مصدر الصورةReutersImage caption انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في وقت سابق من العام الجاري تمهيدا لفرض عقوبات على إيران حذر مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، من أن الولايات المتحدة سوف تمضي في الضغط "بلا هوادة" على إيران ما لم تغير الأخيرة "مسارها الثوري". تأتي هذه التصريحات عقب إعادة واشنطن فرض جميع العقوبات الاقتصادية على طهران، والتي رُفعت من قبل بعد إبرام الاتفاق النووي بين إيران وقوى الغرب في 2015، وذلك في استهداف للقطاعات الاقتصادية الرئيسة الإيرانية. في المقابل، تبنى الرئيس الإيراني محمد حسن روحاني لهجة يغلب عليها التحدي في تصريحاته التي جاءت ردا على الإجراءات الأمريكية، مؤكدا أن بلاده سوف تستمر في "بيع النفط". وأضاف، أثناء حديثه إلى المجموعة الاقتصادية بوزارته: "سوف نفتخر بأن نخرق العقوبات". وقال بومبيو إن "أمام إيران الاختيار: إما أن تتحول 180 درجة عن مسارها الحالي المخالف للقانون وأن تتصرف كدولة عادية، أو أنها سوف تشاهد اقتصادها ينهار." وأضاف وزير الخارجية الأمريكي أن 20 دولة توقفت بالفعل عن استيراد النفط الإيراني، مؤكدا أن صادرات النفط الإيرانية تراجعت بحوالي مليون برميل يوميا. وقالت الدول الأوروبية، التي لا تزال طرفا في الاتفاق النووي التاريخي، إنها سوف تساعد الشركات على الالتفاف حول العقوبات الأمريكية، لكن قدرتها على ذلك لا تزال محل شك.كيف آلت الأمور إلى وضعها الحالي؟ انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي بين إيران وقوى الغرب الذي وُقع في 2015، واصفا الاتفاق بأنه "أسوأ صفقة". ونص الاتفاق على تخفيف العقوبات على إيران مقابل خفض نشاطها في التطوير النووي، وهو ما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران التزمت به. وقال ترامب إنه يستهدف من خلال هذه الإجراءات الضغط على إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات. وقالت إدارة ترامب إنها تستهدف وقف منع طهران من الاستمرار في أنشطتها "الخبيثة"، بما في ذلك القرصنة الإليكترونية، واختبار الصواريخ الباليستية، ودعم الجماعات الإرهابية والميليشيات في الشرق الأوسط.. ويرجح الرئيس الأمريكي أن "استراتيجية الحد الأقصى من الضغط" تجدي نفعا، لكنه قال الاثنين الماضي إنه يريد فرض العقوبات تدريجيا لتفادي ارتفاعات حادة في أسعار النفط العالمية. وأضاف: "أستطيع الوصول بصادرات النفط الإيراني إلى الصفر فورا، لكن ذلك قد يمثل صدمة للأسواق بينما لا أريد أن ترتفع أسعار النفط." وقالت الخارجية الأمريكية إن ثلاثة مشروعات نووية لأغراض سلمية نص عليها الاتفاق النووي الموقع في 2015 سوف يُسمح لها بالاستمرار "تحت أعلى مستوى من المراقبة". لكن الإدارة الأمريكية منحت استثناءات لثماني دول من العقوبات المفروضة على النفط الإيراني لتستمر هذه الدول في استيراد النفط من إيران لمدة 180 يوما، وهي الصين، والهند، واليابان، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وإيطاليا، واليونان، وتركيا.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption تحتوي قائمة العقوبات الأمريكية على 700 اسما من بينها سفن وشخصيات وشركات إيرانية لماذا تزعم واشنطن أن إيران هي أقوى داعم للإرهاب على مستوى العالم؟ تناصب الولايات المتحدة إيران العداء منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. ومنذ ذلك الحين تزعم واشنطن أن إيران تمد الجماعات المسلحة النشطة بالسلاح في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. ونفذت هذه الجماعات، مثل حزب الله اللبناني، هجمات دامية، مثل الهجوم على ثكنات عسكرية في بيروت عام 1983 أسفرت عن مقتل 241 جندي أمريكي، و58 من القوات الفرنسية شبه العسكرية. لكن إيران نفت أن تكون وراء هذا الهجوم. واتهمت واشنطن إيران صراحة بتدبير وتنفيذ هجمات تضمنت تفجيرات واغتيالات على مدار تلك الفترة. وقال تقرير صادر عن الخارجية الأمريكية إن إيران أنفقت حوالي 16 مليار دولار لدعم جماعات مسلحة موالية لها منذ 2012 في المنطقة ومساندة الرئيس السوري بشار الأسد. ورفضت إيران المزاعم الأمريكية كما رفضت تصنيفها كدولة مصدرة للإرهاب.ما هو الأثر المتوقع للعقوبات الأمريكية على طهران؟ أعادت الإدارة الأمريكية العقوبات الاقتصادية على إيران في دفعتها الأولى في أغسطس/ آب الماضي، لكن محللين يرون أن هذه الدفعة التي بدأ العمل بها الاثنين الماضي هي الأكثر أثرا والأهم حتى الآن. وتحتوي قائمة العقوبات 700 اسما بين أفراد، ومؤسسات أعمال، وسفن، من بينها بنوك كبرى، ومصدري نفط، وشركات شحن. وأكدت شبكة "سويفت" للمدفوعات البنكية في بروكسل إنها بدأت بالفعل وقف التعاملات الخاصة بعدد من البنوك الإيرانية، وهو ما من شأنه أن يجعل إيران في عزلة عن النظام المالي العالمي. وجاء في أعقاب إعلان عودة العقوبات ضد إيران قرارا من البيت الأبيض باستثناء مؤقت لثماني دول من الحظر المفروض على صادرات النفط الإيراني لتستمر هذه الدول في استيراد النفط لمدة 180 يوما، أبرزها الصين والهند، وهما من أكبر مستوردي النفط الإيراني. ولم يكن الاقتصاد الإيراني يسير على ما يرام حتى قبل إعادة فرض العقوبات على طهران، إذ تعرض لأزمة هذا العام عندما انهارت العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، مما أدى إلى ارتفاعات حادة في أسعار السلع الأساسية. وأعلن دون بولتون، مستشار الأمن القومي لترامب، الاثنين الماضي أن هناك المزيد من الإجراءات في طريقها للتنفيذ ضد إيران في وقت قريب.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption تبنى الرئيس الإيراني روحاني لهجة يسودها التحدي في التعليق على العقوبات الأمريكية ما رأي دول أخرى في العقوبات على إيران؟ وعدت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وهي الدول الأوروبية الثلاثة التي لا تزال ملتزمة بالاتفاق النووي الإيراني، بدعم الشركات الأوروبية في الدخول في "أعمال شرعية" مع إيران. وطورت تلك الدول آلية بديلة للسداد، "وهي برنامج الغرض الخاص" وفقا لما أطلقت عليه تلك الدول، والذي يساعد الشركات في الاستمرار في أعمالها التجارية مع إيران دون التعرض لعقوبات أمريكية. لكن خبراء يشككون في إمكانية أن يؤدي موقف هذه الدول الأوروبية إلى إضعاف الأثر المتوقع للعقوبات في ضوء الأهمية التي تتمتع بها الولايات المتحدة بالنسبة للتجارة العالمية. وقال بومبيو إن أكثر من مئة شركة عالمية انسحبت من إيران عندما بدأت الولايات المتحدة في الإشارة إلى إعادة فرض العقوبات. وحتى مع توافر وسيلة الدفع البديلة، " برنامج الغرض الخاص"، قد تتعرض أي شركة أمريكية لعقوبات حال التعاون مع إيران. في سياق متصل، أعربت الصين، إحدى الدول الموقعة على الاتفاق النووي، عن أسفها لإعادة فرض العقوبات على إيران، مؤكدة على ضرورة احترام التجارة الشرعية مع إيران. في المقابل، وصفت إسرائيل، العدو الأقدم لإيران في الشرق الأوسط، الإجراءات الأمريكية بأنها "خطوة شجاعة اتخذت، وقرار هام."
مشاركة :