«لكي تكون جميلاً، يكفي أن تكون كما أنت»، بهذه الجملة تختصر المصورة الرومانية «ميهايلا نوروك»، رحلة حول العالم بحثت من خلالها عن الجمال، والذي وجدته في النساء على وجه الخصوص، حيث قامت خلال قرابة الـ 4 أعوام كاملة، بالتقاط أكثر من 50 صورة لـ50 امرأة وفتاة من مختلف دول العالم الـ 50 التي زارتها في جولتها العالمية، ورافقت هذه الصور قصص تلك النساء التي زادت من أهمية مشروعها، كانت قد ضمتها جميعها في كتاب واحد أطلقت عليه اسم «أطلس الجمال The Atlas Of Beauty». ولأن الجمال أمر عفوي، بدأ مشروع المصورة الرومانية «ميهايلا نوروك»، بشكل عفوي أيضاً، حيث إنها كانت خلال العام 2013 قد انطلقت برحلة مع زوجها حول العالم استغرقت قرابة العام، وكانت تحب أن تلتقط ـ مستخدمة كاميرا تصوير وبعض العدسات فقط ـ صوراً للأشخاص الذين تلتقيهم في هذه الرحلة، وجوه كثيرة وقصص عديدة تكمن خلف هذه الوجوه، ولم تكن «نوروك» حينها تفكر بأن تبدأ مشروعاً عالمياً، سيحظى بهذا الاهتمام الإعلامي الكبير، كل ما في الأمر أنها كانت تحب التقاط الصور لهؤلاء الأشخاص الذين تعتبرهم حقيقيين. وأشارت المصورة الرومانية البالغة من العمر 32 عاماً، والتي يتابعها أكثر من مليون شخص على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال لقاء أجرته مع مجلة «أن بي آر NPR» الألمانية، إلى أن الأمر بدأ بميزانية قليلة كانت قد وفرتها من مدخراتها الخاصة، قبل أن تنتشر تجربتها وتتحول إلى مشروع كبير تلقت دعماً مالياً عليه، إلى جانب حملة من التبرعات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بعد ذلك، وأكدت «نوروك» بأن العفوية كانت أساس كل هذه التجربة الفنية والإنسانية التي قامت بها، وأنها الآن تشعر بالمسؤولية الكبيرة بعد أن لاقى مشروعها هذا النجاح الكثير. في كتابها «أطلس الجمال»، الذي كان نتاج 4 أعوام كاملة من التجوال حول العالم، كانت «نوروك»، تحاول أن تعيد اكتشاف «حقيقة الجمال» في الحياة اليومية والعادية لتلك النساء العاملات أو الفقيرات أو البسيطات، بعيداً عن جمال المرأة التي تقدمه لنا وسائل الإعلام والشركات وأصحاب رؤوس الأموال، الذين أظهروا للعالم وجهاً من الجمال قد يكون مُسيئاً للمرأة أحياناً، وكثيراً ما يكون فيه استغلال جنسي إلى حد ما للمرأة عموماً، بحسب ما ترى «نوروك» وصرحت به سابقاً. وتتابع المصورة الرومانية، بأنه «ليس هذا هو الجمال»، وباعتقادها الخاص، الذي حاولت أن تظهره في مشروعها، أن الجمال يعني أن يكون الشخص هو نفسه، دون أن يضطر إلى التغيير من نفسه حتى يواكب ما يراه الآخرون أنه جميل، حيث تعتقد «نوروك» أنه علينا فقط أن نحتفظ بأنفسنا كما هي، وليس هناك حاجة إلى التغيير منها. كتاب «أطلس الحب»، الذي جمع قرابة الـ 50 امرأة من مختلف دول العالم التي زارتها المصورة الرومانية، كان بمثابة مثال حيّ على الجمال الحقيقي الذي علينا أن ننتبه له، فهو يضم كل تلك النساء بمواقف عديدة يومية كنّ يعشنها، دون أي تزييف لتلك اللحظة التي التقطت فيها الصور، ما يجعل الأمر مدهشاً وحقيقياً للغاية، وجميلاً أيضاً بكل هذا القدر. وفي تصريحات سابقة لـ«نوروك»، قالت إن هناك أمراً غريزياً وعفوياً للغاية، هو ما جذبها لتصوير تلك النساء وفي تلك اللحظات، أبعد وأقوى من مجرد مظهر تلك النساء الخارجي، وهو الأمر الذي تعتقد هي والعديد ممن تابعوا عملها بأنها تمكنت من تقديم «الجمال الحقيقي» في هذا الكتاب، حيث تصف تلك اللحظات بأنها كانت هناك كيمياء مفاجئة حدثت بينها وبين النساء اللواتي قامت بتصويرهن، ولم يكن أمر مخطط له مُسبقاً على الإطلاق، وهذا هو السبب في أن الكتاب كان أكثر صدقاً؛ لأنه لو كانت قد خططت لكل شيء فيه، فربما يكون الأمر مختلفاً جداً عمّا هو الآن. ولأنهن نساء وفتيات عاديات وحقيقيات، لم يعتقدن في بادئ الأمر بأنهن سيكنّ جميلات عند تصويرهن، ولكن بعد نشر صورهن على مواقع التواصل الاجتماعي، ورؤيتهن للتعليقات التي كانت تُشيد وتمتدح جمالهن، تمكن من رؤية أنفسهن بشكل أوضح بالنسبة إلى كل واحدة منهن، الأمر الذي أدهشهن من جهة، وجعلهن أكثر ثقة بأنفسهن من جهة أخرى. بعد نجاح مشروعها الكبير والمهم هذا في «أطلس الجمال»، اعترفت «ميهايلا نوروك» خلال حديثها لمجلة «أن بي آر NPR»، أن هذا المشروع غيَّر نظرتها بشكل كامل عن العالم، وبأنه كان السبب في أن تنضج أكثر على مستوى وعيها وأفكارها، خاصة فيما يخص فكرتها عن الكيفية التي يفترض بها أن تكون المرأة، كما أنها الآن أصبحت أكثر ثقة بنفسها، والأهم أنها أصبحت تحترم بشكل أكبر، ما تواجهه نساء العالم ويمررن به في كل يوم. يمكننا أن نعتبر أن كتاب «أطلس الجمال» عبارة عن احتفال بالجمال الحقيقي الذي تمكنت المصورة الرومانية «ميهايلا نوروك» من التقاطه وتقديمه للعالم، ومن كل مكان في العالم، وهو احتفال بالمرأة أينما كانت، لأنه رصد النساء في حياتهن اليومية وداخل مجتمعاتهن المحلية دون أن تعديل أو تزييف، بدءاً من غابات الأمازون المطيرة في قارة أميركا الجنوبية، مروراً بشوارع العاصمة البريطانية لندن في القارة الأوروبية، والأسواق الشعبية في الهند، إلى المتنزهات في «هارلم» في الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى نساء وفتيات بلدان الشرق الأوسط، وصولاً إلى آسيا الوسطى وشرق القارة الآسيوية.
مشاركة :