عامان على رئاسته الجمهورية اللبنانية: ليس لميشال عون ما يخسره

  • 11/4/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

احتفل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون بانتهاء عامين على حكمه، فاستــــدعى بعض الإعلاميين ليطرح عليهم ما تم إنجازه في عهده. إذا كانت التعليقات السياسية لم توفر المقابلة من السلبيات، فإن ما طرحه الرئيس يستدعي التعليقات على ما اعتبره إنجازات. أول مظاهر الفشل وأهمها بالنسبة للعهد يتصل بتشكيل الحكومة. صحيح أن الأيام الأخيرة أظهرت مكان العقدة عند «حزب الله»، إلا أن مسار التشكيل منذ التكليف كان محمّلاً بعقد تقع على عاتق الرئيس شخصياً وعلى التيار الذي يمثله. لم يسهّل الرئيس تشكيل الحكومة التي يفترض أن تكون حكومة وحدة وطنية. سيطرت على العهد وتياره عقد الاستئثار بالسلطة وإلغاء قوى يراها منافسة له. عاش البلد شد حبال طويل قبل أن يقتنع العهد بإعطاء حصة للتمثيل المسيحي وفق ما يستحق وفق الأحجام. هذه العقلية التي أدير بها تشكيل الحكومة لا تصب بتاتاً في مصلحة الرئيــــس ولا في إنجازاته. فالرئيس أعلن نفسه منذ أن أتى إلى الحكم بأنه «بيّ الكل»، وأنه الجامع للوحدة الوطنية اللبنانية. لم يسلك هذا التوجه مطلقاً. في المقابل، لا ينسى المواطن اللبناني أن تعقيدات الأشهر الماضية كانت مزدوجة، من العهد ومن «حزب الله» على السواء، الحزب الذي ينتظر التطورات الأميركية الإيرانية ليبني على الشيء مقتضاه. وهو في الأصل يريد حكومة تكون له الهيمنة فيها، وهو أمر أفصح عنه مراراً، ولم يكن بعيداً في هذا المجال عن التفاهم مع رئيس الجمهورية طوال الفترة الماضية. موضوع آخر يفخر بإنجازه الرئيس وهو المتعلق بقانون الانتخابات الذي يقوم على النسبية. بعد إجراء الانتخابات والنتائج التي ترتبت عليها، يمكن القول إن القانون المنجز يحمل من السيئات أكثر بكثير من الإيجابيات. لقد أنتج الطبقة السياسية نفسها، وبوجوه أسوأ مما انتجه القانون الـــسابق. في كل حال ما جرى من جدال حول القانون وضرورة تعديله بعد إقراره مباشرة كاف لتقييم طبيعة هذا القانون، حيث لم يكن أحد ممن أقره موافقاً على مضمونه. يفخر الرئيس بإنجازات اقتصادية حققها عهده، في طليعتها إنجاز موازنتي العامين 2017 و2018، بعد أن توقف إعداد الموازنات منذ تسعينات القرن الماضي. لا شك أن إنجاز الموازنة أمر مهم وإن يكن من البديهيات في عمل الدولة. ما فات الرئيس الإشارة إليه ما يتصل بانعدام الإصلاحات في هاتين الموازنتين. اقتصر الأمر على مجموعة أرقام متراصة لها أهميتها لجهة إدارة الواردات والنفقات. ويفخر الرئيس بأن مؤتمرات مالية دولية عقدت في عهده ستساعد لبنان على الخروج من أزماته الاقتصادية أو الحد منها. ويأتي في طليعة هذه المؤتمرات مؤتمر «سيدر» الذي عقد منذ أشهر وحمل وعوداً للبنان بحوالي 12 بليون دولار. لكن هذا المؤتمر مشروط تنفيذ بنوده بتشكيل الحكومة وإنجاز إصلاحات بنيوية. إن المراوحة في الخروج من أزمة الحكم اليوم قد يطيح بمؤتمر «سيدر» كما جرت سابقاُ الإطاحة بمؤتمرات غيره. وهو خطر جعل رجال الاقتصاد يرفعون الصوت عالياً من أجل تشكيل الحكومة والسير بالإصلاحات قبل نفاد الوقت وخسارة ما تقرر. وما يفخر به الرئيس أن عهده قدم للبلد خطة اقتصادية شاملة عرفت بخطة ماكينزي، وهي خطة تنتظر أيضاً تشكيل الحكومة وترجمة البنود الواردة فيها. ما لا يستطيع الرئيس أن يفخر به هو ما يتصل بالخدمات العامة وحاجات المواطن. أولى المشكلات ما يتعلق بأزمة الكهرباء التي يزداد عجزها شهراً بعد شهر. على رغم أن تيار العهد كان مسؤولاً لسنوات عن قطاع الكهرباء، ووعد اللبنانيين بكهرباء 24 على 24، انتهت بما يشبه التعتيم الشامل، فإن البلد يشهد كذبة على صعيد تأمين الكهرباء في المستقبل. ما شرعته الدولة هو المولدات في كل مكان، وأوكلت القطاع إلى مافيا المولدات الذين يتصرفون في وصفهم أقوى من الدولة، وقسم من هؤلاء على ارتباط وثيق وعلاقة عمل مع عدد من القوى السياسية والطائفية. وأي مشروع ستقوم به الدولة لبسط سيطرتها على قطاع الكهرباء سيصطدم بهذه الطبقة الجديدة من المافيا التي سيكون بمقدورها منع إعادة كهرباء الدولة إلى المواطن. فشل آخر متصل بضبط المالية العامة والحد من العجز في الموازنة. فالأرقام الرسمية تشير إلى عجز هذا العام تجاوز الستة بلايين دولار، في ظل عجز كبير في النمو الذي لن يصل أبعد من واحد في المئة. ويبقى أخيراً وليس آخراً موضوع الفساد، الذي وضعه الرئيـــس في جدول اهتماماته عندما تسلم ســــدة الحكم. لكن مسار العامين الماضيين شهد أعلى درجة في تطور الفساد الذي امتد من أعلى الهرم حتى قاع المجتمع. من صفقات البواخر إلى صفقات وزارة الاتصالات، إلى التهريب في المرافئ، إلى فساد الإدارة والقضاء والأجهزة الأمنية... كلها عناوين لا تصب في مصلحة العهد ليفخر بها إنجازات تحققت.

مشاركة :