أكَّدت المملكة العربية السعودية، حرصها على المضي قُدماً نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة، منطلقة من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وأنظمتها، والتزاماتها بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية. وأكد رئيس وفد المملكة معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان، في كلمة المملكة التي ألقاها في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف خلال مناقشة تقرير المملكة الثالث ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل، استمرار المملكة ووقوفها الدائم إلى جانب الشعب اليمني وحكومته الشرعية بناءً على طلبها بعد عدوان الميليشيات الحوثية على اليمن، والحكومة الشرعية، ومؤسسات الدولة، وعلى الشعب اليمني، وتقويضها للعملية السياسية السلمية الانتقالية الشاملة، ودفاعاً عن المملكة من القصف العشوائي من قبل الميليشيات الحوثية، للمناطق والمدن والقرى المحاذية للحد الجنوبي للمملكة، وإطلاق الصواريخ على كبريات المدن السعودية والقرى، نتج عنها مقتل وجرح المئات من المدنيين من بينهم الأطفال والشيوخ والنساء وشدد رئيس وفد المملكة على التزام المملكة القاطع بقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في العمليات العسكرية التي يقودها تحالف دعم الشرعية في اليمن، مشدداً على أن المملكة تبذل عناية فائقة لتجنيب المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء والأعيان المدنية والبنية التحتية، آثار النزاع. مشيراً إلى أن المملكة مستمرةٌ في تكثيف التنسيق مع المنظمات الدولية لتقديم وإيصال المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، حيث تم إطلاق خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن والتي دشّنت العديد من المشروعات. وأضاف: بلغ حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية التي قدمتها المملكة لليمن الشقيق منذ 2015 حتى الآن (11.18) مليار دولار أمريكي. وفيما يتعلّق بالأزمة السورية أكد العيبان أنه ومنذ اندلاع الأزمة استقبلت المملكة ما يقارب مليونين ونصف المليون مواطن سوري، وحرصت على حفظ كرامتهم وسلامتهم، ومنحهم حرية الحركة، ومنحت لمن أراد البقاء منهم، الإقامة النظامية بكل ما يترتب عليها من حقوق الرعاية الصحية المجانية، والانخراط في سوق العمل والتعليم. وشدَّد العيبان على أن المملكة سارعت الخطى في سبيل حماية وتعزيز حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية، والتي شهدت تحولات نوعية وإصلاحات جذرية فيما يتعلّق بهذا الجانب، عبر بوتقة من الأنظمة والقرارات والأوامر والتعاميم مثّلت مجتمعة عنواناً عريضاً لحماية حقوق الإنسان، ولدستورية، وأنظمتها المنبثقة منها، والتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، واسترشاداً بالتوصيات الموضوعية التي تم تقديمها خلال الجولة الثانية للاستعراض في 2013م. وفي مجال تقنين وتدوين الأحكام القضائية، أشار العيبان إلى صدور أمر ملكي في عام 2014م قضي بتكوين لجنة لإعداد مشروع مدونة الأحكام القضائية في الموضوعات الشرعية ذوات العلاقة بالقضاء. كما تم إنشاء مركز التدريب العدلي الذي يهدف إلى رفع كفاءة وتأهيل القضاة وأعوانهم. مبيّناً أنه وفي مجال تعزيز العدالة الجنائية، قامت النيابة بوضع كاميرات خاصة داخل مكاتب التحقيق، وأصدرت تعميماً لأعضائها بالتقيد بتضمين أوراق القضية ما يفيد تعريف المتهم بحقوقه، وتضمين قرارات الاتهام المفاهيم الواردة في اتفاقيات حقوق الإنسان التي أصبحت المملكة طرفاً فيها. كما قامت المديرية العامة للسجون بإنشاء إدارة لحقوق الإنسان، وتعزيز دور مكاتب الجهات الرقابية داخل السجون لتلقي شكاوى السجناء والموقوفين، وتشكيل لجنة لإعداد دليل مرجعي لتقصي وتوثيق جرائم التعذيب وتقديم المساعدة لضحاياه. ومضى العيبان: لم تألُ المملكة جهداً، في مكافحة ما