بعد مرور ما يقرب من الستة أشهر على المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين ليفربول وريال مدريد، التي ارتكب خلالها حارس مرمى الأول، لوريس كاريوس، أكثر من خطأ كلَّف فريقه خسارة البطولة، ما زال اسم الحارس الألماني يتصدر عناوين الصحف، ولكن لأسباب غير حقيقية.ومنذ انتقاله إلى بشكتاش التركي بداية هذا الموسم على سبيل الإعارة من ليفربول، تتوالى الصحف في نشر تقارير شبه أسبوعية تشير إلى أن كاريوس سيرحل عن الفريق. وقبل بضعة أيام كانت هناك شائعات غريبة تشير إلى أن النادي التركي يريد إنهاء إعارة اللاعب إليه لمدة عامين في فترة الانتقالات الشتوية واستبدال به مهاجم ليفربول ديفوك أوريجي. وفي وقت من الأوقات، كانت هناك أيضاً حملة إعلامية ضد كاريوس بزعم أنه يراسل النساء عبر «إنستغرام»، والقائمة تطول وتطول.ويبدو أن هناك «متعة سادية»، إن جاز التعبير، في محاولة جعل كاريوس يعاني بعد نهائي دوري أبطال أوروبا، الذي ارتكب خلاله خطأين كبيرين أسهما في خسارة ليفربول أمام ريال مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد. وقد تناقلت وسائل الإعلام البريطانية التقارير السلبية التي نُشِرَت عن كاريوس من قِبل وسائل الإعلام التركية، وهو الأمر الذي يُرسخ صورة غير عادلة للحارس الألماني خلال الأشهر القليلة الأولى له في إسطنبول.وخلافاً للاعتقاد الشائع، فإن إدارة نادي بشكتاش سعيدة للغاية بكاريوس، وتشعر بالدهشة من التقارير التي تشير إلى رغبة النادي في التخلي عن خدمات اللاعب. وهناك شعور عام في النادي بأن كاريوس قد استقر بشكل جيد في تركيا. ورغم أن الحارس الألماني لم يكن موجوداً مع الفريق في معسكر الإعداد للموسم الجديد، فإنه تأقلم مع الأجواء بسرعة شديدة.وقد عمل كاريوس منذ اليوم الأول على التواصل مع الجماهير، ولم يعزل نفسه في إحدى ضواحي المدينة، كما يفعل معظم اللاعبين البارزين الذين يصلون للعب في إسطنبول، لكنه غالباً ما يتردد على المقاهي الموجودة حول منطقة بشكتاش، ويتواصل مع المشجعين، ويلتقط الصور التذكارية معهم.وكان المدير الفني لنادي بشكتاش، شينول غونيش، يلعب حارس مرمى، وبالتالي فهو يعرف جيداً القدرات التي يجب أن يتحلى بها حارس مرمى فريقه. وقد أعرب غونيش عن ثقته في كاريوس، ودفع به أساسياً في المباريات العشر التي لعبها الفريق منذ تعاقده مع الحارس الألماني في أغسطس (آب) الماضي، ولا توجد أي إشارة تدل على أن النادي سوف يتخلى عن الحارس الألماني.ومع ذلك، مر كاريوس ببعض الفترات من عدم الاستقرار وبدا مهتزاً ومتردداً بعض الشيء في التعامل مع الكرات العرضية والهوائية، كما يرى البعض أنه أخطأ في الهدف الذي استقبلته شباك فريقه أمام مالمو السويدي، والذي جاء من كرة عرضية من الناحية اليمنى غيَّرَت مسارها بعد اصطدامها بأحد لاعبي بشكتاش ودخلت المرمى.