شبيهة بما نعانيه الآن!وإن كنا نفتخر بالسابق بجودة البنى التحتية والشوارع السريعة وحداثة الطرق، إلا أننا شهدنا تراجعاً واضحاً وملموساً في ذلك، وتقدمت علينا دول كثيرة سعت وبكل جهودها إلى إيجاد حلول واقعية وسليمة للمشكلة، ولا أحتاج أن أدلل على ذلك سوى بالرجوع إلى التقرير الصادر من (World Economic Forum)، الذي يشير أن ترتيب الكويت في جودة البنى التحتية للطرق وصل إلى المرتبة 63 على مستوى دول العالم!لا أعلم إن كانت الدولة تدرك أو لا ربما لا تعي أن الحل ليس فقط بإنشاء الطرق وصرف الأموال، وأن يكون تفكيرها إستراتيجياً وطويل الأمد، لأن كل المشاريع التي شهدناها في الماضي لحل مشكلة معينة جاءت بناء على نظرة قصيرة، تضخمت معها المشاكل المرورية بمجرد انتهائها!ولا أعلم لماذا لا تفكر الدولة في مشاريع أخرى موازية لحل هذه المشكلة، كتشجيع وسائل النقل الجماعي لطلبة المدارس وموظفي الدولة ومنحهم مزايا مالية وتشجيعية لاستخدام هذه الوسائل!ولا أعلم لماذا توقف مشروع القطار والسكك الحديدية التي أعلن عنه في الماضي، والذي كان يدعي فيه مسؤولونا أن افتتاحه سيكون في عام 2018، وها هو 2018 ينقضي من دون أن نشهد مسمارا واحدا في هذا المشروع الحيوي الذي بلا شك سيساعد في حل جزء من مشكلة الازدحام المروري القاتل!لا أعلم لماذا تتساهل الدولة في منح رخص القيادة من دون رادع، وإن كان الرادع موجودا فإن الواسطة كذلك موجودة، لذلك نلاحظ أن الكل والجميع يملك رخصة قيادة حتى من العمالة ذات الأجور المنخفضة التي من المفترض أن يتم تشجيعها على استخدام وسائل النقل العامة، التي هي أصلاً بحاجة إلى تطوير وإصلاح شامل!ولا أعلم إن كانت الدولة لا تعي ضرورة إنشاء مراكز حكومية في المشاريع السكنية الجديدة وخلق فرص عمل ومشاريع تجارية في تلك المشاريع لإبعاد الضغط والازدحام عن مدينة الكويت والمناطق المجاورة لها! دول كثيرة خطت على هذا النهج وأنشئت مراكز ومنشآت حكومية بعيدة عن مناطق التجمع العمراني وتجاوزت مشكلة الازدحامات المرورية، وما علينا نحن سوى أن نتفرج ونتحسر على واقع حالنا!لا أعلم إن كان صاحب القرار يعلم أو لا يعلم أننا جميعاً نئن ونندب حظنا ونحزن على تلك الازدحامات المرورية الخانقة يومياً ونحن نقول ونغني أغنية المطرب المصري الشهير أحمد عدوية «زحمة يا دنيا زحمة»!
مشاركة :