الشلل الرعاش يبدأ داخل الأمعاء

  • 11/5/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي كان جل العلماء يعتقدون أن مرض الشلل الرعاش يرجع أساسا إلى خلل داخل المخ، خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن هذا المرض، والذي يطلق عليه علميا أيضا اسم باركنسون، قد ترجع بدايته إلى الجهاز الهضمي. لندن – توصل علماء أميركيون إلى أن الأشخاص الذين استؤصلت منهم الزائدة الدودية أقل عرضة للإصابة بالمرض الذي يتسبب في تلف الأعصاب. وتحتوي الزائدة على المادة التي تؤدي إلى موت خلايا المخ. نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” تقريرا عن المؤسسة البريطانية للشلل الرعاش يدعم أدلة قوية على أن هذا المرض مصدره خارج المخ. وفي حالة الإصابة بالشلل الرعاش، تتراكم البروتينات السامة في المخ فتقتل الأعصاب، خاصة تلك المرتبطة بالحركة. وإضافة إلى الإضرار بالحركة، يؤثر المرض على الحواس والذاكرة والحالة المزاجية. وتوجد أدلة قوية الآن على أن الأمعاء قد يكون لها تأثير على المرض. وفحص باحثون في معهد “فان أنديل” البحثي في متشيغان بيانات 1.7 مليون شخص على مدار خمسين عاما. ونشرت الدراسة في دورية “ساينس ترانسليشنال ميدسين”، وأوضحت أن احتمال الإصابة بالشلل الرعاش يقل بنسبة 20 في المئة لدى الأشخاص الذين خضعوا لعملية استئصال الزائدة. والزائدة الدودية هي عبارة عن حوصلة صغيرة في فتحة الأمعاء الغليظة، وتعدّ أشهر عضو عديم الاستخدام في جسم الإنسان. وأدّى تحليل محتويات الزائدة الدودية لدى الكثير من الأشخاص إلى اكتشاف أنها تحوي بروتينا ساما، يدعى ألفا سينوسيلين، ويوجد كذلك في الدماغ لدى المصابين بالشلل الرعاش. لكن الزائدة الدودية ليست القصة الكاملة لأسباب الإصابة بالشلل الرعاش، وإلا فإن استئصالها يكون سبيلا للتخلص من كل أسبابه. وخلص العلماء إلى أن الأمعاء هي مكان نمو هذا البروتين، الذي ينتقل إلى المخ عبر العصب الحائر. وقالت فيفيان لابري، التي شاركت في إعداد الدراسة، إنه لا يجب على الناس التعجل واستئصال الزائدة الدودية. وقالت “لا نوصي باستئصال الزائدة كوسيلة للوقاية من الشلل الرعاش. وإنما الإجراء الأكثر حكمة هو السيطرة على الّا يتكوّن فيها بروتين ألفا سينوسيلين بصورة زائدة للحيلولة دون تسربه”. وبدأت فكرة ارتباط الأمعاء بالشلل الرعاش تحظى باهتمام متسارع. إدراك مكان ظهور الشلل الرعاش وكيفية ظهوره أمر حيوي لتطوير علاجات يمكنها إيقاف المرض أو الحيلولة دون حدوثه وعادة ما يعاني المرضى من اضطرابات الجهاز الهضمي، ويرتبط قطع العصب الحائر بمعدل أقل من الشلل الرعاش، وتشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن البكتيريا التي تعيش في الأمعاء هي السبب الرئيسي. وقالت كلير بيل، وهي من مؤسسة الشلل الرعاش البريطانية، إن “البحث مهم للغاية لأنه يقدم عددا من أهم الأدلة حتى الآن على أن الشلل الرعاش قد يبدأ خارج المخ، وهي فكرة ثورية جديدة ظهرت في المجال العلمي”. وأضافت “إدراكنا لمكان ظهور الشلل الرعاش ولكيفية ظهوره أمر حيوي لتطوير علاجات يمكنها إيقاف المرض أو الحيلولة دون حدوثه”. وأوضحت الدراسة أن الغالبية العظمى من الذين جرى فحصهم لديهم نسبة عالية من بروتين ألفا سينوسيلين في الزائدة. كما خلصت إلى أنه يوجد اختلاف نسبي في تكوين البروتين لدى المصابين بالشلل الرعاش والأصحاء. لكن الأبحاث عن أسباب الشلل الرعاش لم تحسم حتى الآن سبب ظهوره لدى البعض دون آخرين. وكانت تجربة طبية سابقة قد توصلت إلى أنه من الممكن وقف تطور مرض باركنسون من خلال تناول عقار يُستخدم عادة في علاج النوع الثاني من السكري. وتساعد العقاقير الحالية في التخفيف من أعراض الشلل الرعاش، لكنها لا تمنع موت خلايا المخ. وأشارت التجربة، التي أُجريت على 62 مريضا ونُشرت في مجلة “لانسيت” الطبية، إلى أن هذا العلاج أوقف تطور المرض. وأعرب فريق البحث في كلية “لندن كوليدج” عن “سعادته” بهذه النتائج، لكنه دعا إلى توخي الحذر لأن فوائد هذا العقار الجديد على المستوى الطويل لم تتضح بعد، وهناك حاجة إلى إجراء المزيد من الاختبارات للتأكد من فعاليته. وقال البروفيسور توم فولتيني، أحد أعضاء فريق البحث، لـ”بي.بي.سي” إنه “لا يوجد شك مطلقا بأن الأمر الأكثر إلحاحا في علاج (مرض) باركنسون هو التوصل إلى عقار يمكنه إبطاء تطور المرض، لكنه لم يتحقق حتى الآن”. ومرض باركنسون هو اضطراب تنكسي في الجهاز العصبي المركزي الذي يؤثر بشكل رئيسي على الجهاز الحركي. وتبدأ الأعراض ببطء في بداية المرض، وأكثر الأعراض وضوحا هي الرعاش والتقبض ونقص الحراك وتشوه المشية، وقد تحدث مشاكل التفكير والسلوك أيضا. كما يصبح الخرف شائعا في المراحل المتقدمة من المرض. كما يعتبر أيضا الاكتئاب والقلق من الأعراض الشائعة التي تحدث في أكثر من ثلث الأشخاص المصابين بالمرض. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن مرض الشلل الرعاش أصاب 6.2 مليون شخص وأسفر عن حوالي 117.400 حالة وفاة على مستوى العالم، حسب آخر إحصاءات تم رصدها عام 2015، كما أن الذكور أكثر تعرضا للمرض مقارنة بالإناث.

مشاركة :