يترسخ في ذهن المواطن تساؤل حائر يبحث عن إجابة له منذ عشرات السنين، مع أول تشكل لسحاب ممطر في إحدى سماوات مدن وقرى مملكتنا - حفظها الله-، فلا يجد طريقاً لمسؤول من أمانات بلديات هذه المدن والقرى؛ ليسأله عما أؤتمن عليه من مليارات الريالات التي صرفت على إنشاء البنى التحتية وفق تخطيط عمراني يضمن السلامة للمباني السكنية والحيوية بعيداً عن معابر ومجاري الأودية والسيول، فضلاً عن إنشاء شبكات تصريف لها.. (اليمامة) طرحت هذه الإشكالية المتجددة كل عام، على بعض خبراء الاقتصاد المتخصصين في الشأن الهندسي والعمراني، وبعض كتاب الرأي في صحافتنا.. وخرجت بهذه المحصلة. في البدء.. يتطرق د.فهد أحمد عرب، لأسباب تكرار حوادث الأمطار والسيول كل عام، والحلول الناجعة لمواجهتها، قائلاً: تكرار الحوادث كل عام يعني نقص الدراسات الميدانية وعدم إحاطة كلية بحجم المشكلة ومدى تشعبها. وفي الحقيقة منذ أن أهملنا البحث والدراسة في التطوير، وجعلنا المسائل تعالج بسرعة غير مرتكزين على البحوث، أصبحنا نفاجأ من وقت لآخر بمستجدات في حياتنا، سواء كانت سلوكية أو غيرها، وبالتالي نحتاج من آونة لأخرى إلى الحديث عن قديم أصبح مدة أخرى جديداً. أما من ناحية الفشل ففي خضم الحراك السريع في كل منحى وجانب، فلا بد أن نتوقع إخفاقاً هنا وقصوراً هناك، وهذه طبيعة الحياة، المهم ألا نقع في مكرر، ولا نرتكب ازدواجيات، ولا نصر على خطأ. كما أن علينا أن نبتعد عن ملامة المواطنين وتحميلهم العبء، ففي النهاية بهم تبلغ التحذيرات، ولهم تصل، ومنهم نتوقع التنفيذ. وعلينا العودة إلى القيام بالبحوث والدراسات وتكثيفها والإنفاق عليها، فهي الملاذ لعدم تكرار ما نراه ونسمع به. في الواقع بالدراسات الحديثة المستمرة والمحدثة، دائماً نستطيع الإجابة عن أسئلة كثيرة ممكن أن تنشأ خلال أو بعد أي تغير بيئي أو طبيعي، بل نتوقع ما يمكن أن يحدث، ومن ثم نستعد استعداداً جيداً، فتحصر وتقل النتائج السلبية. مما اطلعت عليه وقرأته، أستطيع القول إننا أمام حلول سريعة آنية وأخرى متوسطة المدى، وأخرى بعيدة المدى. فالسريعة مكلفة، ولكنها حتمية، وهي متمثلة في: الاستفادة من قواعد البيانات التي بنيت خلال العقدين الماضيين والصور والفيديوهات الحديثة التي جمعت خلال الأسابيع الماضية. لا بد من تحديد أصحاب المصلحة والاهتمام، وإنشاء غرفة عمليات (تدعم قراراتها بقوة)، تضم بعض الخبراء الأكاديميين السعوديين من الجامعات المختلفة، منهم نفسيون بين معالجين وأطباء. سيكون من أساس التشكيل: مديريتا الدفاع المدني والمرور، هيئة المساحة الجيولوجية، هيئة الأرصاد وحماية البيئة، وزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثل عالي المستوى ومعه آخر تنفيذي من قطاع التعليم العام بوزارة التعليم، الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والهيئة العامة للرياضة. يدرس هؤلاء المواضيع في المستويات التنفيذية والتخطيطية الثلاثة سابقة الذكر؛ للخروج بتكاليف عملية «مبدئياً» لكل جهة فيما يجب أن تقوم به. تشكيل فرق ميدانية للدراسات الاستطلاعية السريعة (مستعينين بكوادر الهيئة العامة