أنا لست قلقا، ولكني أريد أن أبدو كذلك!

  • 11/7/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

كنت قد قلت إني لن أتحدث مجددا عن موضوع جمال خاشقجي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، لكنكم تعرفون جميعا أني لا ألتزم بكثير من الوعود التي أقطعها، والجميل في الأمر أنه ليس تأثير كبير في الحياة، وهذا أمر يبعث على السعادة والتفاؤل. أتفهم ـ وأظنكم تفعلون أيضا ـ أن يكون للإنسان أو الدولة أو الحزب أو الجماعة أو القناة موقف أخلاقي من قضية ما، هذا مفهوم ومبرر، والموقف الأخلاقي «مبدأ»، لا يتغير بتغير الأسماء ولا بتوجهاتها ولا بالفريق الذي تشجعه ولا بالفريق الذي تكرهه. واستطرادا ولتوضيح الفكرة السابقة عن الفرق ـ بكسر الفاء ـ ، فهناك بالفعل جماهير لا تشجع فريقا بعينه، ولكنها تكره فريقا وتتمنى خسارته وتساند كل من يلعب ضده. أي أن التشجيع نوعان، نوع بدافع الحب وآخر بدافع الكراهية. وهذا بالطبع ليس في ملاعب كرة القدم فقط، وأظنكم تعلمون أن الأمر يتعدى ذلك إلى كل مباريات الحياة. في قضية جمال رحمه الله، لم يعد الموضوع موضوع «مبدأ»، ولم تعد الفكرة هي القصاص من القتلة انتصارا لحرية الكلمة، ولم تعد إثارة الموضوع بهذا الحماس والشراسة تهدف إلى الانتصار للمظلومين والمغدورين في هذا الكوكب البائس المسكين. أنا أتمنى بالفعل أن يتم القصاص من قتلة جمال أيا كانوا، وأن يغلق هذا الملف بانتصار جمال على قاتليه، لكني في ذات الوقت لن أقبل ممن يقتل مئات الآلاف من شعبه ومن يحرض على قتل الشعوب الأخرى، ومن يتفنن في استخدام أدوات القتل والتنكيل أن يمثل دور الحزين على الإنسانية وعلى حقوق الكائنات الحية. والإعلام الذي تمر عليه قضايا اعتقال وإخفاء الصحفيين في كل أصقاع الدنيا وكأنها لم تحدث ثم ينتفض فجأة من أجل قضية مشابهة، فإن الأمر لا علاقة له بالمبادئ ولا بالوقوف في وجه الظلم والاستبداد وبقية العبارات التي تعرفون وتسمعون وتألفون. وقد قلت من اليوم الأول لهذه القضية، وقبل أن تتكشف أحداثها ويعلن عن وفاة جمال رحمه الله، إن كثيرا من الذين يتباكون عليه لا يريدونه حيا، لأن هذا سيفسد ما يسعون إليه ويريدونه، وأظن أن هذا واضح الآن ولا يحتاج إلى قدرات خارقة لفهمه، والأسى المدعى الذي كان في تلك الوجوه الكالحة في بداية القصة تحول إلى مسحة من ابتهاج بعد تأكد مقتله. وعلى أي حال.. لهذه البلاد رب يحميها، وحكام أهل لقيادتها وتجاوز أزماتها وتصحيح عثراتها وأخطائها، أنا واثق من هذا، ولذلك فإني ورغم كل ما يقال ويحدث، لا يشغل بالي أثناء كتابة هذا المقال سوى ما ستؤول إليه نتيجة مباراتي الاتفاق وليفربول هذا المساء، وأكثر ما سيحزنني هو أن تكون نتيجتيهما سيئة، وأن يكون الهلاليون والصربيون سعداء أثناء نشر هذا المقال.

مشاركة :