يتحدث الفنان السوري مكسيم خليل عن مسلسله الجديد «كوما»، والتحدّي الخاص الذي خاضه في هذا العمل بتجسيده شخصيتَي توأم، كما يكشف في هذه المقابلة التي تنشر بالتزامن مع مجلة «لها» الشقيقة عن مشاركته في مسلسل أجنبي، وحلمه في الوصول إلى العالمية، ويتطرق إلى مشاركة فيلم «يوم أضعت ظلي» من بطولة زوجته سوسن أرشيد في الدورة الماضية من مهرجان البندقية. > ما الذي جذبك في سيناريو «كوما» لتوافق على القيام ببطولته؟ - ثمة أمران جذباني إلى هذا المسلسل، الأول هو حبي للأعمال الواقعية التي تتحدث عن هموم الإنسان ومشاكله، وتلامس قلوب الجمهور، فأنا بطبعي أحب أن أكون قريباً من الناس، وأقدم لهم أعمالاً تحاكي واقعهم. أما الأمر الثاني فهو تجسيدي للمرة الأولى شخصيتَي توأم، وهذا دور جديد عليّ، لذا قررت خوض هذه التجربة من دون تردد. > تقدّم في العمل شخصيتين مختلفتين تماماً، كيف تمكنت من ذلك؟ - قدمت شخصيتَي التوأم من منظور مختلف عما هو متعارف عليه في الدراما، فدائماً ما نركّز في هذه النوعية من الأدوار على أوجه الشبه أو الاختلاف بين الشخصيات، لكنني في «كوما» سرت في اتجاه معاكس لهذه النقطة، وأكدت أن ليس هناك خير مطلق أو شر مطلق، فالاختلاف بين شخصيتي التوأم في هذا العمل قائم على الاختلاف في الآراء وطريقة التفكير والتصرفات وردود الفعل، وصولاً إلى الاختلاف في أدائهما وملامحهما. > إلى أي مدى يمثل هذا العمل تحدياً بالنسبة إليك؟ - هو يمثل تحدياً كبيراً بالنسبة إليّ، لأن لهذه النوعية من الأعمال أهمية لدى المحطات التلفزيونية التي تعرضها على شاشاتها، وبالتأكيد نجاح «كوما» سينعكس إيجاباً عليّ، إذ يضيف إلى رصيدي الفني، هذا فضلاً عن أنني كنت أرغب في تقديم عمل درامي يعالج قضايا المجتمع، حتى في ظل الأوضاع السيئة التي تعانيها سورية بسبب الحرب. > من اختار «كوما» عنواناً للمسلسل، وهل أجمعتم عليه من البداية؟ - لا، لم نستقر على هذا الاسم منذ البداية، بل وُلد تدرّجاً بعد سلسلة تعديلات أُجريت على أحداث القصة، وبعد الانتهاء من التصوير، وجدناه العنوان الأنسب للعمل لأنه يرمز إلى واقع المجتمع السوري الحالي، فكلنا نعيش اليوم حالة هي أشبه بالكوما، ولا أحد يعلم متى نستفيق منها. كنا نبحث عن عنوان يلخّص الأوضاع العامة في بلدي سورية، ولم نجد أفضل من «كوما» للتعبير عنها. > على أي أساس تختار أدوارك، وهل تتردد قبل الموافقة على أي عمل فني؟ - أكثر ما يهمني عند اختيار أي دور، أن أخوض من خلاله تحدياً جديداً يجعلني أستمتع أثناء التصوير، فرغبتي الدائمة في تقديم الجديد والمختلف هي سبب تردّدي قبل الموافقة على المشاركة في أي عمل فني يُعرض عليّ، لذا أحرص على عدم تكرار أدواري لئلا يملّ الجمهور منها. > ما هي شروطك للموافقة على عمل فني جديد؟ - لا شروط محددة عندي، ولا أحب هذه الكلمة، لكنني أبحث عن مقومات العمل من إنتاج وإخراج وممثلين... والظروف المناسبة التي تساهم في إخراجه في شكل جيد للجمهور، وتدفعني خطوة إلى أمام. > الحرب لا تزال مشتعلة في سورية، ومع ذلك هناك محاولات لإنتاج أعمال جيدة، فما رأيك بهذه المحاولات؟ - مهما استعرت الحرب في أي بلد، يبقى الفن فيه مستمراً، وتستمر كذلك المحاولات الفنية، سواء كانت دراما أو فناً تشكيلياً أو كتابة... لكن الإنجازات تتأثر بالحروب فيقلّ عددها، ولا بد من الصفاء الذهني ليكون هناك إبداع فني، إلّا أن ثمة عوامل تؤدي إلى تراجع مستوى الدراما السورية، مثل الحالة النفسية للناس، والمبدعين داخل سورية أو خارجها، ورفض الفضائيات الدراما التي تولد من هذه الحالة، لكن تبقى المشكلة في أننا لا نستطيع الخروج من الإطار الموجودين فيه، فهناك واقع نعيشه، والفن يتحدث عنه. وثمة أعمال مهمة تم إنتاجها، وأنا فخور بالمشاركة في اثنين منها، وهما «غداً نلتقي» و «حلاوة الروح»، وكانا واقعيين وجيدين، وحتماً هذه الأعمال لا تصل إلى حجم المشاكل التي يمكن أن نتحدث عنها، فظروف الحرب لا تسمح بتقديم فن كامل في الوقت الحالي. > هل أصبحت البطولة الجماعية أنجح من البطولة الفردية؟ - لطالما كانت البطولة المطلقة موجودة، لكنها تنجح في حالات فردية، مثلاً عندما نتحدث عن شخصية تاريخية أو بطل، لكن ليس بالضرورة أن تكون كل المسلسلات بطولات فردية، بل على العكس، ففي الواقع نجد أبطالاً كثيرين في حياتنا وليس بطلاً واحداً، ولكل منهم مشاكله وهمومه، والدراما الاجتماعية الشاملة هي الأقرب إلى قلوب الناس، لأنهم يرون فيها خطوطاً درامية كثيرة تتشابه مع مسارات حياتهم. > ماذا عن مشاركتك في المسلسل الأجنبي «Eden»؟ - مشاركتي في هذا المسلسل تجربة مهمة بالنسبة إليّ كممثل، فهو عمل فني عالمي من إنتاج شركة RTA الفرنسية - الألمانية، وهي من أضخم شركات الإنتاج في العالم، وإخراج مخرج فرنسي - ألماني معروف، وقد أحدث هذا المسلسل نقلة نوعية في مسيرتي الفنية، خصوصاً أنه يتحدث عن أوضاع اللاجئين في العالم، لا أوضاع السوريين وحدهم، ويسلط الضوء على الثمن الذي دفعه هؤلاء، كما يسعى إلى محاكمة أشخاص متنفّذين لا نعرف تاريخهم، وعملوا على تغيير ملامح المجتمع... وهذه رسالة مهمة رغبت في أن أقدّمها من خلال هذا العمل. > هل يراودك حلم الوصول إلى العالمية؟ - بالتأكيد، وأتمنى الاستمرار في المشاركة في أعمال عالمية، وأبذل جهدي لتحقيق ذلك، فالعالمية حق مشروع لأي فنان. > لكن، لماذا لم نرَك بعدُ في السينما المصرية؟ ألم تعجبك الأعمال السينمائية المعروضة عليك؟ - أرغب فعلاً في الظهور في عمل سينمائي مصري، لكنني أريد عملاً جيداً وممتعاً يفرح الجمهور ولا يحزنهم، وهذا ليس سهلاً، لأنني واثق في إمكاناتي وأسعى إلى توظيفها في شكل يتقبّله الجمهور المصري. عُرض عليَّ أكثر من عمل، لكنها أعمال لا تصل إلى مستوى طموحاتي الفنية، ولا تتيح لي الظهور الجيد في السينما المصرية، فأنا أرغب في الحصول على نص جيد، والعمل مع مخرج كبير، وممثلين جيدين، كي يحقق العمل الفني نجاحاً باهراً. > كيف كانت أجواء مهرجان «فينيسيا» الذي حضرته أخيراً؟ - أجواء المهرجان كانت أكثر من رائعة، وتدعو إلى التفاؤل، وسررت كثيراً بمشاركة زوجتي سوسن أرشيد في أول عمل فني سوري ينافس في مسابقة «آفاق» الرسمية للمهرجان، ويحصل على جائزة عن أول فيلم سوري يشارك في هذه المسابقة، وهو فيلم بعنوان «يوم أضعت ظلي»، وأنا سعيد بنجاح هذا الفيلم، وأتمنى أن يشارك في مهرجانات أخرى. > كيف تتعامل مع السوشيال ميديا، وإلى أي مدى أصبحتْ تؤذي الفنان؟ - السوشيال ميديا مرض العصر الذي لا شفاء منه، لأنها أصبحت ضرورية في حياتنا، وأكثر ما يزعجني اليوم هو تقويم الأعمال الفنية أو نجومية الفنان بالاستناد إلى السوشيال ميديا، وهذه في رأيي كارثة، لأننا نتواصل من خلال هذه المواقع مع أشخاص لا نعرفهم، وهو في النهاية عالم افتراضي... ولا نعرف ما إذا كانوا موجودين في الحقيقة أم لا، وأحياناً لا تستطيعين أن تكوّني رأياً حقيقياً لأن هناك مجموعة تسيطر على الآراء، وتساهم في عدم معرفتنا الحقيقة والواقع، فنسير خلفهم، في خياراتنا الخاطئة، ليس لكونهم سيئين، بل لأنهم في النهاية من الممكن أن يكونوا جمهوراً لفنان ويعشقوه بقوة، ولا يستطيعون التقويم الموضوعي، لكن إذا ألقينا النظر في أماكن أخرى؛ فسنجد انطباعات مختلفة، وهذه هي التي تهمني، فالسوشيال ميديا جيدة لكنها سلاح ذو حدين، إذا لم نستطع استخدامها في شكل صحيح سنكون في ورطة كبيرة.
مشاركة :