للإحصاء) لتحديث قواعد البيانات وتبادلها إلكترونياً آنياً مع الغرفة لئلا تكون هناك مفاجآت عند التنفيذ وبعده. يتم الاعتماد على مجموعة من المتطوعين المسجلين كمؤسسات أو أفراد ولديهم خبرات في الإغاثة والإنقاذ والتنظيم المبرمج، ومن ثم تجهيزهم بما يخولهم القيام بأعمالهم بكل كفاءة واقتدار عند اللزوم. يخصص في اللجنة متحدث رسمي ينقل الحراك بشفافية في قنوات التلفزيون السعودية والصحف الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وبأسلوب إعلامي جاذب، يزيد من أعداد المتطوعين الذين يجب انخراطهم في دورات تدريبية ليكونوا فرقاً ميدانية مساندة في المستقبل، وناقلين للإرشادات والتعليمات لتحذير العامة عند اللزوم. وعما إذا كانت تنقصنا إجراءات سلامة محددة في مدننا، يقول د.فهد عرب: لا يمكن أن نخصص أعمالنا وإجراءاتنا وردود أفعالنا للمدن دون القرى والهجر، فكل الساكنين أينما كانوا لهم الحقوق نفسها، خصوصاً فيما يتعلق بالسلامة. لذلك علينا أن نجدول الأعمال بالتحرك في كل الاتجاهات بأولويات الكثافة العددية، سواء كانت سكنية أو في متنزهات أو غيرها. إن تدخل الدفاع المدني والمرور في المدن مع الاستفادة من قدرات المتطوعين المسجلين لديهم مسألة حتمية، ولكن الأهم هو أن خططنا المستقبلية لا بد أن تعنى بكيفية فتح الطرق ومساحاتها واتجاهاتها مستغلين قدرات المهندسين السعوديين «وهم كثر ولله الحمد» لتكون المدن في تخطيطها أفضل مما هي عليه الآن. الحلول بسيطة وعن مدى مسؤولية المواطن في تحمل جزء من هذه المسؤولية تجاه حدوث هذه الكوارث، يقول د.فهد عرب: إذا تحمل المواطن جزءاً من المسؤولية بجهله أو بإهماله أو تعنته، فالحلول بسيطة يمكن أن يشير إليها أطباؤنا ومعالجينا النفسيين وينفذ الحل باستخدام الآليات والأدوات المتاحة بالتنسيق مع وزارة التعليم في أغلب الظروف. ولكن لا بد أن نضع أصابعنا على الجرح فإذا لم تتوافر علامات إرشادية عند مداخل المناطق الصحراوية أو الجبلية ولا أماكن ترفيهية للشباب في كثير من المناطق الداخلية «بخلاف الساحلية طبعاً» فكيف تلومه؟ وإذا لم نستطع كبح جماح المستثمرين الذين يرفعون قيمة الاستراحات والشاليهات لأرقام فلكية ويحددونها بمواقع معينة لضمان الكسب السريع والمستمر فكيف تلوم المواطن؟ وعن إمكانية تفادي هذه الخسائر السنوية مستقبلاً، يقول عرب: حالياً لا بد أن ننظر للحلول الجذرية أن تكون ابتداء من العام القادم بإذن الله. وبالتالي لا بد من الاستعانة بعدة دراسات قامت بها دول عديدة ونشرت تقاريرها رسمياً وصفت بدقة إجراءاتها التي جنبتها خسائر مالية وبشرية، بل استفادت من نتائج الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية لصالح الإنسان لنفسه. وبناء على ذلك، أرى: - أن نجعل لنا هدفاً كبيراً ونتفرع منه إلى أهداف فرعية وهو تقليص حجم الخسائر وزيادة الاستفادة من هذه الظروف بشكل إيجابي صحياً واجتماعياً واقتصادياً في الوقت نفسه. - أن تستمر هذه الغرفة تقوم بدورها لمدة لا تقل عن ٦ أشهر من العمل المكثف والمتواصل للأهمية القصوى أن نخرج بحلول كبيرة في فترة قصيرة. - الاستفادة من الأبحاث والدراسات