بكين - قال نائب رئيس الوزراء الروسي مكسيم أكيموف الأحد، إن التعاون الروسي ـ الصيني ومكانة البلدين الكبيرة في سوق الإعلام يجعلان بعض الدول “تشعر بالغيرة”، مؤكدًا أن روسيا والصين تواجهان منافسة غير عادلة ومحاولات لجعل منتجاتهما مشوهة نتيجة لذلك التعاون. وأضاف أكيموف -في تصريحات له نقلتها وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية خلال حضوره فعاليات منتدى وسائل الإعلام الروسية الصينية في شنغهاي- أن هناك مصادر إعلامية روسية وصينية رائدة، مشيرًا إلى أن هذا لم يشعر البلدين فقط بالتفاخر، بل تسبب في شعور العديد من “الشركاء والمنافسين” بالغيرة. وتابع “نحن نواجه في الكثير من الأحيان منافسة غير عادلة، بالإضافة إلى محاولات قمع توزيع المحتوى صادق وعالي الجودة بقسوة؛ لجعل إنتاجنا يفتقر إلى المصداقية، ويتهمنا البعض بالدعاية والتضليل، مؤكدًا أن ذلك يصبح عذرًا لحرمان المتلقين في دول العالم من وجهة نظر صادقة، أو على الأقل وجهة نظر بديلة”. وأوضح أكيموف أن بلاده والصين تتشاركان في حوار نشط وبناء حول توسيع وصول وسائل الإعلام الروسية إلى السوق الصيني. ووفقا لألكسي فولن، نائب وزير التنمية الرقمية والاتصالات ووسائل الإعلام الجماهيرية الروسية، تحتاج روسيا والصين إلى معالجة المنافسة غير العادلة من خلال إنشاء قنوات جديدة لنشر المحتوى الإعلامي. وقال المسؤول “إذا حذف تويتر أو يوتيوب أو فيسبوك حسابات وسائل الإعلام الروسية والصينية من الفضاء الإعلامي، فسوف يتعين علينا إنشاء قنوات توزيع جديدة والتفكير في شبكات اجتماعية بديلة”. مكسيم أكيموف: التعاون الروسي ـ الصيني في الإعلام يجعل بعض الدول تشعر بالغيرةمكسيم أكيموف: التعاون الروسي ـ الصيني في الإعلام يجعل بعض الدول تشعر بالغيرة ويعدّ منتدى الإعلام الروسي الصيني حدثا سنويا يركّز على مناقشات تقنيات المعلومات الحديثة ووسائل الإعلام الجديدة، وفي خلال هذه الدورة من المنتدى، سيتم التركيز على التعاون بين الموارد الإعلامية الموضوعية للبلدين، والإنتاج المشترك لمحتوى التلفزيون والفيديو. وفي مقابلة مع مجموعة الصين للإعلام التي تديرها الدولة في 6 يونيو عام 2018، قدّم حينها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظرة مريحة ومتفائلة لعلاقات بلاده مع الصين وقارنها بمبنى “يكتسب كل عام أبعاداً جديدة، وطوابق جديدة، ويرتفع أعلى وأعلى” قبل أن يصف نظيره الصيني شي جين بينغ بـ”الصديق الجيد ورجل الثقة”. وفي يونيو الماضي، احتضنت العاصمة الروسية موسكو، أعمال منتدى إعلامي دولي أطلق عليه شعار “عصر جديد للصحافة: وداعا للتيار السائد”. وقامت مجموعة “روسيا سيغودنيا” (روسيا اليوم) الإعلامية بتنظيم هذا الملتقى بمشاركة خبراء إعلاميين من 30 بلدا وخاصة من بلدان طريق الحرير الجديد. وقال دميتري كيسيليوف، مدير عام وكالة “روسيا سيغودنيا”، بدوره، في كلمة ألقاها في المنتدى، إن عالمنا اليوم يشعر بحاجة متزايدة إلى مصادر معلومات متنوعة وبديلة عن تلك التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها على الصحافة الدولية على شاكلة ما يسمى بـ”تيارات سائدة” تروق لها وتخدم مصالحها. وتنبع هذه الحاجة أيضا، على حد قوله، عن سعي الشعوب إلى العيش في عالم متعدد الأقطاب، حيث يمكن لها تحقيق حقوقها السيادية في اختيار نمط تطورها المستقل مع الحفاظ على تقاليدها القومية الأصيلة ووجود وسائل إعلام وطنية لها تعكس قضاياها المصيرية واهتماماتها الفعلية وليس