يرن الهاتف. ترد. في الطرف الآخر شخص يبدو ذا شخصية آسرة. يُخبرك عن شركة يعتقد أنك قد تهتم بها. الشركة تعمل في مجال الطاقة المتجددة. لديها تكنولوجيا حديثة يمكن أن تغير قواعد اللعب في القطاع – وكذلك مستقبلك المالي. الشركة تعمل من مدينة علمية معروفة ويبدو أنها تحظى بدعم أكاديميين لامعين. يشير الرجل اللطيف إلى أنك إذا اشتريت فيها الآن، فإنك ستكون داعما لحل جزئي محتمل للاحتباس الحراري، فضلا عن منح نفسك فرصة لتحقيق عوائد تفوق أقصى أحلام معظم الناس. فماذا أنت فاعل؟ عليك أن تُغلق الهاتف. هذا هو خيارك الوحيد – مهما كنت تظن أن سلوكك يمكن أن يبدو فظا أو أنك تخرب بيتك بيديك. حتى أجعلك تقتنع بهذا، إليك هذه القصة الملطخة لشركة الطاقة المتجددة "أكسفورد رينيوابل فيول ليميتد" (لا ينبغي الخلط بينها وبين الشركة الحقيقية والصادقة، أكسفورد رينيوابلز). شركة أكسفورد رينيوابل فيول التي تأسست في عام 2013، كان فيها عضو مجلس إدارة وحيد هو أدريان آير. زعم أن الشركة قادرة على استخدام البكتيريا لإنتاج غاز الميثان؛ وأن هذا الغاز الحيوي يُمكن استخدامه باعتباره طاقة – وأن التكنولوجيا تم اختبارها من خلال تزويد محرك طائرة نفاثة صغيرة بالوقود. قيل للمستثمرين إن أعضاء مجلس الإدارة في الشركة وضعوا حتى الآن 1.5 مليون جنيه استرليني في الشركة، وإن لديهم "فريقا استشاريا يضم أكثر من 40 عالما"، وإنهم عاكفون على جمع مليوني جنيه عن طريق إصدار أسهم جديدة (إصدار أولي) لتسويق الموضوع كله. هذا يتضمن الدفع للسماسرة في الصفقة عمولة بنسبة 10 في المائة. تم إنتاج عدد لا يحصى من الكتيبات اللامعة لشرح هذه التفاصيل. لم يكن أي منها صحيحا. لا محرك، ولا مستشارين، ولا تكنولوجيا حديثة، وبشكل حاسم في كثير من الوقت، لا إصدار أولي. الكثير من الأسهم المتاحة على ما يبدو تم إصدارها بالفعل بدون تكلفة على آير، الذي كان يبيعها مقابل دولار واحد لكل سهم، مع علمه التام أنها عديمة القيمة كليا. في نهاية المطاف جمع آير (64 عاما) نحو سبعة ملايين جنيه من 340 شخصا. العمولات التي دُفعت إلى السماسرة لم تكن، في بعض الأحيان، 10 في المائة، بل نسبة ضخمة تبلغ 50 في المائة. آير لن يحتفظ بحصته. قبل أسبوعين أدين بتهمة الاحتيال في محكمة بريستول كراون وصدر أمس الأول حكم بسجنه سبع سنوات ونصف وإعادة 1.9 مليون جنيه. هذه بشرى سارة، لكن لا أريدكم أن تكونوا مقتنعين بأن هذه الإدانة تعطيكم أي نوع من الطمأنينة بأن نظامنا القضائي سيُبقيكم آمنين من هذا النوع من الاحتيال المالي. أريدكم أن تعتبروا ذلك تحذيرا من أن نظامنا القضائي حاليا لن يفعل. لم يكن الضحايا بلهاء – كان بعضهم من ذوي الخبرة المالية، وكثير منهم سألوا جميع الأسئلة الصحيحة. لكن من السهل جدا أن يقع المرء ضحية هذه الحيل عندما تأتي مع كتيبات لامعة وسماسرة من منظمات مسجلة لدى هيئة السلوك المالي. هناك الكثير منها في الأنحاء – لكن هيئة السلوك المالي تُعاني نقصا في عدد الموظفين على نحو لا يمكنها من مراقبة جميع أنشطتهم. وبالنظر إلى الوقت الذي يتطلبه ذلك، فإن قوة الشرطة المشغولة بشكل مريع ليس لديها حافز يذكر للتحقيق السليم في برامج التحايل