الحديثة محتوى وتوصيات مثل ملتقى «إدارة الأزمات والكوارث» الذي عقد العام الماضي (٢٠١٧م) في جامعة المؤسس وما حوته مكتبة الملك فهد الوطنية من إنتاج فكري لآخر ٥ سنوات فقط. - تحديث قاعدة بيانات الدراسات المتخصصة المرفوعة على موقع المديرية العامة للدفاع المدني لأن معظمها أبحاث تعود للعقد الماضي وجامعاتنا أصبحت تزخر بالجديد في شؤون الأزمات والكوارث. - الاستمرار في تمويل الدراسات العليا المتخصصة في الجامعات العريقة وذلك من قبل مديرية الدفاع المدني والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والهيئة العامة للرياضة والتعليم العام من وزارة التعليم لأن على هذه الجهات مسؤوليات كبيرة تتقاسمها تجاه سلامة السكان من مواطنين أو مقيمين. - زيادة أعداد بيوت الشباب ونشرها في أطراف المحافظات لشغل أوقات الفراغ وللتخفيف على تحمل تكلفة الاشتراك في أندية اللياقة والتمرين أو السفر للترفيه. - تحديد مسارات السيول وعدم زيادة «صناعتها» بتكامل جهود الجهات المعنية في الحيطة من ذلك. - استغلال ما برز من مواقع يمكن أن تكون وجهات سياحية وبدء دعم المشاريع الإنشائية السياحية. - تكثيف برامج التثقيف والتوعية في المدارس وتغيير النمط السائد في تنفيذها وإدارتها باستشارة الشباب أنفسهم فلديهم الحديث الملائم لهم دائماً. - لا بد من تركيب كاميرات أو الاستفادة من الأقمار الصناعية أو تشغيل طائرات (DRONE) المدنية في الأماكن التي يصعب وصول الأفراد بشكل دائم إليها، بحيث تنقل ما يجري في مداخل الأودية أو عند المنخفضات الأرضية الخطيرة أو خلافه؛ لتتمكن الجهة المعنية من التحرك السريع، إذ إن المشكلة ليست فقط في وجود مواطنين يواجهون خطر السيول، ولكن أيضاً خطر الانهيارات الصخرية التي ترافق الأمطار الغزيرة. فشل مؤسساتي وتؤكد نبيلة حسني محجوب، على فشل المؤسسات ذات العلاقة بتصريف السيول والأمطار، قائلة: المطر، رحمة من رب العالمين، لكن للأسف تحول إلى حالة من الهلع والفزع كل عام في موسم الأمطار نتيجة حوادث سيول جدة الشهيرة التي توالت عامين بشكل مأساوي، كذلك حوادث السيول في مناطق المملكة، وفقد الأرواح وغرق المركبات، وتضرر الطرق والمنازل بشكل كبير. وهنا أستطيع القول بكل صدق، أن المؤسسات ذات العلاقة في إيجاد حلول تحول موسم المطر إلى موسم فرح وحالة من البهجة فشلت، لأنها تعاملت مع النتائج النهائية لكل تلك الأضرار البشرية والمادية؛ فقامت بشفط المياه أو انتشال الجثث وربما التعويضات المالية لتخفيف الفقد المادي أو البشري على ذوي الضحايا أو المتضررين، ثم عاد كل شيء إلى حالة الإهمال والركود دون دراسة أو تخطيط جاد وفعال لتصريف مياه الأمطار في المدن والهجر ومنع استغلال الجشعين لمجاري السيول بتخطيطها وبيعها أراضي سكنية أو البناء فيها وبيعها مساكن منخفضة السعر تغري أصحاب الدخل المحدود بالتملك فيها. نحن بحاجة إلى قنوات تصريف للسيول تستوعب كميات الأمطار الكبيرة والمتغيرات المناخية المستقبلية والتطرف المناخي الذي أغرق مدناً كثيرة في السنوات الماضية وهذا العام تابعنا بألم ما حدث في دول تتعامل مع الأمطار بكفاءة عالية إلا أنها