المستوردة من مراكز دعائية أميركية وغربية أخرى. ويحصد الإعلام الروسي في السنوات الأخيرة نجاحات كبيرة ساهمت في كسر الروايات الغربية للسياسة العالمية. وجاء في تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، استناداً إلى تحليل أعده باحثون، أنّ أكثر من 200 موقع إعلامي روسي لعبت دوراً في البروباغندا السياسية خلال فترة الانتخابات الأميركية الرئاسية الأخيرة. من جانبها، خصصت الحكومة الأميركية مبلغ 40 مليون دولار لمكافحة الدعاية الأجنبية والمعلومات المضللة من خلال مركز التفاعل العالمي التابع لوزارة الخارجية الأميركية. وقال نائب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية روبرت بالادينو، خلال إيجاز صحافي إن هذه الأموال تهدف، على وجه الخصوص، إلى مواجهة “المعلومات المضللة الروسية والإيرانية والصينية الموجهة إلى الجماهير الأجنبية”. وذكر أنه تم تخصيص هذه الأموال في نهاية شهر سبتمبر، مؤكدا أنها وجهت لتمويل “عدة مشاريع كبيرة جدا”. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في نهاية شهر فبراير، أنها اتفقت مع البنتاغون على تحويل مبلغ 40 مليون دولار لمركز التفاعل العالمي. وعقب ذلك، أعلنت الوزارة عن نيتها إنشاء صندوق “لدعم الشركاء العامين والأفراد المشاركين في تحديد الكشف عن الدعاية والتضليل ومكافحتها”. ونطاق هذه المنظمات التي يمكنها الاعتماد على المنح واسع جدًا. وهي هياكل المجتمع المدني، وصانعوا الإعلام، والمنظمات غير الحكومية، ومراكز البحث والتطوير التي تموّلها الحكومة، والشركات الخاصة والمؤسسات الأكاديمية. كما خصصت الولايات المتحدة 15 مليون دولار لتطوير وسائل الإعلام “المستقلة” في آسيا الوسطى، معتبرة أن وسائل الإعلام الروسية تؤثر بشكل كبير على الرأي العام في تلك المنطقة من العالم. منتدى الإعلام الروسي الصيني حدث سنوي أصبح يكتسي أهمية كبيرة ويؤكد على تحالف إعلامي جديد للبلدان الواقعة على طريق الحرير وفي مايو الماضي، طرحت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، مناقصة حول دعم وسائل الإعلام في جمهوريات آسيا الوسطى بهدف الحد من تأثير وسائل الإعلام الروسية في المنطقة. وتعتزم واشنطن، التصدي بشكل مباشر لنشاط وسائل الإعلام الروسية هناك وتنوي وزارة الخارجية الأميركية دعم الصحافيين المحليين وتحسين “الثقافة الإعلامية” لدى المواطنين لكي “يدركوا بشكل أفضل دور الإعلام في المنظومة الديمقراطية”. وترى واشنطن، أن إمكانياتها لخلق وسائل إعلام بجودة اجتماعية عالية في كازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان، لا تزال متدنية، في ظل هيمنة شديدة للبرامج الإخبارية والترفيهية التي تبث من روسيا، و”تلعب دورا رئيسيا في تشكيل الرأي العام في المنطقة”. ويؤكد الجانب الأميركي أنه “يصعب على وسائل الإعلام المحلية المستقلة التنافس مع القنوات الروسية قوية التمويل والتي تبقى المصدر الرئيسي للمعلومات وهو ما يؤدي إلى سوء فهم لما يجري في العالم وبالتالي يساعد الأنظمة الاستبدادية في هذه الدول على مواصلة السيطرة على المعلومات المقدمة للجمهور ويعرقل الإصلاحات الديمقراطية، ويقوض القيم العالمية مثل حرية التعبير وحرية الإعلام والشفافية”. ويرى بعض الخبراء أن واشنطن تهدف من كل ذلك إلى تغيير الأنظمة القائمة وتغيير التوجه السياسي لجميع البلدان في آسيا الوسطى والحصول على موطئ قدم لها في المنطقة من أجل تحقيق التفوق الاستراتيجي على الصين وروسيا هناك.
مشاركة :