يعد بنك لئومي الإسرائيلي ثاني أكبر بنك في إسرائيل، ويعود إنشاؤه إلى الحركة الصهيونية الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر، حيث بدأ بإصدار الشيكل الإسرائيلي خلال سنوات بداية إنشاء وتأسيس ما يسمى بالدولة اليهودية الإسرائيلية، ويعد بنكا تجاريا متكاملا في تقديم الخدمات، ولدية شركات فرعية تعمل في أنشطة متعددة من بينها إصدار السندات، وتقديم القروض للزراعة، والتنمية الصناعية، وتقديم قروض الرهن العقاري، وخدمات التأمين، ومجموعة متكاملة من الاستثمارات والخدمات المصرفية بما في ذلك إدارة المحافظ، وقضايا الاكتتاب في الأسهم، والبنك يستثمر بصورة مباشرة في حوالي 35 من الشركات الإسرائيلية، كما أن لديه خمس شركات فرعية، ومكاتب أجنبية في 19 دولة. والأساس الذي بُنِي عليه هذا البنك ابتدأ بتأسيس الصندوق الاستعماري اليهودي في عام 1899م، من قبل الكونجرس الصهيوني الثاني، بقصد جمع ما يكفي من المال لتقديمه قرضا إلى حكومة الإمبراطورية العثمانية مقابل ميثاق يمنح اليهود في الخارج الحق القانوني في الاستقرار في فلسطين وتنمية الأنشطة المجتمعية الخاصة باليهود في تلك الأرض المسلوبة. ولم تنجح هذه الجهود في تحقيق الهدف المطلوب، لكن في عام 1902م تأسست شركة أنجلو فلسطين المحدودة على أساس أنها بنك تم إدراجه في العام نفسه في مدينة لندن، وفي العام الذي يليه، تم افتتاح مكتب للبنك في فلسطين، كبنك يقدم خدمات تجارية فقط بسبب أن موارد شركة الأنجلو - فلسطين الهزيلة لا تسمح بالعمل كمصرف استثماري متطور، وكان هذا البنك يتعامل بشكل حصري تقريبا في الائتمان قصير الأجل للتجارة والخدمات والحرف اليدوية، ومع كل ذلك استطاع هذا البنك افتتاح خمسة فروع أخرى في فلسطين بحلول عام 1914م. كذلك كان له فرع في بيروت - لبنان - المركز المالي والتجاري لمنطقة الشرق الأوسط آنذاك، كذلك قام البنك بإنشاء شبكة من الجمعيات التعاونية الائتمانية التي لعبت دورا مهمًّا في تمويل شراء الأراضي وتسويقها في حيفا والقدس. وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى انتقلت الوصاية على فلسطين من تركيا إلى الحكم البريطاني عام 1921م. عندما أنشأت شركة أنجلو - فلسطين أول فرع لها وهو بنك الرهن العقاري، وفي هذا الوقت تحولت الشركة الأم رسميا إلى بنك أنجلو - فلسطين في عام 1930م. وبحلول عام 1936م، كان لديه ما يقارب 32.000 حساب إيداع ما جعله يتوسع بشكل كبير خلال الحرب العالمية الثانية. وفي نهاية هذه الحرب كان البنك يمتلك نصف إجمالي الودائع المصرفية في فلسطين. كان للبنك إسهامات كثيرة في الجزء الأخير من الحرب العالمية الثانية في تأسيس عدد من الشركات التابعة وخاصة في مجال التنمية الزراعية والصناعية، وشركات الاستثمار، وفي مجال التعامل في الأوراق المالية ومنح القروض الطويلة الأجل للسلطات والمؤسسات المحلية، كما شارك وأسهم في تمويل النضال من أجل الاستقلال عن البريطانيين الذين أُنهكوا وتعبوا بعد الحرب العالمية الثانية، ونتيجة لهذا النشاط المحموم تم استبعاد فلسطين من منطقة الجنيه الإسترليني ما جعل البنك يستصدر مذكرات تكون مدعومة بالكامل كعملة يتم تداولها. وفي بداية نشأة إسرائيل عام 1948م. احتفظ البنك بحقه الاستثماري في إصدار مثل هذه المذكرات حتى عام 1954م، عندما تم إنشاء بنك مركزي هو بنك إسرائيل. وبما أن شركة أنجلو - فلسطين التي تمثل أعمال البنك كانت شركة أجنبية مستأجرة، تم تأسيس شركة جديدة مقرها إسرائيل تحمل اسم بنك لئومي الإسرائيلي في موقع الشركة نفسه في عام 1954م. استطاع بنك لئومي أن ينمي أنشطته من خلال تطور فروعه من 14 فرعا عام 1948م إلى 53 فرعا في نهاية عام 