قال ديفيد جاردنر -محرر الشؤون الدولية في صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية- إن العاصفة التي أحدثتها المملكة العربية السعودية، من خلال اغتيالها للصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها باسطنبول، قد هدأت مؤقتاً، مشيراً إلى أن التحقيق السعودي المزعوم في جريمة القتل قد أوقف أي رد دولي، رغم أنه يبدو كغطاء لحماية ولي العهد محمد بن سلمان.أضاف أن الرياض أرسلت النائب العام إلى تركيا، مدعية أنها بذلك تتعاون في التحقيق، لكن المسؤولين الأتراك يقولون إنه أراد معرفة ما بحوزة الأتراك، لافتاً إلى أن الأتراك لديهم ما يكفي لتوجيه أصابع الاتهام إلى رأس الحكم. وتابع جاردنر قائلاً إن أي شخص لديه معرفة سريعة حول عمل السلطة في المملكة يمكن أن يعرف، فبعيداً عن المطالبة بالعدالة في قضية خاشقجي، هناك قلق شديد تجاه نظام ملكي مطلق يدور حول شخص ولي العهد، وما قد يحدث من أزمات بعد ذلك. ورأى الكاتب أن الأمير محمد -الذي من المرجح أن يخلف والده المسن عاجلاً وليس آجلاً- قد مزقت أوراق اعتماده كمصلح محتمل، بسبب جريمة قتل خاشقجي؛ التي -بغض النظر عن وحشيتها- تعد فئة فريدة من نوعها، بالنظر إلى تنفيذها بعجرفة وعدم كفاءة. وقال جاردنر إنه لا يمكن لولي العهد الاعتماد في نهاية المطاف على دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يبدو أنه ينسق خطابه مع خطاب الكونجرس الغاضب، كما تدعو إدارة ترمب لإنهاء حرب بن سلمان العقيمة في اليمن. وإذا تجاهل التحالف الذي تقوده السعودية واشنطن، من المحتمل أن يصوت الكونجرس على تعليق جميع مبيعات الأسلحة. وأشار محرر الشؤون الدولية في صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية إلى واشنطن تبدو وكأنها ستعيد إحياء خطتها لإنهاء الحصار الذي تفرضه السعودية على قطر. وأوضح الكاتب أن اعتقاد ترمب المستمر بأن المملكة هي حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، نوع من الابتذال، مشيراً إلى أن السعوديين لا يستطيعون التنافس عسكرياً أو أيديولوجياً مع إيران، فقد صرفهم سلوكهم المارق عن المغامرة الإقليمية الإيرانية، وأدى إلى سحب الزخم من حملة ترمب ضد الجمهورية الإسلامية. وأضاف جاردنر: «بالنسبة لإسرائيل وفلسطين، كان من الوهم دائماً الاعتقاد بأن يتمكن ولي العهد من إقرار اتفاقية سلام مصممة للمواصفات الإسرائيلية مع رخصة سعودية، وفرضها على الفلسطينيين، فمن الخطأ أن يتخيل سليل من آل سعود أنه يستطيع تسليم القدس -التي تحظى بمكانة مقدسة في الإسلام، وكذلك اليهودية والمسيحية- إلى إسرائيل ليصبح تحت إشرافها، ومن الواضح أنه لا يوجد أحد في دائرة الأمير قد لفت نظره إلى ذلك، حتى وصل الأمر إلى والده». وتساءل الكاتب قائلاً: «ما الذي قد يفعله الملك سلمان الآن؟ إن من الإجراءات الواضحة التي قد يتخذها هي إعادة دور العائلة المالكة الأوسع كآلية لبناء الإجماع، وسيتطلب ذلك إعادة توزيع السلطة لتدبر الملك، لكن ليس من الواضح ما يمكن فعله بعد انقلابات القصر في العام الماضي، والتي صممت لسحق منافسي الأمير محمد على العرش».;
مشاركة :