ليس صحيحا أن الغيرة كمصطلح تقتصر على مفردات الأسرة، من الغيرة على الزوجة والأخوات، أو غيرة الزوجة على الزوج، أو غيرة البنت على أخيها، فثمة غيرة أخرى لم يتم اكتشافها بعد، يمكن تسميتها بالغيرة التنموية، ويمكن أن تكون غيرة ذات فوضى خلاقة، وقد تكون غيرة ذات تغيير ممنهج، (مصطلحات خاصة) ومهما يكن من أمر، فالموضوع يحتاج تفصيلا لطيفا، وإليكم بعضا منه: - الغيرة التنموية للمسؤول، وأبرز مثال لها لو سافر صاحب المنصب، وهو المسؤول ذو النفوذ واتخاذ القرار، إلى بلد آخر، ووجد في البلد الآخر تطورا لطيفا في نفس القطاع الذي يشرف عليه، ألا تأخذه الغيرة منهم أن يحسن من دائرته وأدائها أسوة بما رآه في الخارج، ألا يفكر في تغيير يسجل له، ويحسب له، أنه هو من نقل هذه التجربة، ألهذه الدرجة لا توجد لدى بعض المسؤولين غيرة؟ (بالمناسبة الغيرة ليست مقتصرة على صاحب القرار، بل على موظف يستطيع أن يفعل شيئا، وكل موظف فعلا يستطيع أن يفعل شيئا وسنرى ذلك في آخر المقال). - الغيرة التنموية للمواطن، تذهب وتخرج وتسافر قريبا وبعيدا، وتأخذك الغيرة على أهلك وأخواتك، وتقول لهذه احتشمي، ولتلك شعرك يظهر منه عدة شعرات، وتراقب في سلوك حميد ما تود أن تكون فيه أسرتك أفضل الناس، لكنك تعود - أنت وهم - فلا تغار من النظام في ذلك البلد، لتكون أول من يخرق النظام في هذا البلد، ألا يوجد غيرة (مواطنية) إن صحت التسمية! - الغيرة السلوكية، كما أن الأب يقول لابنه: ألا تغار من أن ابن الجيران، أو قريبك أو صديقك على مستوى عال جدا في الدراسة، ألا تغار منه وتصبح مثله، وكذلك الغيرة السلوكية، كلما رأينا سلوكا لطيفا سواء من مواطن في بلدنا أو من آخر خارج بلدنا، ألا نغار ونحاول أن ننقل تلك الغيرة السلوكية لأنفسنا ولبلدنا، لعل بلدنا يكون أفضل، أليس من الغيرة السلوكية أن ترى سلوك الناس في حدائق العالم كلها، فتنقل لنا تلك الصورة فقط في الكلام، ولا تنقلها بأفعالك؟ هذه هي الغيرة التنموية السلوكية الحميدة، دون أن نقدح بالآخر، دون أن نشير لشيء سيئ لديهم لنبرر تخلفنا في شيء نحن أحق باكتسابه منهم لأن (ديننا) يأمر به، وأخيرا سيقول أحد المسؤولين: والله العظيم أني أغار وبودي أن يكون بلدي أفضل بلد، لكن فريق العمل لا يساعد، وبيروقراطيتنا لا تساعد، وربما بعض الإجراءات تحد من الإبداع، وسأقول له هذه بعض الأمثلة لبعض الأشياء التي أتمنى أن تغار وتفعلها، ولا تحتاج لفريق عمل يساعدك، ولا أنظمة تدفعك، ولا بيئة تساعدك، وهي الابتسامة في العمل للمراجعين، مساعدة الناس قدر ما تستطيع دون تخطي الأنظمة، إنهاء أعمالك المنوطة بك أولا بأول دون تأخير، أن تبعد مصالحك الشخصية والمحسوبية عن عملك، فهذه أشياء تفعلها غيرة من شعوب أخرى لا تحتاج أن ترمي بالعبء على الآخر، بل عليك أنت وحدك لا شريك معك في ذلك!
مشاركة :