يحتفي معرض «الألوان في مصر القديمة»، الذي يستضيفه المتحف المصري، بوسط القاهرة، حالياً، بجماليات وفنيات الألوان التي استخدمها المصريون القدماء، في تلوين التماثيل والمعابد الأثرية، معتمداً على الألوان الأثرية المكتشفة داخل مقابر مصر القديمة، ومقتنيات في المتحف المصري. ويرصد المعرض مراحل تطور الألوان عبر العصور، من خلال تلوين افتراضي للقطع غير الملونة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، طبقاً لمصادر تاريخية، توثّق ألوانها الطبيعية والأصلية. نظم المعرض كل من الباحث المصري هادي الرباط، والفنان الألماني أندريا سلابونفيتش.يهدف المعرض إلى إلقاء الضوء على تطور استخدام الألوان عبر العصور المصرية القديمة، بداية من عصر ما قبل التاريخ حتى العصر اليوناني الروماني من خلال قطع ملونة رائعة الجمال من الفن المصري القديم، كما يشمل عرضاً للألوان المصرية القديمة والأدوات التي استخدمها الفنانون القدامى في عمليات التلوين.ويتضمن المعرض أيضاً عملية تلوين لنقشين عن طريق الإضاءة الموجّهة حتى يبدوا مثلما كانا في الماضي، باستخدام التكنولوجيا الحديثة مع بعض القطع الفنية الأثرية لنقل الماضي إلى الحاضر، مثل لوحة لنفرتيتي من دون ألوان، ويتم تلوينها افتراضياً عبر الإضاءة بالمعرض.الباحث الأثري، هاني الرباط، صاحب فكرة المعرض قال لـ«الشرق الأوسط»: «دعوت صديقي أندريا سلابونفيتش لزيارة مصر لمشاهدة الفن المصري القديم، وبالفعل ذهبنا إلى مدينة الأقصر (جنوبي مصر)، وزرنا معبد الكرنك تحديداً، وانبهر أندريا بإبداع المصريين القدماء، وظل رافعاً رأسه لأعلى لأن الألوان ما زالت باقية في أعلى المعبد كما هي منذ 5 آلاف عام، أما في الأسفل فإنها تلاشت، مما دعا علماء الحملة الفرنسية لتجديد ألوان المعبد مرة أخرى، ومن انبهار أدريان بالألوان المتبقية، وما فعله الفرنسيون، منذ أكثر من 200 سنة جاءتني فكرة المعرض».وأضاف: «بدأت بالبحث والدراسة ومناقشة أندريا في كيفية عمل معرض بهذا الشكل، ثم تواصلنا مع مديرة المتحف المصري الدكتورة صباح عبد الرازق، والتي رحبت بالفكرة وقمنا بعمل تجربة على قطعة واحدة وحين نجحت التجربة قمنا بعمل المعرض، الذي استغرق إعداده عدة أشهر». جدير بالذكر أن هذا المعرض يعد الأول من نوعه داخل المتحف المصري، الذي تستخدم فيه مثل هذه الوسائط الضوئية الحديثة.من جهتها قالت صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصري، لـ«الشرق الأوسط»: «اقترح الباحثان المصري والألماني الاطلاع على بعض مقتنيات المتحف المصري، ليتمكنا من إعادة الألوان الطبيعية للقطع الأثرية، التي تلاشت ألوانها بفعل الزمن، واحتضن المتحف الفكرة، لكونها جديدة، بالإضافة إلى أنها تمثل عامل جذب كبيراً للجمهور».وأضافت أن «المتحف يقيم معرضاً مؤقتاً كل شهر يتواكب مع أي حدث تاريخي أو يقدم فكرة جديدة تسهم في تطوير علم المصريات».بدوره، قال الدكتور مؤمن عثمان، مدير الترميم بالمتحف المصري، وأحد المشاركين في تنظيم المعرض لـ«الشرق الأوسط»: «تقوم فكرة المعرض على تلوين القطع الأثرية التي تلاشى لونها باستخدام التكنولوجيا الحديثة، فهو تلوين افتراضي، لا يؤثر على القطع الأثرية نهائياً، لأنه يعرض تلوين القطع عبر شاشة عرض، باستخدام برامج تطبيقية، استندت إلى مصادر علمية موثقة».وأضاف: «الباحث المصري، والفنان الألماني تتبعا تاريخ الألوان في مصر القديمة في تسلسل تاريخي بداية من أول لوحة جدارية في التاريخ المصري القديم، قبل الأسرات، والمكتشفة في قرية الكوم الأحمر بمحافظة سوهاج، ثم الدولة القديمة وبداية تطور الألوان، والدولة الوسطى حيث قمنا بالتجربة على لوحة لرأس الملكة نفرتيتي وقمنا بتلوينها، ثم انتقلنا للدولة الحديثة والعصرين الروماني واليوناني».
مشاركة :