لم تعمل حساباً للتطرف المناخي وارتفاع النسبة الكمية لمياه الأمطار، والتغيرات المناخية المفاجئة، لذلك أتمنى أن تستفيد الأجهزة المعنية من كل التجارب وتعمل على تجاوز تلك الأخطاء السابقة، وتعمل بجدية من الآن على إصلاح ما أفسده الفساد وعدم المسؤولية. الثروة المائية وعن مدى صحة ما يردد، عن نقص بعض إجراءات السلامة في مدننا، تقول نبيلة محجوب: إجراءات السلامة لا تجدي إذا لم تكن البنية التحتية مهيأة لاستقبال كل تلك الكميات من مياه الأمطار والثلوج والبرد وتحويلها إلى سدود قوية تحفظها من الهدر السنوي، لأن خطر الجفاف أسوأ ما يواجهه العالم مستقبلًا، لذلك لا بد من الحفاظ على هذه الثروة المائية السنوية بدلاً من تركها للهدر والعبث بأرواح البشر وممتلكاتهم، وتسبب هذا الفزع السنوي في موسم المطر. وعما إذا كان المواطن يتحمل جزءاً من مسؤولية هذه الكوارث، تقول نبيلة محجوب: لا يتحمل المواطن المسؤولية إلا في حالة خروجه ووجوده في الأماكن الخطرة أو عدم أخذه بتحذيرات هيئة الأرصاد والدفاع المدني، لكنه إذا وجد مجبراً في الشارع أو خلال خروج الطلبة من المدارس والمعلمين والمعلمات أو ذهابهم مثلًا وصادف انهمار المطر وغرقت الشوارع كيف نحمله المسؤولية؟ المسؤول هو كل مسؤول تغاضى أو أهمل قنوات تصريف السيول، من سمح بتشييد الأنفاق دون قنوات تصريف مياه الأمطار فرأيناها تمتلأ وتغرق من وجد داخلها بالمصادفة، بينما تجد الأمطار تهطل بكميات كبيرة في كثير من المدن وتجد طريقها إلى قنوات الصرف مباشرة فلا تمتلئ الشوارع ولا يغرق البشر في شبر موية!. وعن مدى إمكانية تفادي هذه الخسائر السنوية مستقبلاً، تقول محجوب: تفادي الكوارث لا يتم بالتحذيرات، بل بالعمل الجاد والمخلص بتهيئة البنى التحتية ومنع البناء في مجاري السيول أو شق الطرق فيها، بل عمل الكباري والسدود لحماية الأرواح والممتلكات، كذلك لا يجدي تعليق الدراسة أو منع الطلبة والطالبات من ممارسة دوامهم الدراسي وحجزهم في المنازل بتعليق الدراسة، بل بتهيئة الطرق والمدارس والشوارع كي يستمتعوا بيومهم الدراسي وسط هطول المطر. لقد منعت أحفادي وحفيداتي يوم الأربعاء الماضي من الذهاب إلى المدارس، يوم الخميس ظللت طوال الليل أقرأ السماء وأرقب النجوم وكميات السحب، وسمحت لهم بالذهاب إلى المدرسة، فجأة هبت العاصفة وهطل المطر بكميات غزيرة وقتها تعرض الجميع للخطر نتيجة هلع أمهاتهم، ذهبت ابنتي تقود سيارتها لأخذ البنات وذهب السائق لمدرسة الأولاد، ماذا كان يحدث لهم لو ازداد المطر وغرقت الشوارع التي تفتقد لقنوات تصريف المياه، بل تطفح بين الحين والآخر بمياه المجاري الآسنة؟! لما طغى الماء أما غادة ناجي طنطاوي، فتستحضر كارثة سيول جدة قبل أعوام، وما اعتمد لها من ميزانية ضخمة في سبيل عدم تكرارها، ومع ذلك ذهبت أدراج الرياح، وكأن شيئاً لم يكن، موضحة ذلك بقولها: سبعة أعوام مضت على كارثة سيول جدة التي جرفت الأخضر واليابس، ذلك الكابوس الذي استيقظت على إثره العروس الحالمة، فتح الباب على مصراعيه لأسئلة شغلت الرأي العام لفترةٍ طويلة، فأطلّت استفهامات عديدة تبحث عن إجابات مقنعة لكل بيت تحول