مخاوف أمريكية بشأن تحقيقات التدخل الروسي في الانتخابات

  • 11/8/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تثير إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوزير العدل جيف سيشنز، الأربعاء، وتعيين أحد المقربين منه مكانه غداة انتخابات منتصف الولاية الحاسمة، تساؤلات حول مستقبل التحقيق في تدخل روسي في انتخابات 2016. ووضعت الإقالة حدا لأكثر من عام من الانتقادات الحادة من الرئيس إزاء قرار مستشاره القانوني النأي بنفسه عن التحقيق في تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية 2016، ممهدا الطريق لتعيين المستشار الخاص روبرت مولر. وفي إعلانه عن الإقالة في تغريدة شكر فيها السناتور السابق عن ألاباما “على خدمته”، عين ترامب على الفور ماثيو ويتيكر، مدير مكتب سيشنز في وزارة العدل، في منصب المدعي العام بالانابة. وأطلق ذلك الإعلان على الفور جرس الإنذار: فطالما كان ويتيكر من أشد المنتقدين للصلاحية الواسعة الممنوحة لفريق مولر في التحقيق في ما هو أبعد من الاتهامات بتواطؤ حملة ترامب مع روسيا في 2016، لتشمل علاقات أخرى بين ترامب وأسرته ومساعديه مع روسيا — وهو التحقيق الذي يندد به الرئيس ويصفه “بحملة مطاردة”. وفي مقال رأي في آب/اغسطس الماضي حضّ نائب المدعي العام رود روزنستاين ــ الذي يشرف على التحقيق ــ على “حصر نطاق تحقيقه في الزوايا الأربع لأمر تعيينه مستشارا خاصا”. وبصفته مدعياً عاماً بالإنابة، يمكن لويتيكر الآن انتزاع التحقيق من روزنستاين وتوليه بنفسه. ودعا زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر على الفور ويتيكر للنأي بنفسه عن التحقيق كما فعل سلفه “نظرا لتصريحاته السابقة المؤيدة لقطع التمويل وفرض قيود” على ذلك. أما المرشح الرئاسي السابق بيرني ساندرز فقد كتب في تغريدة أنّ “أيّ محاولة للرئيس أو وزارة العدل للتدخل في تحقيق مولر ستكون عرقلة لسير العدالة واتهاماً يستدعي العزل”.أول ضحايا الانتخابات وانضم السناتور الجمهوري ميت رومني، وهو مرشح رئاسي سابق ومن أبرز منتقدي ترامب وفاز بمقعد في الكونغرس في انتخابات الثلاثاء لهذه المطالب أيضا. وشكر رومني سيشنز على خدماته، لكنه أكّد أنّه “لا بد من أن يستمر العمل المهم لوزارة العدل وأنّ تتواصل تحقيقات مولر لنهايتها دون إعاقة”. من جهته، كشف ويتيكر عن القليل من نواياه في تصريحات للصحفيين أشاد فيها برئيسه السابق “الموظف العام المتفاني” وأكّد أنه سيعمل على قيادة إدارة متمرسة على “أعلى المعايير الأخلاقية”. وأصبح سيشنز أول ضحية للتعديل الوزاري الذي كان متوقعا أن يجريه ترامب بعد انتخابات منتصف الولاية التي فقد حزبه الجمهوري خلالها سيطرته على مجلس النواب لكن احتفظ بغالبية مقاعد مجلس الشيوخ. لكن عزله كان متوقعا منذ بداية العام الجاري، إذ يأخذ ترامب على سيشنز خصوصا سحب يده من تحقيق المدعي الخاص مولر في التدخل الروسي في الانتخابات، الذي توسّع ليشمل مسألة تواطؤ محتمل لفريق حملة ترامب مع روسيا وعرقلة عمل القضاء إضافة إلى التعاملات الماليّة لمساعدي الرئيس، كذلك موقفه بشأن المنع الذي فرضه الرئيس على سفر مواطني عدة دول مسلمة إلى الولايات المتحدة. وفي أول سطر