عدن - أكد خبراء عسكريون وشهود عيان لـ”العرب” وصول قوات المقاومة المشتركة المدعومة من التحالف العربي إلى مرحلة حاسمة في عملية تحرير الحديدة، الأمر الذي دفع زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي إلى إطلاق الاتهامات في كل اتجاه والزعم بأن دعوة الولايات المتحدة إلى الحوار السياسي تمثل غطاء لهجوم شامل من القوات الحكومية على مختلف الجبهات. وأشار الخبراء إلى أن المدينة باتت محررة وفقا للمعطيات العسكرية بعد التوغل لمسافات كبيرة في جنوبها وشرقها والسيطرة على المنافذ الرئيسية التي تربطها بالمحافظات الأخرى، وانحسار خيارات الحوثيين إلى أدنى المستويات منذ انطلاق العمليات العسكرية. وأشار الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني العقيد يحيى أبوحاتم في تصريح لـ”العرب” إلى أن المعارك تسير بوتيرة عالية بالرغم من المعوقات التي تواجهها القوات المشتركة نظرا للتحوّل في طبيعة المعركة واقترابها من مفهوم حرب المدن في ظل احتماء الميليشيات الحوثية بالمدنيين وقيامها بزرع الألغام بكثافة ونشر القناصين. ووصف أبوحاتم ما تحقق على الأرض خلال الأيام الماضية بأنه انتصارات هامة وخصوصا بعد وصول قوات المقاومة المشتركة إلى بداية شارع التسعين وتطويق مدينة الصالح من الجهة الشمالية الشرقية بالتزامن مع التقدم على محاور أخرى باتجاه دوار المطاحن في كيلو 8 حيث وصلت طلائع القوات إلى مشارف شركة “تهامة نيسان” وتمكنها من تطويق مطار الحديدة من الجهة الشرقية أيضا. ولفت أبوحاتم إلى أن الساعات القادمة ستكون حاسمة في مسار المعركة مع بروز مؤشرات على قرب وصول القوات المشتركة إلى مناطق جديدة من بينها دوار الحلقة ودوار يمن موبايل، وهو ما يعني عزل مطار الحديدة بشكل كامل والسيطرة عليه وعلى الجهة الجنوبية للمدينة بشكل كلي وصولا إلى مدينة 7 يوليو وما بعدها. العقيد يحيى أبوحاتم: استمرار العمليات بنفس هذه الوتيرة يحرر الحديدة خلال 72 ساعةالعقيد يحيى أبوحاتم: استمرار العمليات بنفس هذه الوتيرة يحرر الحديدة خلال 72 ساعة وتوقع أبوحاتم أنه إذا استمرت العمليات بنفس هذه الوتيرة فإن “الحديدة ستتحرر خلال 72 ساعة”، مشيرا إلى أنه يجب “عدم إعطاء الميليشيات الحوثية فرصة لإعادة ترتيب صفوفها أو التقاط أنفاسها داخل الحديدة وهناك مهام عسكرية تجب مواجهتها في هذه المرحلة وفي مقدمها الدفع بقناصة لمواجهة قناصي الحوثيين وتأمين المناطق المحررة بشكل أكبر”. وفي مؤشر على فداحة الخسائر التي تعرضت لها الميليشيات الحوثية على الأرض في مختلف الجبهات خلال الأيام الماضية، وفي محاولة لتهيئة أنصاره لخسارة الحديدة ومينائها، هاجم زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي في كلمة متلفزة له، الأربعاء، الدعوات الأميركية لإيقاف الحرب في اليمن، مشيرا إلى أن “التصعيد العسكري في الحديدة لا ينبئ بالرغبة في السلام”. واتهم الحوثي واشنطن ضمنا بإعطاء الضوء الأخضر لدخول الحديدة قائلا “نغمة أميركا عن السلام كعملية تدشين لكل مرحلة تصعيد أشبه بشفرة تستخدم فيها مصطلحات وعبارات معينة لها مدلول يختلف كليا”، مضيفا “التصعيد العسكري في الساحل الغربي جاء عقب التصريحات الأميركية لإيقاف الحرب في اليمن، والمستوى الميداني لا ينبئ باستعداد للسلام والحوار”. وعلى وقع المواجهات التي تشهدها مدينة الحديدة، التقى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في العاصمة السعودية الرياض وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، في سياق جهود غريفيث لاستئناف المشاورات السياسية التي من المتوقع أن تشهدها العاصمة السويدية ستوكهولم نهاية نوفمبر الجاري أو مطلع ديسمبر. وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أن اليماني، ناقش، الأربعاء، مع المبعوث الأممي “السبل الكفيلة بالدفع بعملية السلام في اليمن وإجراءات بناء الثقة تمهيدا لإحياء المشاورات السياسية لإنهاء الانقلاب وفقا لمرجعيات الحل”. ونقلت الوكالة عن وزير الخارجية اليمني تأكيده على “انفتاح الحكومة لمناقشة إجراءات بناء الثقة المقترحة من المبعوث وأبرزها إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمختطفين والمخفيين قسرا”. وتعليقا على استمرار معارك الحديدة على وقع دعوات إحلال السلام في اليمن اعتبر وكيل وزارة الشباب في الحكومة اليمنية حمزة الكمالي في تصريح لـ”العرب” أن عملية تحرير الحديدة “عملية إنسانية في المقام الأول”، مشيرا إلى أن “إنقاذ أبناء الحديدة من قبضة ميليشيات الحوثي وإعادة الاستقرار للمدينة كفيلان بإنهاء الأزمة الإنسانية الخانقة”. وعلى الصعيد الإنساني، أكد شهود عيان لـ”العرب” قيام الميليشيات الحوثية بإخلاء مستشفى 22 مايو من المرضى وتحويله إلى ثكنة عسكرية، في إطار ممارسات ممنهجة تستهدف التمترس بسكان الحديدة والمنشآت المدنية فيها. ووصف الصحافي والناشط الحقوقي اليمني همدان العليي في تصريح لـ”العرب” استهداف الحوثيين للمنشآت الصحية بأنه إحدى جرائم الحرب وفقا للقانون الدولي، إضافة إلى أن منع المدنيين من تلقي الخدمات الصحية الأساسية انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني. وأوضح العليي أن ميليشيات الحوثي تستهدف القطاع الصحي بشكل ممنهج منذ بداية الحرب كما حدث في مستشفى 22 مايو، حيث قام الحوثيون باقتحام المستشفى واعتلاء أسطحه وإدخال أسلحة مختلفة وهو ما يعني “تحويل المستشفى إلى ثكنة عسكرية وبالتالي تعريض المستشفى لخطر المواجهات المسلحة بهدف تعميق المعاناة الإنسانية للمدنيين واستثمار تلك المعاناة في سياق الضغط على المجتمع الدولي”.
مشاركة :