إلى سرداق عزاء عوضاً عن بيتٍ دافئ يحتضن أفراده. مصدر مسؤول بالأمانة يصرح أن الدولة اعتمدت ملياري ريال لتنفيذ خطة شبكة لتصريف مياه الأمطار ستغطي جميع مناطق جدة، لكن مع أول مرة هطل فيها المطر اصطدمت فقاعات ذلك التصريح بجدار الواقع الأليم، غرقت العروس في بحر من المياه، وطفت جميع شعارات إصلاحات البنية التحتية الكاذبة مع الكثير من علامات التعجب على السطح. وعندما تبخر الماء ترك خلفه قضايا الفساد مغطاة بالوحل في شوارع المدينة. وكأن العروس تلهث في ماراثون للالتحاق بموسوعة (جينس العالمية) لتحقيق أعلى معدل فساد. الوضع في أمانة جدة أثار الشكوك، بالأمس تصريح تغطية شبكات الصرف يقدر بميليارين يليه تصريح من مسؤول بأن المساحة المغطاة تقدر بنسبة 70 % ولاستكمال الخطة فإن الأمانة تحتاج 3 مليارات أخرى..!! وحتى الآن ما زال سكان المنطقة يستلطفون الإله وتنتشر حالة من القلق لدى الإعلان عن قرب موسم المطر. وبصفتها إحدى كاتبات ومثقفات مدينة جدة، تطالب طنطاوي أمين جدة الحالي صالح التركي، بعدة أمور من شأنها أن تجعل عروس البحر الأحمر، في مأمن من كوارث الأمطار والسيول في قادم الأيام، قائلة: تحتاج مدينة جدة يا معالي الأمين، إلى عدة أمور، هي: - تحتاج خطة جديدة مدروسة لتصميم شبكة تصريف مياه جديدة تحت إدارة جديدة تهتم بوضع البلد الطبوجرافي الذي أثبت مؤخراً أن هذه المدينة مؤهلة لإقامة شبكة تصريف توجه الماء بسهولة للقنوات المائية. - نحتاج كسكان لمدينة جدة، إلى دراسة جديدة تحدد نسبة ميلان الأرض حتى يتم وضع الأنابيب بدقة تماشياً مع قوانين الجاذبية الأرضية وميلانها. - نحتاج أيضاً إلى إحصائية جديدة لمعرفة أي المناطق أكثر تضرراً وأكثرها عرضة، لأنها واقعة في مسار السيول والبدء بها كأولوية. - نحتاج إلى هيئة من المهندسيين الاحترافيين؛ للقيام بالعمل والإشراف عليه لوجستياً.ختاماً نحن نستحق الأمانة يا معالي الأمين. التنسيق بين عدة وزارات من جهته، يشير د.عمر زهير حافظ، من واقع عضويته السابقة بالمجلس البلدي بالمدينة المنورة، إلى أنه كان أحد مطالبي الأمانة بوضع إستراتيجية واضحة وقابلة للتطبيق حول تصريف مياه الأمطار والسيول، موضحاً ذلك بقوله: لا أدري حقيقة عن المدى الذي وصلت إليه الخطط والإستراتيجيات في منطقة المدينة على الأقل، وذات الأمر يطرح نفسه على المستوى الوطني، ولكن يبدو لي، أن وزارة الشؤون البلدية والقروية تحتاج إلى وضع خريطة طريق تتجاوز المناطق، لأن الأمطار والسيول لا تعرف الحدود المناطقية، بل لا تعرف الحدود الدولية أيضاً، والموضوع هنا ذو أبعاد إستراتيجية عميقة، وله علاقة بتخطيط مصادر المياه وشبكة السدود وتأثيرها على الزراعة والمياه وطرق تصريف الأمطار. وهذا يتطلب التنسيق بين عدة وزارات. وباعتقادي أن هذا الموضوع يحتاج إلى خطة وطنية قصيرة وطويلة الأجل؛ لوضع وتنفيذ إطار شامل يحقق المصالح الوطنية العليا للمياه والزراعة والبيئة، وفق الله تعالى الدولة والوزارات المعنية للقيام بما يلزم؛ لتحقيق أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠ الخاصة بذلك. سكان المدن الكبيرة ليس لديهم دراية بقوة السيول وعنفوانها عند سؤالنا ل د.