قصة "نفق العقوبات المظلم" الذي دخلته إيران منذ 4 عقود

  • 11/6/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

"نحن في حالة حرب، يجب أن نصمد لننتصر "... بضعة كلمات للرئيس الإيراني، حسن #روحاني، جاءت بمثابة اعتراف واضح على أن البلاد قد دخلت في نفق مظلم لم تشهد له مثيلاً، خلال تاريخ حافل من العقوبات. تصريحات روحاني، اليوم التي ترافقت مع دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية على طهران حيز التنفيذ، وإن كانت في ظاهرها تتسم بالمكابرة، إلا أنها تحمل في طياتها يقينا باطنيا في نفوس المسؤولين الإيرانيين: بأن طهران قبل "عقوبات ترمب" ليست كبعدها! جولة سريعة عبر 4 عقود من الزمن، تظهر أن شرارة #العقوبات_الأميركية_على_إيران قد اندلعت عام 1979، عندما جمدت إدارة الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، الأصول الإيرانية رداً على أزمة الرهائن، حيث تم احتجاز 52 أميركيا لأكثر من عام بالسفارة الأميركية في طهران. احتجاز أميركيين لمدة 444 يوما، إثر اقتحام مجموعة من الطلاب الثوريين في إيران السفارة الأميركية دعماً للثورة. ارتفعت شدة العقوبات واتخذت طابعا أكثر صرامة في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الحالي في ظل إدارة الرئيسين كلينتون وبوش، وذلك استجابة على توسع إيران في برنامجها النووي ودعمها لميليشيات حزب الله. غير أن الفترة الممتدة بين عامين 2010 و2013، شكلت علامة فارقة حيث كان لتهديدات إدارة الرئيس الأميركي أوباما بفرض عقوبات على الشركات غير الأميركية التي تتعامل مع إيران، تأثير مروع في قدرة إيران على التجارة بالنفط وإجراء المعاملات في النظام المصرفي العالمي. وبحسب أرقام رسمية صادرة عن "#أوبك"، فقد تراجع إنتاج إيران النفطي من 3.733 مليون برميل يوميا في يناير 2010 إلى 2.712 مليون برميل يوميا في يناير 2013. حينها، استخدم أوباما العقوبات كوسيلة ضغط على إيران لحثها على التفاوض حول اتفاق لخفض تخصيب اليورانيوم على اعتبار أن طهران لن تعود تشكل خطرا حقيقيا وتهديدا إذا قدمت تنازلات نووية وأعيد ربطها بالاقتصاد العالمي. وبالفعل، انضمت الصين وروسيا والدول الأوروبية إلى الولايات المتحدة في مناقشات مكثفة مع إيران بشأن هذه الصفقة. وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إلى أقصى اليسار، يتحدث مع المسؤولين الإيرانيين قبيل جلسة التفاوض النووية في لوزان، سويسرا، في مارس 2015. بعد قرابة العامين من المحادثات، أبرمت القوى العالمية (5+1) الاتفاق النووي الإيراني في 14 يوليو 2015، مما أدى إلى رفع العقوبات تدريجيا عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وهو ما قرأه العالم على أنه انقلاب كبير في السياسة الخارجية لإدارة أوباما... بينما سجلت نقطة إيجابية للرئيس روحاني آنذاك كونه أظهر فلسفة جديدة قوامها المرونة والقدرة على الانخراط بالاقتصاد العالمي. رجل إيراني يحمل صورة للرئيس حسن روحاني خلال الاحتفالات في طهران بعد التوصل إلى الاتفاق النووي. سلك تطبيق #الاتفاق_النووي_الإيراني مسارا سلسا في البداية، غير أنه أثار غضب معارضي أوباما المحافظين، الذين اعتقدوا أن الاتفاق النووي لم يحد من نشاط إيران النووي ودعمها للإرهاب. وكان من بين هؤلاء دونالد ترمب، حينما كان يومها مرشحا للانتخابات الرئاسية، الذي وصف الصفقة بأنها "واحدة من أسوأ الصفقات التي تم التفاوض عليها على الإطلاق". وخلال حملته الانتخابية، وعد مراراً وتكراراً بإنهائها. ومع تزايد التهديدات، واجه قادة إيران مشاكل داخلية متصاعدة. ففي حين أن الرفع الجزئي للعقوبات قد ساعد في تعزيز صادرات النفط الإيرانية، غير أنه لم تتحسن معيشة معظم الإيرانيين، مع بقاء معدلات البطالة في خانة الرقمين. إذ رغم تراجع معدلات البطالة من مستوياتها الجنونية والتي لامست الـ15%، إلا أنها بقيت فوق حاجز الـ10%. وهذا ما أدى إلى استياء الشارع الإيراني، حيث اندلعت احتجاجات شعبية في 28 ديسمبر 2017، تعد الأكثر انتشارا في عقد من الزمن واستمرت الأكثر من أسبوعين، وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية في البلاد. اشتباك طلاب إيرانيين مع شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاجات حول جامعة طهران في 30 ديسمبر 2017. وفي حين لم يكن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني أولوية فورية لترمب بعد توليه منصبه، إلا أنه عاد ووفى بوعده في 8 مايو الماضي، مما زاد من حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في إيران. وقد أعطيت الشركات فترة بين 90 و180 يوما لإنهاء الأعمال المصرح بها بموجب الاتفاق النووي. وجاءت الجولة الأولى من العقوبات التي أعيد فرضها في 7 أغسطس الماضي، مما أثر على قطاعي الطيران والسيارات في إيران، فضلاً عن تجارتها في الذهب والعملات. لكن من المتوقع أن يكون للجولة الثانية من العقوبات، التي دخلت حيز التنفيذ الاثنين، تأثير مدمر اقتصادياً، كونها تستهدف مباشرة النظام المالي الإيراني وصناعات النفط والشحن. ليأتي انهيار قيمة العملة الإيرانية ليزيد الطينة بلة، بعدما هبطت العملة من 42 ألف ريال بداية العام، إلى 144 ألف ريال للدولار الأميركي. وبالطبع، انهيار الريال الإيراني أدى إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد ما ساهم في ارتفاع التضخم. واستنادا إلى أرقام البنك المركزي الإيراني، ارتفعت تكاليف الغذاء (الأسماك) بـ57%، النقل بنسبة 55%، الاتصالات بنسبة 43%، الخبز والحبوب بنسبة 20%، التكاليف الطبية بنسبة 17%... مما يضغط على الميزانية الإيرانية. في ضوء هذه المؤشرات السلبية، حاولت الحكومة الإيرانية أن تلملم خسائرها بالسماح للبنك المركزي بالتدخل في أسواق العملات، وموجة إقالات وتعيينات جديدة للوزراء، غير أن لا نتائج ملموسة حتى الآن.. فهل ترضخ إيران للضغوطات الأميركية وتقبل بالشروط الاثني عشر أم نشهد انكسار النظام الحالي؟

مشاركة :