يقوض أو يهدد أو يكون سبباً في إهدار حقوق الإنسان، من السلوكيات الإجرامية التي يأتي في مقدمتها: التطرف، والإرهاب، والفساد، حيث أخذت المملكة على عاتقها بيان منافاة الإرهاب والتطرف والغلو؛ لمقاصد ومبادئ الشريعة الإسلامية، وتجريم تلك الأفعال، وقد حقق رجال الأمن إنجازات كثيرة في التصدي لأعمال العنف والإرهاب، وإفشال الكثير من الخطط الآثمة، والعمليات الإرهابية مع التقيد بالاحترام الواجب لحقوق الإنسان، كما أطلق مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني العديد من المشروعات منها: مشروع (تبيان)، الذي يهدف إلى نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ التطرف بجميع أشكاله، كما تم إنشاء «مركز الحرب الفكرية» الذي يختص بمواجهة جذور التطرف والإرهاب. وأكد العيبان على جهود المملكة الدولية والإقليمية في دعم مجالات حماية حقوق الإنسان مشيراً إلى إنشاء المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» في (2017م)، الذي يُعنى برصد وتحليل الفكر المتطرف لمواجهته والوقاية منه، بالتعاون مع الدول والمنظمات ذوات العلاقة. وكشف رئيس وفد المملكة بأن المملكة منحت قضية مكافحة الفساد أولوية قصوى وذلك من خلال صدور أمر ملكي في (2017م)، قضي بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد لحماية المال العام واجتثاث الفساد العائق للخطط التنموية. وتم إنشاء المركز الوطني «أداء»، لقياس مؤشرات أداء الجهات الحكومية، وإصدار تقارير دورية عن مدى تحقق الأهداف الإستراتيجية، وقياس رضا المستفيدين من الخدمات الحكومية. وفيما يتعلّق بحرية الرأي والتعبير، شدّد العيبان على أنها مكفولة بموجب أنظمة المملكة، ولا تخضع إلا للقيود المقررة بموجب القانون، والضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وألا تكون دعاية للحرب، والكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، وألا تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف. ويمثّل إصدار العديد من الصحف الورقية والإلكترونية، وإنشاء هيئتين مستقلتين للإذاعة والتلفزيون، والإعلام المرئي والمسموع، وإنشاء العديد من القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية بلغات متعددة، وتيسير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها، مؤشرًا يدل على اتساع مساحات التعبير عن الرأي والعناية بها. وأكد العيبان أن مجال تعزيز وحماية حقوق المرأة وتمكينها أكثر المجالات نصيباً من الإصلاح والتطوير خلال المدة التي يغطيها التقرير، ويؤكد ذلك كمية ونوعية التدابير المتخذة، ونتائجها، ومن ذلك صدور أمر سامي في أبريل 2017م، قضى بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة أي شخص عند تقديم الخدمات لها أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها، وفي مجال القضاء على العنف ضد المرأة، يمثل صدور نظام الحماية من الإيذاء ولائحته التنفيذية في (2013م)، ضمانة أسهمت في مكافحة العنف ضد المرأة. ويهدف النظام إلى ضمان توفير الحماية من الإيذاء بمختلف أنواعه. وتعزيزاً لحق المرأة في التنقل وحرية الحركة، فقد صدر أمر سامي قضى باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور على الذكور والإناث على حدٍ سواء، وتم إصدار رخص القيادة للنساء، وبدأت المرأة بممارسة حقها في قيادة السيارة فعلياً بتاريخ 24 يونيو 2018م. وقطع العيبان أمام مجلس حقوق الإنسان بأن المملكة حققت تقدماً ملحوظاً في مجال احترام وحماية حقوق الطفل والوفاء بها، من خلال اتخاذ العديد من التدابير التي أسهمت في تعزيز الأطر القانونية والمؤسسية، ومن ذلك: صدور نظام حماية الطفل في (2014م)، كما صدر نظام الأحداث، في 2018م، متضمناً جميع الإجراءات النظامية للتعامل مع الحدث. واختتم العيبان بأن المملكة تؤكد الحرص على المضي قُدما نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة.
مشاركة :