نجيب أبوعظمة، عن سبب تكرر هذه الحوادث كل عام، خاصة في المدن الكبيرة، أجابنا قائلاً: الحوادث أمر طبيعي في حياة الناس، ومن ذلك حوادث السيول، ونسميها حوادث كونها لا تحدث بشكل مستمر، ولا تقع للكثير من الناس، والمسألة هنا لا أعتقد أنها ترتبط بفشلنا أو نجاحنا في إيجاد معالجات حقيقية وفعالة للتعامل مع هذه السيول، بقدر ما ترتبط بالوعي والثقافة. وأحياناً حتى شهامة الناس، وتدخلهم بما ليس من مجال خبرتهم أو مجال تخصصهم، يزيد من نسبة الحوادث، خصوصاً أن سكان المدن الكبيرة ليس لديهم دراية بقوة السيول وعنفوانها، وقد يثق بعضهم بكفاءة المركبة ويذهب ضحية ذلك، ولكن في القرى والأرياف يدركون خطورة السيول، ويعرفون مجاريها وشعابها، لذلك يحسنون التعامل معها بسلامة أكبر. وبسؤالنا ل د.نجيب أبوعظمة، عما إذا كانت تنقصنا إجراءات سلامة محددة في مدننا، أجابنا قائلاً: لا شك ينقصنا ذلك، كوننا لم نألف هطول المطر وجريان السيول بشكل غزير ومفاجئ، الأمر الذي يوجب علينا توفير مزيد من قوارب النجاة، وأن يكون تحديد أماكن إقامة السدود وحصر مجاري المياه خاضعاً لدراسات علمية من المختصين، فلم يعد مقبولاً البعد عن مواقع الخطر للمختصين أو أدواتهم، وليس هناك بلد في الدنيا إلا وتعاني من مثل هذه المشكلة، ولكن علينا الحرص بشكل أفضل للقضاء عليها. وأنا هنا أحمل المواطنين جزءاً من مسؤولية حدوث هذه الكوارث؛ ممن يقتربون من مجاري السيول، أو من السيول؛ فهم يلقون بأنفسهم إلى التهلكة. والواجب عليهم هنا، أن يأخذوا بالأسباب، بالابتعاد عن هذه الأماكن الخطرة، وباتباع التعليمات، والبعد عن ممارسة المستهترين، وثقة البعض المفرطة بمركباتهم أو أنفسهم. معالجة إشكاليات السيول بتوعية المجتمع وتقديم المعرفة ووضع نظام قانوني جزائي وبسؤالنا ل د.مازن عسيري، عن أسباب تزايد حالات الوفاة والإهدار المالي الناتج عنها، رغم الجهود المبذولة من قطاعات الدولة المختلفة، أجابنا قائلاً: إن ما نشاهده من كوارث في الأرواح والممتلكات نتيجة هطول الأمطار وجريان السيول على الرغم من نشرات التحذير التي تصدرها كل من هيئة الأرصاد وحماية البيئة والدفاع المدني، نتيجة عدة عوامل. أولها غياب الوعي لدى المواطن، الذي يغامر بعبور الوادي متجاهلًا التحذيرات عن الخطر من هذا الفعل. ثانياً غياب العقاب لمن يثبت عنهم التهاون بأرواح الناس والنزول لبطون الأودية على الرغم من مشاهدته للخطر. ثالثاً ضعف دقة التحذيرات التي بدورها تؤدي إلى تجاهلها من قبل الكثيرين. ولنتمكن من معالجة هذه الإشكاليات، يجب علينا العمل بجد نحو توعية المجتمع وتقديم المعرفة بقالب مقنع لمن هم معرضين لمثل هذه الكوارث. وكذلك وضع نظام قانوني جزائي لمن يتهاون ويلقي بنفسه أو يعرض الآخرين لمثل هذه المخاطر. وأخيراً تطوير آليات التوقعات وإصدار التحذيرات بحيث تبلغ من الدقة لتلامس الواقع، ما يزيد ذلك من ثقة المستفيدين والاعتماد عليها في تصريف أمور حياتهم، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية الأنفس والأموال. وينصح باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد لإصدار تحذيرات آنية لمثل هذه الظواهر. من المنطق ألا نحمل مسؤولية تبعات السلوكيات الخاطئة من قبل البعض للبلديات ولأمانات المدن وعند سؤالنا لنادية فتيحي، عن السبب الرئيسي لتفاقم إشكاليات السيول، وما تسببه من حالات وفاة وإصابة، فضلاً عن الخسائر المادية، التي تتمثل عادة في غرق كثير من المركبات، أجابتنا قائلة: تتفاقم هذه المخاطر، بسبب أولئك الذين يخاطرون بأنفسهم بالوجود في الأماكن الخطرة وقت هطول الأمطار، ما يعرضهم لحالات غرق أو لغرق سياراتهم، وهنا من المنطق ألا نحمل مسؤولية تبعات هذه السلوكيات من قبل البعض للبلديات أو لأمانات المدن، بقدر ما نحملها لأولئك المستهترين بأرواحهم وبممتلكاتهم. وحتى تكون الجهات المختصة قد أدت دورها المناط بها في مثل هذه الأجواء الجميلة، التي يساء للأسف توظيفها التوظيف السليم من قبل البعض، من حيث الاستمتاع بها والترويح عن أفراد المجتمع، يتوجب على هيئة الأرصاد وحماية البيئة، أن تكثف حملاتها التوعوية من خلال وسائل الإعلام المختلفة بما فيها بالطبع وسائل التواصل الاجتماعي، وتوزيع اللوحات الإرشادية قبل وأثناء وخلال فترة هطول الأمطار، بالتحذير من عدم الوجود في هذه الأماكن، وبالتنسيق المباشر مع الدفاع المدني والمرور وأمن الطرق. يجب تنظيم حملات إعلامية لدرء مخاطر الأمطار والسيول والحفاظ على الممتلكات وعند سؤالنا ل د.سالم باعجاجة، عن أسباب تكرار إسطوانة حالات الوفاة وغرق المركبات سنوياً في مثل هذه الأجواء المناخية كل عام، رغم تطور عمليات الرصد والتحذيرات التي تعلن عنها هيئة الأرصاد وحماية البيئة، أجابنا قائلاً: تشكل الأمطار والسيول خطراً قد يهدد حياة الإنسان وممتلكاته، وقد تسببت مؤخراً بالفعل في وفاة 14 شخصاً في مناطق مختلفة من المملكة. وتختلف أسباب الوفاة من حاله إلى أخرى، منها ناتجة عن الإصابة بصعقة كهربائية، ومنها من الانجراف مع السيول، ومنها ناتجة عن غرق في السيول.. وغير ذلك من المخاطر التي يتعرض لها الإنسان أثناء فترة هطول الأمطار. كل هذه المخاطر تحدث على الرغم من تطور عمليات الرصد والتحذيرات التي تعلن عنها هيئة الأرصاد وحماية البيئة، وقد يكون سبب تعدد هذه الحوادث، بسبب عدم الانصياع لتلك التعليمات والتحذيرات، وإهمال الكثيرين وعدم مبالاتهم بتلك التحذيرات. الأمر الذي يعني أن المواطن يتحمل جزءاً من هذه الكوارث، لذا من الواجب تكوين حملات إعلامية؛ لدرء مخاطر الأمطار والسيول والحفاظ على الممتلكات، وبالتالي تفادي الكثير من الخسائر المادية والبشرية. ================== المشاركون في القضية: - د. فهد أحمد عرب: كاتب اقتصادي، مهتم بهندسة المدن. - د. نجيب حمزة أبوعظمة: أستاذ مشارك بجامعة طيبة بالمدينة المنورة، ومهتم بالشأن الهندسي والعمراني. - د. عمر زهير حافظ: مستشار اقتصادي. - غادة ناجي طنطاوي: كاتبة إعلامية. - سالم باعجاجة: كاتب اقتصادي وأستاذ المحاسبة بجامعة الطائف. - د. مازن عسيري: عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز، ومهتم بالتطوير العمراني. - نادية فتيحي: سيدة أعمال. - نبيلة حسني محجوب: كاتبة إعلامية.
مشاركة :