بن عيسى يؤكد أن الوحدة العربية لا تتحقق بالقوة والهيمنة

  • 11/8/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة بالمغرب يرى أن الدولة الوطنية تحفظ المجتمع من الفتنة والتصادم.عمّان ـ أكد الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، د. محمد بن عيسى أن مشروع الوحدة العربية لا يمكن أن يتحقق بالقوة ولا بالتوسع والهيمنة، مبينا أن فكرة الوحدة الاندماجية ليست سوى "طموح" غير قابل للتحقق. ودعا بن عيسى إلى ضرورة استعادة النظام الإقليمي على أسس جديدة، وفق حقائق المرحلة وتجارب العالم الناجحة في الاندماج، لافتا إلى أن "المأزق الكبير"، الذي تعاني منه النخب العربية؛ هو "الماضوية الجامدة" التي تتدثر بغطاء الشرعية الدينية. ورأى في محاضرة بمنتدى عبدالحميد شومان الثقافي، بعنوان "النخب والأزمات العربية: رهانات المستقبل"، مساء الاثنين، وقدمه فيها للجمهور رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري أن التسلح بالنظرة الاستشرافية الحية، يساعد على صناعة التاريخ، ويكرس فاعلية الإنسان وإرادته الحرة. وبحسبه، فإن العالم العربي، يعاني من خمس أزماتٍ كبرى، الأولى تتعلق بانهيار الدولة الوطنية التي اختفت في بعض الساحات العربية، وتعرضت لانتكاسة قوية في ساحات أخرى، وأصبح من المطروح اليوم الحديث عن مستقبلها وإمكانات إصلاحها وإنقاذها من الانهيار. أما الازمة الثانية، فرأى بن عيسى أنها تتصل بالوضع المسدود الذي وصل إليه النظام الإقليمي العربي؛ الذي ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين، وكان هدفه ومبتغاه هو توحيد الأمة العربية وتحقيق مقومات الاندماج بين بلدانها. النخب العربية تحتاج اليوم، إلى وقفة حقيقية لمعالجة الأزمة المتعلقة بالموضوع الديني؛ لتصحيح أخطاء نظرية وعملية عديدة طغت على الوعي والخطاب في العقود الماضية لكن الأزمة الثالثة المتعلقة بـ "المأزق بين العلاقات بمنطقة الجوار الجغرافي"، فهي، وفق بن عيسى، تخص القوتين الإسلاميتين اللتين تنتميان إلى منظومة الشرق الأوسط بمفهومه الواسع أي إيران وتركيا. وبالنسبة للأزمة الرابعة، فهي متعلقة، بحسب بن عيسى، بتوقف مسار التسوية السلمية للصراع الفلسطيني العربي - الإسرائيلي الذي شكل طيلة سبعين سنة الماضية الإطار الناظم للدبلوماسية العربية ومحور الاهتمام الفكري والسياسي العربي. ولفت إلى أن الأزمة الخامسة تتصل بالمسالة الدينية، أي بما يشهده عالمنا العربي من تصاعد موجة التطرف الديني العنيف ومدى تأثيرها على تكريس الكراهية والغلو والتشدد، وعلى ما تقود إليه من تدمير المجتمعات وتقويض علاقة المسلمين بالعالم. وتساءل بن عيسى عن دور النخب في ما وصل إليه عالمنا العربي من أزمات عصية، لكنه في هذا السياق، رأى أن النخب تشمل الزعامات السياسية والصفوة المثقفة، والقوى المدنية الفاعلة، منبها إلى أهمية تناول النخب أدوارها ومسؤولياتها في معالجة الوضع العربي الراهن. وذهب المحاضر إلى أن خطاب النخب العربية لم يسع في الغالب للتفكير الجدي الموضوعي في الدولة الوطنية، التي هي الصيغة التاريخية الحديثة للتجمع السياسي المنظم، مقابل الأشكال السابقة من الدولة التي عرفتها المجتمعات العربية الإسلامية وغيرها من المجتمعات الإنسانية، كالدولة الإمبراطورية الوسيطة. وأكد أن الدولة الوطنية هي "الضمانة" الحقيقية لتأمين المجتمع من الفتنة والتصادم، بما تقوم عليه من هياكل إدارية بيروقراطية ومؤسسات قانونية، لافتا إلى أن هذه الدولة المركزية لا تتعارض ضرورة مع البنيات الاجتماعية العصبية والطائفية. وبسياق ذي صلة، أوضح بن عيسى أن التجربة الأوروبية قدرة الدولة الوطنية في وحدة المجتمعات والبلدان ومنحها هوية قومية مشتركة، مبينا أن تجارب العالم كشفت عن أن الأمة الواحدة تتوزع إلى كيانات سياسية متعددة، كما أن أغلب دول العالم متعددة ثقافيا وقوميا رغم تجذر هوياتها الوطنية. واعتبر أن التحدي الكبير المطروح أمام النخب العربية اليوم، يتمثل بإعادة تصور الموضوع الفلسطيني، وتحديد أدوات وآليات إدارته، بعد أن أدت المعادلة العملية التي كرسها الاحتلال إلى استحالة قيام دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة. PreviousNext كما بين أن النخب العربية تحتاج اليوم، إلى وقفة حقيقية لمعالجة الأزمة المتعلقة بالموضوع الديني؛ لتصحيح أخطاء نظرية وعملية عديدة طغت على الوعي والخطاب في العقود الماضية. بدوره، قال المصري خلال تقديمه للمحاضر، إن "بن عيسى هو نتاج قوميتين يتميز بهما المغرب: العربية والامازيغية، وأيضا هو نتاج منتديات فقهيه وثقافية تعج بها مدن المغرب مثل فاس والرباط ومراكش". وأعتبر أن مغرب العرب يمتاز عن مشرقه في أوجه عدة، من حيث إنه يتشارك مع أوروبا بالبحر المتوسط مناصفة وهو أكثر قبولا للآخر وإنفتاحا على الحضارات الأخرى، كما أنه أكثر إنحيازا وتوظيفا للعقل من المشرق العربي. وبن عيسى، يشغل حاليا منصب الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة (موسم أصيلة الثقافي الدولي)، وهو مواليد أصيلة/ المغرب. حاصل على الدكتورة الفخرية بالقانون في جامعة منيسوتا في الولايات المتحدة. عمل خبيرا دوليا في الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة. انتخب نائبا في البرلمان المغربي، كما تولى وزارة الثقافة. عمل سفيرا للمملكة المغربية في واشنطن، كذلك وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون.

مشاركة :