المعقدة. ملاحقة هذه القضية تضمنت تحقيقا لمدة ثلاثة أعوام من قِبل أحد المسؤولين البارزين، ومحاكمة استمرت عشرة أسابيع، مع تعيين شهود خبراء وتثقيف هيئة المحلفين بطبيعة الشركة محدودة المسؤولية – وكانت النتيجة إدانة واحدة. هذا ليس فوزا سريعا تماما لقوة شرطة يتم الحكم عليها حسب النتائج. سيستعيد المستثمرون في "أكسفورد رينيوابل فيول ليميتد" بعض المال – سيتم "تقييد" أصول آير وتقسيمها بشكل تناسبي. وستكون الدولة قادرة على فرض تكاليف المقاضاة على ملكيته. لكن في معظم القضايا، الوقت والخبرة اللازمان للتحقيق يعنيان أنه لن تكون هناك مقاضاة، وبالتالي لا يوجد استرداد. هذا يمكن – وينبغي – أن يتغير. يجب أن تكون لدى الشرطة موارد أكثر وأنظمة أفضل. يستطيع ضابط الشرطة التنقيب في 300 صفحة من الأدلة المحتملة كل يوم، لكن الذكاء الاصطناعي يستطيع فحص 600 ألف صفحة. رئيسة ضباط الشرطة، سارة ثورنتون، كانت لديها وجهة نظر سليمة حين طالبت بأن تقضي الشرطة وقتا أكثر على الجريمة "الفعلية". مع ذلك، بينما ننتظر من السلطات تقييم طريقة التعامل مع هذه الجرائم الكريهة والجريئة بشكل خاص، كيف نستطيع حماية أنفسنا؟ النصيحة الأولى والأكثر حزما لدي هي عن مكالمات البائعين التي تأتيكم فجأة. معظم الذين يعلقون في هذا النوع من الاحتيال كانوا قد ردوا على الهاتف على شخص لا يعرفونه واستمعوا إليه لفترة أطول قليلا مما يجب – طويلة بما فيه الكفاية ليقعوا في الفخ. لا تفعلوا. لا يوجد ظرف أستطيع أن أقول عنه إن المتصلين البائعين الذين يتصلون فجأة سيتصلون مع عرض جيد فعلا. ثانيا، احذروا من نوع السماسرة المعنيين. هل سمعت عنهم؟ أين مقرهم؟ هل من المرجح أنهم قدموا العناية الواجبة بشكل صحيح؟ أن تكون شركة خاضعة للتنظيم من قبل هيئة السلوك المالي لا يعني أنها جديرة بالثقة. إذا كنت تفكر في الاستثمار في شركة غير مدرجة، عليك القيام بالعناية الواجبة بنفسك. اتصل برقم المكتب وأسأل ما إذا كان مكتبا افتراضيا (هذه علامة واضحة جدا على أن الأمر مريب). احذروا من الشركات التي تبدو علمية وتزعم أنها بطريقة ما مرتبطة بأكسفورد أو كامبريدج، لأن الجامعات ليست لديها حقوق نشر على أسماء المدن التي توجد فيها. ابحثوا لتعرفوا ما إذا كانت هناك شركة أخرى تحمل اسما مماثلا جدا – يحب المحتالون الاستفادة من الشركات ذات السمعة الحسنة. تحقق من أعضاء مجلس الإدارة. ابحث عنهم على "جوجل" بحذر، باستخدام قاعدة بيانات "بيت الشركات"Companies House – كم عدد الشركات التي كانوا أعضاء في مجالس إدارتها في الماضي وكم دامت تلك الشركات؟ إذا كان هناك عضو مجلس إدارة واحد، عليك أن تستغرب – فهذا ليس أمرا عاديا. أخيرا، اطلب رؤية الحسابات: ستكون الأكاذيب مخفية عبرها تماما. الأفضل من كل ذلك، إذا أردت الاستثمار في شركات غير مدرجة، عليك فعل ذلك عبر صندوق يديره مديرون يعرفون ما يفعلون. أشعر بالغضب من الرسوم السخيفة التي تتقاضاها معظم صناديق ائتمان رأس المال المغامر، لكنها على الأقل تمنح أموالك إعفاء ضريبيا صادقا وبعض العناية الواجبة الصحيحة. للحصول على قيمة أفضل، عليك الذهاب إلى مديري الصناديق الذين يضيفون شركات خاصة إلى محافظهم.
مشاركة :