المبارك: «الحصن» يروي حكاية أبوظبي ومجتمعها الأصيل

  • 11/6/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عبّر محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي عن الفخر بالإعلان عن المحطة الجديدة في مسيرة قصر الحصن التاريخية، الذي يفتتح أبوابه قريباً مرة أخرى أمام الجمهور، ليروي حكاية أبوظبي وشعبها الأصيل، مؤكداً بذلك مرة أخرى قيمته كرمز ثقافي وتاريخي، ومعززاً مكانته كشاهد عريق على مسيرة تاريخ الإمارة على مدار قرنين ونصف القرن من الزمن، إذ تحوّلت من مجتمع ساحلي صغير إلى عاصمة عالمية متطورة.قال المبارك في جلسة إعلامية:"يتمتع هذا المعلم الحضاري باعتزاز واهتمام كبيرين باعتباره القلب التاريخي والحضاري النابض في العاصمة، حيث يترقب الكثيرون افتتاحه مجدداً، ونأمل أن يلمس أفراد المجتمع بين أرجائه وأروقته تجربة مثمرة تغمرهم بالحنين لتلك الأيام التي عاشها قادتنا وأجدادنا وشعبنا على مر الأجيال».أعلنت الدائرة أمس في الجلسة التي عقدت بمنارة السعديات خطة افتتاح قصر الحصن في 7 ديسمبر/‏‏كانون الأول المقبل بعدما شهد مؤخراً سلسلة واسعة من أعمال التجديد والصيانة والترميم، باعتباره أبرز معلم تاريخي قائم في أبوظبي، كمتحف وطني يسرد محطات تاريخ الإمارة لقرون.ويعرّف المعرض الدائم داخل القصر الخارجي والحصن الداخلي ، الزوّار بتجربة متنوعة لاستكشاف فصول أبوظبي التاريخية، مقدماً بذلك صورة شاملة حول حياة الأجيال والحكّام ممن عاشوا في القصر الخارجي، كما تكشف عن مراحل مسيرة ترميم وتجديد هذا المعلم التاريخي.وتحتضن قاعات المعرض مقتنيات دائمة ومتنوعة بدايةً من المجموعات الأثرية، ومروراً بالمواد الأرشيفية، وصولاً إلى الوسائط المرئية والتجارب التفاعلية.وقال سيف سعيد غباش، وكيل الدائرة: «يحتضن الحصن الخارجي، الذي شهد أعمالاً من الترميم والتجديد، مجموعة من المقتنيات بدايةً من أبرز القطع الأثرية وأندرها، مروراً بالوثائق الأرشيفية النادرة والمهمة، وصولاً إلى المقتنيات اليومية البسيطة، والتي تجتمع معاً لإحياء الماضي العريق، وإنعاش ذاكرة تقاليد أجدادنا وقيمهم عبر الزمن. ولا نستثني أهمية أعمال الترميم والتجديد التي جرى تنفيذها في قصر الحصن، حفاظاً على ملامحه وهيبته. ونتطلع إلى رؤية الزوّار بينما يستكشفون قصة قصر الحصن وحكاية أبوظبي ومجتمعها عبر العصور».ويبدأ قصر الحصن بتقديم رؤية عامة في كونه معلماً تاريخياً، ليتعرف الجمهور على المراحل المختلفة في مسيرته بحكم أدواره المختلفة عبر الزمن، فبعدما كان في بادئ الأمر حصناً دفاعياً يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن عشر، تحوّل إلى مقر للحكم.ولاحقاً تحول من كونه بيتاً للأسرة الحاكمة وملتقىً يرحب بكل أفراد المجتمع إلى مقر للحكومة وتصريف شؤون البلاد؛ وها هو اليوم يقف بشموخ كموقع تاريخي يجسّد أبوظبي ويمثّل قلبها الثقافي النابض.وكشفت أعمال التنقيبات الأثرية عن أصول هذا المعلم التاريخي ومراحل تطوّره المختلفة، التي ترك فيها كل حاكم بصمته بإضافة مبانٍ جديدة وإدخال بعض التعديلات على الأبنية القائمة.