في خطاب الاستقالة الذي أرسله إلى ترامب ونشرته وزارة العدل حرص سيشنز على التوضيح أنّه يتنحّى بطلب من الرئيس، إذ قال “بناء على طلبكم أتقدّم منكم باستقالتي”. وفي موسكو، أكّد الكرملين أن التحقيقات التي تجريها واشنطن في مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 هي أمر “لا يخص” روسيا. وردا على سؤال إذا كانت إقالة سيشنز ستؤثر على التحقيقات التي يجريها المدعي الخاص روبرت مولر، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين إن “التحقيق يطرح مشكلة لزملائنا الأميركيين، (لكنه) أمر لا يخصنا”.سيشنز أول داعم لترامب وكان سيشنز أول سناتور أمريكي يدعم ترشح ترامب للرئاسة في عام 2016، ما منح قطب العقارات الثري مصداقية أمام كبار مسؤولي الحزب الجمهوري. وذكرت تقارير أنّ الرغبة المشتركة في قمع الهجرة للولايات المتحدة جمعت ين الرجلين. ومع تسلمه منصبه في كانون الثاني/يناير 2017، شنّ سيشنز سياسات قاسية وحظرا واسعا على المهاجرين المسلمين كان ضمن وعود ترامب خلال حملته الانتخابية. كما كان في طليعة مسؤولي الإدارة الداعين لتوسعة رتب قوات إنفاذ القانون الفدرالية وتعيين قضاة محافظين في المحاكم وقمع عصابات أميركا الوسطى. لكنه أثار غضب ترامب بشدة حين نأى بنفسه من التحقيق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات، مانحا روزنستاين هذه الصلاحية. وحين أقال ترامب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) في أيار/مايو 2017، أثار روزنستاين دهشة الإدارة بتعيين مولر، وهو مدير سابق للمكتب، كمحقق مستقل على رأس فريق التحقيقات. ومع نأي سيشنز وإشراف روزنستاين على تحقيق مولر، بات التحقيق الذي يقوده مولر محميا من أي تدخل خارجي. ووصف ترامب التحقيق باستمرار بأنه “حملة اضطهاد” ضده يقودها الديموقراطيون، كما هدّد مرارا بإلغائه. وقال ترامب الصيف الفائت “من المسموح لي تماما التدخل لو رغبت بذلك. حتى الآن، لم اختر أن أتدخل. وسأبقى خارجه”.تحقيق مولر يحظى مولر، العنصر السابق في قوات المارينز، بسمعة جيدة كمحام ومدع عام ومدير للاف بي آي. وحتى الآن أفضى التحقيق الذي يجريه إلى توجيه 34 اتهاما وستة إقرارات بالذنب وإدانة واحدة. وقد وافق كبار مساعدي ترامب على التعاون مع مولر، أبرزهم المستشار السابق للأمن القومي مايكل فلين ورئيس فريقه الانتخابي بول مانفورت ونائب رئيس منظمة ترامب السابق مايكل كوهن الذي كان محاميه. ومن المتوقع أن يعلن مولر خلال الأسابيع القليلة المقبلة عن المزيد من الاتهامات، على الأرجح ضد مستشار ترامب في الحملة الانتخابية روغر ستون وابن ترامب دونالد دونيور. ويدور جدل بين فريق مولر والبيت الأبيض منذ أشهر حول إذا كان ترامب سيمثل للشهادة أمام مولر أم لا. وفي آب/أغسطس الفائت، أعرب ترامب عن قلقه من أن التحدث تحت القسم إلى مولر عن التحقيق الروسي قد يؤدي إلى توجيه اتهام له بالحنث باليمين. وقال الرئيس إنه قلق من أن تتم مقارنة أي أمر يقوله لمولر تحت القسم بأقوال آخرين على غرار مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كومي، مشيرا إلى أن أي تضارب في الأقوال قد يستخدم ضده لتوجيه اتهام له بالحنث بالقسم.

مشاركة :