ربما كان يتعين على كاريوس أن يتمركز بشكل أفضل لمنع الكرة من دخول المرمى، لكننا كثيراً ما نرى أهدافاً أخرى تدخل بالشكل ذاته في حُرّاس مرمى آخرين، لكنهم لا يتعرضون للسخرية والانتقادات على مدى أيام طويلة، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام التقليدية.وقد استقبل كاريس 15 هدفاً في 10 مباريات لعبها مع بشكتاش، لكن الإحصائيات الأولية قد تبدو مضللة وخادعة في حقيقة الأمر، حيث يلعب كاريوس خلف أربعة مدافعين يعانون بشكل واضح من عدم ثبات المستوى منذ تعرض المدافع البرتغالي بيبي للإصابة. وقد اهتزت شباك بشكتاش بسبعة أهداف في ثلاث مباريات لم يلعبها بيبي، علاوة على أن الفريق قد استقبل ثلاثة أهداف عكسية سجلها لاعبو الفريق أنفسهم، في سوء حظ كبير.ويجب الإشارة أيضًا إلى أن كاريوس قد أنقذ كثيراً من الفرص المحققة وساعد فريقه في كثير من المباريات. ويحتل بشكتاش المركز الرابع في جدول ترتيب الدوري التركي الممتاز، بفارق ثلاث نقاط فقط عن المتصدر باشاكشهر.ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا يواجه كاريوس هذه العاصفة من الانتقادات من وسائل الإعلام؟ أعتقد أن هناك الكثير من العوامل التي تتحكم في هذا الأمر، أولها بالطبع أن الحارس الثاني لفريق بشكتاش هو التركي تولغا زينغين، وهو حارس دولي في صفوف المنتخب التركي ويرى البعض أنه يجب أن يبدأ في التشكيلة الأساسية للفريق. وعلاوة على ذلك، هناك أيضًا ما يمكن أن نطلق عليه اسم «سياسة كرة القدم»، حيث يتعاطف بعض المراسلين والصحف مع النادي أو مسؤولي النادي الذين يدعمونه.لكن يمكن القول إن السبب الرئيسي (والأكثر إثارة للإحباط)، يتمثل في أن كتابة الأخبار السلبية عن الحارس المعار من ليفربول تستحوذ على اهتمام القراء والمتابعين، حيث اكتشفت الصحف التركية أن القصص التي تنتقد كاريوس تحظى باهتمام كبير في إنجلترا، وبالتالي تتمادى في انتقاد الحارس الألماني لزيادة عدد المتابعين والقراء.وإذا ما ألقينا نظرة على القصص المنشورة في الصحافة الإنجليزية، التي تتحدث عن رغبة نادي بشكتاش في إنهاء عقد كاريوس لوجدنا أنها منقولة عن وسائل إعلام تركية دون أي تحقق من تلك الأخبار. ولحسن الحظ، لا تفعل كل وسائل الإعلام التركية هذا الأمر، وهناك تقارير وقصص متوازنة وإيجابية أيضاً. ومع ذلك، فإن القصص السلبية هي التي يتم انتقاؤها وانتشارها خارج تركيا.ورغم أن الحديث عن رغبة بشكتاش في استبدال مهاجم ليفربول أوريغي، بكاريوس، كان مجرد شائعة سخيفة وهزلية، فإنه خلق قدراً كبيراً من الجدل للدرجة التي جعلت وكيل أعمال كاريوس، فلوريان غول، يخرج لنفي هذه الشائعات، وقال: «هذا هراء تام. أنا أتعجب حقاً؛ من أين تأتي مثل هذه الأخبار؟! هذا الخبر غير صحيح على الإطلاق. لوريس يلعب مع بشكتاش على سبيل الإعارة لمدة عامين. هذا هو الوضع. ولا توجد أي نية لدى النادي التركي في إنهاء الإعارة قبل الأوان».وفي هذه الأثناء، يبدو أن كاريوس لا يبالي بهذه القصص التي تُنشَر عنه، وكتب على «إنستغرام» يقول: «القهوة أولاً، ثم اللعنة على وسائل الإعلام». لكنه حذف هذا المنشور بعد ذلك.
مشاركة :