ويواصل قصر الحصن سرّد رحلة قبيلة بني ياس، التي هاجرت من مقر أجدادها في واحة ليوا في صحراء أبوظبي واستقرت في المنطقة الساحلية بشكل نهائي. وكانت قبيلة بني ياس ترتحل دائماً من موقع لآخر متبعةً نمط الحياة البدوي الذي اعتمد على ما جادت به الطبيعة عبر فصول السنة، بحثاً عن موارد المياه العذبة، كما ترددت على جزيرة أبوظبي منذ قرون لصيد السمك والغوص في أعماق البحار بحثاً عن اللؤلؤ وجمع الملح. وأسس بنو ياس مقراً صغيراً دائماً لهم بأبوظبي في أواخر ستينات القرن الثامن عشر.يرصد قصر الحصن مرحلة انتقال مقر حكم بني ياس إلى جزيرة أبوظبي، وكان البحر آنذاك مصدراً لمواد البناء المستخدمة في تشييد الحصن، وسبيلاً للحياة الاقتصادية للصيادين والغواصين الباحثين عن اللؤلؤ.وفي عام 1795، بني الحصن انطلاقاً من الحاجة الماسة إلى بناء قلعة منيعة قادرة على حماية المستوطنة الجديدة. وفي أقل من خمسين عاماً، تحوّلت أبوظبي من بداياتها المتواضعة كبيوت مصنوعة من سعف النخيل إلى مستوطنة ساحلية يعيش في الآلاف من السكان.ويواصل قصر الحصن رحلته مع فترة حكم الشيخ زايد الأول. ورغم الصراعات السياسية التي تزامنت مع حكمه والاضطرابات التي عمّت أرجاء المنطقة، نجح هذا القائد في تعزيز مكانة إمارة أبوظبي وتحويلها إلى ثقل ومركز محوري على ساحل الخليج، كما أرسى دعائم الدولة المستقبلية وفق رؤية بعيدة. وأسس الشيخ زايد الأول «المجلس»، الذي استضاف اجتماعات منتظمة ترأسها بنفسه، وعمل على توفير عوامل الازدهار والنمو لتعزيز رفاهية شعبه. ولطالما كان قصر الحصن صرحاً بارزاً لتجاذب أطراف الحوارات والنقاشات، وازدهر في عهد الشيخ زايد الأول المشهد الشعري والنشاط الثقافي.بعد وفاة الشيخ زايد الأول عام 1909، انتهى عهد وبدأ آخر في تاريخ أبوظبي. وعلى الرغم من تباطؤ حركة التجارة بفعل عدد من العوامل الجيوسياسية وظهور اللؤلؤ المُستزرع في اليابان، فإن أراضي أبوظبي كانت على وشك البوح بثروة جديدة تقبع في أعماقها. ومنح الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان في 1939 أول امتياز للتنقيب عن النفط في أبوظبي من مجلسه المنعقد في قصر الحصن، ممهداً بذلك الطريق أمام التطورات الكبيرة التي كانت أبوظبي على أعتابها. وفي العام ذاته، أمر الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان ببناء قصر حول الحصن، بما شكّل انطلاقة حقبة اقتصادية جديدة، حيث تعززت مكانة أبوظبي في المنطقة، وبدأت مسيرتها نحو تحقيق مزيد من التطور والنجاح.خطة لزيادة أعداد الزوارأبوظبي: علي داوودتوقع محمد خليفة المبارك، زيادة أعداد زوار قصر الحصن هذا العام بصورة كبيرة، من خلال الخطط التي يتم وضعها سنوياً في إمارة أبوظبي، لزيادة عدد المرافق الثقافية والترفيهية والتسوقية. وأشار إلى أنه مع زيادة المرافق السياحية نستقبل الكثير من الزوار، وأن قصر الحصن يستقبل الزوار طوال أيام السنة.وأكد المبارك في رد على سؤال ل«الخليج» أنه يجري التنسيق مع دائرة النقل لإيجاد وسيلة ربط بين منطقة المجمع الثقافي والمسجد المقابل، والذي يعتبر من أقدم المساجد في أبوظبي، ويجري ترميمه بالتعاون مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، كما أن القصر يضم لأول مرة حديقة جديدة ترفيهية، وبها عدد من المطاعم والمقاهي.