إيمانويل ماكرون يطلق رسائل تهدئة لاحتواء الأزمة مع الجزائر

  • 11/8/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - ضخّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، موجة حرارة لتفعيل خط باريس – الجزائر الفاتر، من خلال تصريحات أدلى بها الأربعاء، انطوت على رسائل تهدئة واحتواء الأزمة الدبلوماسية غير المعلنة بين البلدين، بالإعلان عن رغبته في لقاء الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، واتخاذ تدابير جديدة في ما يتعلق بحركة الأشخاص ومرونة الحصول على التأشيرة. وصرّح ماكرون، على هامش تدشين مشروع اقتصادي في بلاده مملوك لرجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب، بأنه “تم تقديم تعليمات واضحة للسفارة الفرنسية بالجزائر، من أجل تسهيل منح التأشيرة للصحافيين والكتاب ورجال الأعمال الجزائريين، وهذا كإجراء للحفاظ على متانة العلاقة بين البلدين”. وأضاف “توجد اتفاقيات واضحة بين البلدين، بخصوص منح التأشيرة للجزائريين الراغبين في زيارة فرنسا، وأنه تم منح تعليمات للسفارة الفرنسية بالجزائر، من أجل دراسة ملفات منح التأشيرات للجزائريين، بطريقة أكثر براغماتية من ذي قبل”. وتابع “لست ضد تنقّل الأشخاص لزيارة فرنسا، رغم أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص الذين يتنقلون بطريقة غير قانونية”. وجاءت تصريحات الرئيس الفرنسي المتعلقة بحركة الأشخاص ومسائل التأشيرة، في أعقاب سلسلة من الإجراءات طبقتها المصالح القنصلية في الجزائر، تتضمن صرامة وتشدّدا غير مسبوق، أفضى إلى ارتفاع قياسي للطلبات المودعة لديها من طرف رعايا جزائريين، وهو ما أثار امتعاض السلطات الجزائرية. ويرى متابعون لملف العلاقات الفرنسية الجزائرية، أن تصريحات إيمانويل ماكرون، تستهدف احتواء الأزمة غير المعلنة بين البلدين، لا سيما بعد تصريحات سابقة للدبلوماسي ورئيس الاستخبارات الأسبق بيرنار باجولي، حول ما أسماه بـ”ضرورة رحيل بوتفليقة وجيل الثورة من أجل بعث علاقات متميزة بين البلدين، وأن الفئة المذكورة تحول دون إرساء قواعد تعاون فعال بين الطرفين”. كما دخلت دبلوماسية البلدين خلال الأسابيع الماضية، في سجال حاد وتبادلتا إجراءات رفع الحماية الأمنية عن المقار والأبنية الرسمية في البلدين، لكنهما عملتا على تفادي إعلان الأزمة، ونفى حينها رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، خلال مشاركته في قمة باريس لحل الأزمة الليبية، “وجود أزمة دبلوماسية بين البلدين”. تدهور العلاقة بين البلدين، جاء بعد استشعار محيط الرئيس لإمكانية رهان الفرنسيين على أحمد أويحيى، ليكون خليفة بوتفليقة في قصر المرادية وجاءت خطوة التهدئة الفرنسية تجاه الجزائر في أعقاب صدور أرقام رسمية عن تراجع النفوذ الاقتصادي والتجاري لباريس في الجزائر، ليضعها بذلك خلف كل من الصين وتركيا، لا سيما بعد توجه المستورد الجزائري نحو الأسواق الروسية للتزود بمادتي القمح والقمح الصلب، بعدما كانت فرنسا هي الممول الرسمي للأسواق الجزائرية. وتراجعت أرقام التبادل التجاري بنحو 300 مليون دولار مقارنة بالعام الماضي، حيث نزلت من أكثر من أربعة مليارات دولار إلى سقف أقل، كما تكون السوق الفرنسية قد فقدت نحو مليار دولار، كانت تمثل الصادرات الجزائرية من القمح الفرنسي، قبل أن تتوجه إلى الأسواق الروسية. وألمحت تصريحات ماكرون، إلى إمكانية زيارته للجزائر في غضون الأسابيع المقبلة، بحسب الأجندة التي أعلن عنها في وقت سابق سفير بلاده في الجزائر، لكنه لم يتم تحديد موعدها رغم استمرار وتيرة التحضيرات والمشاورات بين الخبراء والحكومتين. وأعرب الرئيس الفرنسي عن رغبته في مقابلة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بعدما فشلت زيارته السابقة في ديسمبر 2017، في تحقيق نتائج ملموسة أو تقارب أكثر، بسبب هيمنة الملف التاريخي على علاقات البلدين، وتحفّظ الإدارة الفرنسية الجديدة، على تزكية الإليزيه للسلطات الجزائرية لتمرير أجنداتها الداخلية. ويعتبر النظام السياسي في الجزائر، تزكية باريس لأجنداته الداخلية، ورقة مهمة في اكتساب ورقة الدعم الأجنبي، ويراهن دعاة استمرار بوتفليقة في قصر المرادية للمرة الخامسة على التوالي، على الضوء الأخضر الفرنسي. وهو الأمر الذي تتفاداه القيادة الشابة في قصر الإليزيه، تحت ضغط القوى السياسية والمجتمع المدني المحلي، لحماية بلادها من التورط في الأزمات الداخلية للأنظمة السياسية المهيمنة على مستعمراتها القديمة. وذكر مصدر سياسي مقرب من محيط الرئاسة الجزائرية لـ”العرب”، أن “تدهور العلاقة بين البلدين، جاء بعد استشعار محيط الرئيس لإمكانية رهان الفرنسيين على أحمد أويحيى، ليكون خليفة له في قصر المرادية، خاصة بعدما ظهر في ‘كاريزما’ الرئيس القادم للبلاد، على هامش مشاركته في قمة باريس حول الأزمة الليبية”. وتجلى التدهور في مقاطعة غير معلنة من طرف الرئيس بوتفليقة لفرنسا، واستغنائه عن المتابعة الدورية لوضعه الصحي في المستشفيات الفرنسية، وتوجهه نحو جنيف. وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن “الرئيس بوتفليقة يستحوذ بمفرده على ملف العلاقات الثنائية مع باريس، ولا يريد أن ينازعه أحد في ذلك، ولذلك يتوجس من أي تقارب بينها وبين أي شخصية محسوبة عليه”. وتابع “هذا الموقف تأكد مع الإقالة المثيرة لرئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون، بعد ثمانين يوما من تنصيبه في قصر الدكتور سعدان، حيث كان لقاؤه الهامشي في صائفة العام 2017 مع مسؤولين فرنسيين في فندق باريسي، سبب سقوطه المدوي بعد أيام قليلة”.

مشاركة :