1952م، وكان لديه ممثلون في مدن أمريكية وأوروبية مثل نيويورك، ولندن، وزيورخ، عندما تحولت أنشطته في هذه المدن فيما بعد لتصبح مقارا للشركات الأجنبية التابعة للبنك. وبحلول نهاية عام 1975م، كان لدى بنك لئومي ما يقارب الــ307 فروع، منها 293 فقط داخل إسرائيل، وكان هذا التوسع نتيجة اكتساب بنوك أخرى وجمعيات تعاونية ائتمانية وقد أصدر البنك أولى بطاقاته الائتمانية في عام 1978م. مر البنك بظروف صعبة للغاية خسر خلالها موقعه كأكبر بنك في إسرائيل إلى بنك هبوعاليم بي إم، كذلك استحوذت البنوك الإسرائيلية على أكثر من نصف أسهمه المتداولة في بورصة تل أبيب، التي كانت تشكل العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي. وعلى مدى عدة سنوات خسر البنك أموالا طائلة في عام 1986م ما سبب غضب الإسرائيليين، وخاصة عندما تفاوض رئيسه على «مظلة ذهبية» بقيمة 5 ملايين دولار ضمن مكافآت نهاية الخدمة، بالإضافة إلى معاش سنوي قدره 360 ألف دولار، وقد أجبر الغضب الشعبي مجلس إدارة البنك بأكمله على الاستقالة. لقد قام البنك بإعداد برنامج من أجل تحسين هامش الربح الضئيل لديه، وركز في ذلك على الشركات بدلا من الخدمات المصرفية للأفراد، كذلك الاستثمار في الخدمات المصرفية الإلكترونية المنزلية من أجل تقليل الاعتماد على الفروع المكلفة. هذا، كما قام البنك على ضوء ذلك بإغلاق ما يقرب من ثلث فروعه الأجنبية البالغ عددها 67 فرعا منذ عام 1983م، بعد أن تعرض لخسائر فادحة في الولايات المتحدة نتيجة كثرة القروض المعدومة، كما تم خفض موظفي البنك بنحو 15%. بالإضافة إلى قيام الحكومة الإسرائيلية بنهاية عام 2002م بتخفيض حصتها في البنك إلى 41.73% في الوقت الذي كانت تسعى فيه إلى التخلص من باقي حصتها. وسعت الحكومة إلى إضعاف قبضة البنوك الإسرائيلية على الاقتصاد من خلال تشريع يخفض من ممتلكاتها في الأنشطة غير المصرفية. بحلول عام 1976م، احتل بنك لئومي المرتبة الثامنة عشرة بين البنوك العاملة في ولاية نيويورك، وقد بلغت الودائع لديه بين 700 مليون و800 مليون دولار، وقروض تزيد على 300 مليون دولار، وتمثل أنشطة البنك في مجال تمويل التجارة الدولية، إذ إن جزءا كبيرا منها يمثل حوالي نصف أعمال البنك بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. كانت الإعلانات التي يعرضها البنك كأهداف موضوعية من أجل جذب اليهود، والكثير من العملاء الآخرين المحتملين تتم بنمط سياسي أكثر من كونه تجاريا أو اقتصاديا مثل: «بعض الناس يحتاجون إلى القليل من المساعدات للوصول إلى أرض الميعاد» أو إعلان آخر يتعلق بحسابات التقاعد الفردية للبنك، يقول: «إذا كنت تحلم بالتقاعد إلى أرض اللبن والعسل» فلا تقلق «ستحتاج إلى الكثير من الخبز». وقد ركز البنك على القروض التجارية بدلا من حسابات التجزئة وكان يستهدف في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة. أنشأ البنك عام 1986م فرعا له في منطقة وايت بلينز بمقاطعة ويستشتر، واعتبر آنذاك أكبر فرع للبنك في مدينة نيويورك، وكان يستهدف في أنشطته العملاء العرقيين كالأيرلنديين والإيطاليين والبورتوريكيين، وقد بذل موظفوه جهودا كبيرة للبحث عن عملاء في مجالات صناعة الألماس، والملابس، والفراء، والعقارات، حيث كانت هذه القطاعات في مجملها يسيطر عليها اليهود في وسط منهاتن. ومنذ بداية القرن الجديد اتسعت مهام البنك لتشمل نظرته نحو المستقبل المتمثلة في الاستمرار في تقديم منتجات متميزة وخدمات شخصية لعملائه من النخبة، مع التركيز على الأسواق المتخصصة وذلك بالاستفادة من انتشاره العالمي، وقدرات العمل المتنوعة لدى موظفيه، وكل ذلك بدعم من الحركة الصهيونية العالمية.
مشاركة :