وأضاف: يومياً نكتشف أشياء جديدة في قصر الحصن، وأن أكثر ما يميزه استقبال طلاب المدارس يومياً ليتعلموا دروساً عن شيوخنا وثقافتنا وتاريخنا الأصيل، إضافة إلى معرض فنون الأطفال الذي يضم الموسيقى والرسم والرواية والكتابة.وقال المبارك: أسبوع الافتتاح سيشهد الكثير من العروض الفنية والغنائية والتي تضم 25 فناناً وفنانة إماراتية.55 % من زوار «اللوفر أبوظبي» يأتون للمرة الأولىكشف محمد خليفة المبارك أن 55% من زوار متحف «اللوفر أبوظبي» يزورون الإمارة للمرة الأولى، وأن هذه النسبة من الزوار بالتأكيد ستزور قصر الحصن وما يحتويه من متحف والمجمع الثقافي بعد افتتاحه. وأوضح أن متحف قصر الحصن يأتي امتداداً لمتحف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في منطقة السعديات والذي يفتتح قريباً. وأشار إلى أن المنطقة ما بين قصر الحصن والمجمع الثقافي أنشئت فيها حديقة ترفيهية إلى جانب ترميم المسجد الذي سيكون الأفضل.برنامج عامإلى جانب المعارض الدائمة، ينظّم قصر الحصن برنامجاً عاماً على مدار العام تتخلله سلسلة واسعة من الفعاليات والأحداث، ويشمل ذلك الجولات المتخصصة في التاريخ والآثار والهندسة المعمارية، إلى جانب سلسلة من الفعاليات التي تعنى بإعادة تصوير الحياة اليومية للأجيال الماضية، بالإضافة إلى برنامج «المجلس» الذي يتعرف الزوّار من خلاله على تاريخ وآداب حضور المجلس والبروتوكولات التقليدية، وتتخلل البرنامج العام كذلك سلسلة من الأنشطة المخصصة للأطفال.رمز الإمارةتولى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، زمام الحكم في أبوظبي عام 1966، وشهدت الإمارة خلال فترة حكمه قفزات نوعية وتطورات كبيرة، إذ تحولت إلى مدينة عالمية تمتلك كل مقومات الازدهار. وتسارعت وتيرة التغيير في الإمارة لتشمل إنشاء الطرق حولها وداخلها، وتطوير أبنية جديدة حول قصر الحصن، المعلم الثابت الذي لم يتغير عبر تاريخ أبوظبي. وانعكست رؤية الشيخ زايد في تطوير دور هذا الصرح وترسيخ أهميته التاريخية، باعتباره رمزاً للإمارة ومركزاً لإدارة شؤون الدولة وأرشيفاً وطنياً ومعلماً حضارياً.دولة جديدةيسرد قصر الحصن قصّة قيام الاتحاد واجتماعات القادة والقبائل، مسلّطاً الضوء على دور المجلس الاستشاري الوطني، باعتباره محطةً مهمةً في رسم السياسات واستضافة الحوارات الأساسية التي سبقت قيام دولة الإمارات.وفي 1968، شيد المجلس الاستشاري الوطني خارج جدران الحصن، وهو المكان الذي كان الشيخ زايد الأول قد عقد فيه أول مجلس له، ثم تحوّل مبنى المجلس إلى مكان للاحتفاء بالمناسبات التاريخية عقب تأسيس الإمارات، إذ احتضن الاجتماعات الأولى للمجلس الوطني الاتحادي.المربع الأوليضم هذا المعلم التاريخي الذي يتوسط مدينة أبوظبي بناءين مهمين، هما: «الحصن الداخلي»، الذي يعود تاريخ بناء أجزاء منه إلى عام 1795 تقريباً؛ و«القصر الخارجي» الذي بني خلال فترة أربعينات القرن الماضي. وهو اليوم يمثل القلب النابض في أبوظبي والشاهد الحي على محطات تاريخها العريق. وتعتبر منطقة الحصن الثقافية المربع الأول للمخطط المديني في إمارة أبوظبي، وهي بمثابة نصب حضري يعكس تطور المدينة وتتألف من مكوّنات مترابطة، هي: «قصر الحصن» ومبنى «المجلس الاستشاري الوطني» و«المجمع الثقافي» و«بيت الحرفيين».

مشاركة :