كلنا نحب أطفالنا ونريد لهم الأفضل.. لكن هذه الرغبة قد تجعلنا ندمر حياتهم دون أن ندري. هل تساعد أبناءك في كل مهامهم كي تحميهم من الشعور بالفشل؟ هل تحل لهم كل مشاكلهم نيابة عنهم؟ هل تختار لهم كل شيء كي تضمن الأفضل؟ هل تلازمهم طوال الوقت كي تساعدهم في كل شؤونهم؟ لو كانت الإجابة نعم، فينبغي أن تعيد النظر.. لأنَّ هذه الممارسات قد تكون علامات لكونك متدخلاً في حياة أبنائك أكثر من اللازم. وهي ظاهرة يسميها الأميركان اسماً طريفاً هو «الأبوين الهليكوبتر»، أي اللذان يهبطان على حياة الطفل في أي وقت وأي سياق لمساعدته، كهليكوبتر الإنقاذ التي يمكنها الهبوط والإقلاع في أي مكان! هذا التعبير الطريف أصبح مستخدماً في الأبحاث العلمية نظراً لشيوع هذه الظاهرة.. إذ وجد العلماء - في بحث نشر بدورية «كروس كالتشرال ريسيرش» - أن هذا السلوك يسبب أضراراً جسيمة لصحة الطفل النفسية حين يكبر.. إذ يزيد كل من: شعور الطفل بالقلق، وفرص الإصابة بالاكتئاب، وعدم الرضا عن حياته، وعدم القدرة على إدارة مشاعره! وهي بالطبع أضرار نفسية مريعة غير مرغوبة.. لكن لماذا تحدث للطفل؟ السبب هو أن التدخل في حياة الطفل أكثر من اللازم يحرمه من تنمية مهارات ضرورية للصحة النفسية.. كالمبادرة والثقة والاعتماد على النفس والقدرة على اتخاذ القرارات.. مهارات مهمة تمكنه من مواجهة الحياة حين يكبر. لو لم تسمح له بالتجربة والخطأ ومواجهة الفشل والتفكير في حل المشكلات، فلن يتعلم كل هذا! أي شخص ناجح في أي مجال، واجه عثرات في طريقه.. ذاق طعم الفشل وتعلم كيف يواجهه ليكمل المسير.. فالخطأ جزء من عملية التعلم التي تساعدنا في اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل. أما الذي لم يتعلم مواجهة الفشل، قد ييأس حين يواجهه للمرة الأولى. سيخاف من مواجهته ثانية، لأنه لم يتعلم المثابرة والسعي مرة أخرى. من لم يتعلم الإقدام والمبادرة، لن يقوى على اتخاذ قرارات مصيرية في حياته، ولن يجرؤ على خوض أي مخاطرة.. سيكون إنساناً قلقاً متوتراً غير قادر على تغيير حياته للأفضل، لأنه -ببساطة- لم يتعلم هذه المهارة! سينتظر أبويه كي يهبطا عليه كالهليكوبتر لإنقاذه مما هو فيه! المحاولة والفشل والتعلم من الخطأ وإعادة المحاولة، هي مهارات أساسية لتحقيق النجاح في الحياة. فهل نعلم هذا لأطفالنا؟
مشاركة :