نحن في مجتمع لا يمتلك الثقافة الكافية لقبول الفن

  • 11/9/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

فنان تشكيلي وكاتب من المملكة العربية السعودية من مواليد الأحساء، ويقيم بالدمام، بدأ مشواره الفني منذ 1971، وترأس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية منذ تأسيسها حتى 2012، وهو عضو مؤسس في اتحاد جمعيات الفنون التشكيلية بدول مجلس التعاون الخليجي. عمل محرراً للفنون التشكيلية بجريدة اليوم السعودية منذ 1983، وأشرف على الصفحات التشكيلية بها، كما ألف كتاب «مسيرة الفن التشكيلي السعودي» الذي أرخ من خلاله للفن التشكيلي السعودي ووثق له. شارك في تحكيم عدد من المعارض التي أقيمت داخل المملكة وفي بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وأعد برنامجاً إذاعياً بعنوان «المجلة التشكيلية». ترأس قسم الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون بالدمام من 1987 حتى 2000، وعمل مديراً للنشاطات، ورئيساً لقسم الإعلام والنشر، ومقرراً لقسم الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون بالدمام منذ 1979. نظّم وشارك في عدد من المعارض والمحاضرات والندوات داخل وخارج المملكة، وهو عضو بعدة لجان تحكيمية، وجمعيات محلية وعالمية. أقام عشرة معارض فردية محلية وعربية، وعُرضت لوحاته في عدد من العواصم العربية والأجنبية، التقيناه عقب مشاركته المتميزة في مزاد سوذبيز العالمي في لندن، بعمل امرأة جالسة في فترة الظهيرة1980، وعمل المصلين وهم يخرجون من المسجد،1981، التي تخطت القيمة المقدرة وسجلت: 137،500 و 131.250 ألف جنيه إسترليني في إنجاز سعودي لافت! r يقول الفنان لالو: «في الفن كما في الأخلاق، لا يحدث الإلهام بأعجوبة فجائية وإنما هو رأسمال يتجمع تدريجياً»، هذا يدفعنا للتساؤل عن نشأة عبدالرحمن السليمان، البيئة وذكريات الطفولة ومقاعد الدراسة الأولى، وأول خطوات ريشته على البياض؟ - الطفولة فيها جانبان بداية بسعادة وجود الوالدين والعيش حياة هانئة فيها كل المعاني والجمال والدفء ثم غياب الوالدة وأنا في الحادية عشرة من العمر وكنت في الصف الخامس الابتدائي توفيت وتركت جرحاً عميقاً في نفسي وحياتي. في المدرسة الابتدائية كانت الخطوات الأولى من خلال المواد التعليمية، حيث الرسم والخط والمشاركات المتنوعة في جماعات النشاط، كنت أكتب أحياناً حكمة اليوم على سبورة معلقة في فناء المدرسة، وكنت أخط الصحف وأكتب بعضها كما وأرسم مساهماً في المناسبات الاجتماعية التي تشارك فيها المدرسة داخلها وخارجها، أتذكر أنني وكنت لم أزل في الابتدائية رسمت أخي محمداً وهو يصغرني على ورقة من أحد دفاتري المدرسية وكان الشبه كبيراً ما أسعده وأسعدني كما أسعد والدي. كان الرسم شغفي وحبي المبكر، كان المعلمون يشيرون إلي بالتفوق وكانوا يكلفونني بتخطيط صحف الحائط وكتابة عناوينها وأحياناً محتواها، كنت أرسم بعض الصور التوعوية من كتاب صحتك وهو كتاب توزعه أرامكو السعودية حينها على مدارس المنطقة وفيه حث وتوجيه إلى بعض الجوانب الصحية. r أبرز أصدقائك في تلك المرحلة؟ - الأصدقاء كثيرون ابتداء بأبناء العمومة وأبناء الحارة، كان أخي محمد أقربهم بالطبع لأنه يمتلك خطاً جميلاً، كما كنا نعيش الحال نفسه بعد وفاة الوالدة من أصدقائي الذين التقيت معهم في حب الخط ولم تزل صلتنا، المهندس محمد الحمام الذي كنا نطمح حينها أن نؤسس لمحل للخط على غرار بعض الخطاطين المعروفين على مستوى المدينة آنذاك. فقد كنت وإياه نكتب على الجدران بما يتاح لنا من طباشير أو أحبار وأصباغ بسيطة ويذكرني أحياناً بذلك الطموح الذي امتلكناه في صغرنا، لكن المرحلة المتوسطة وقد انتقلت مع أسرتي إلى الدمام فقد كان زميل الموهبة عبدالله الجبالي الذي رسمت معه أجمل الأعمال في تلك المرحلة، وقد تقاسمنا معرض المدرسة، وهي الخليج المتوسطة عندما أقامت معرضها السنوي في نهاية العام الدراسي كان معلم التربية الفنية الأستاذ مساعد الغرامي قد أسس فينا الخطوات الأولى في الرسم بالألوان الزيتية، تعلمنا منه تحضير وتهيئة اللوحة ووفر لنا الخامات اللازمة، وكنا نرسم بشغف وحب وتنافس أخوي حتى اشتهرنا على مستوى المدرسة والحارة. المرحلة الدراسية r المرحلة الدراسية في معهد المعلمين وأهم الأحداث والأصدقاء بها؟ - كانت مرحلة الصبا مفعمة بالنشاط خاصة عندما شرع نادي الاتفاق في إنشاء مرسم بمقره في حي العدامة خلال عطلة صيفية انضممت إليه في عام 1971 وقد كان منزلي قريباً من مقر النادي، ورسمت أعمالًا كثيرة على الخشب، حتى بلغت أعمالي ال 24 لوحة زيتية فأقام النادي معرضاً مشتركاً لأربعة فنانين أو هواة كنت أحدهم مع زميل مسيرتي الفنان علي عيسى الدوسري رحمه الله واثنين، وقد انتهى المعرض بجائزة كانت ساعة يد قيمة بالنسبة لي، وهي أول جائزة أحصل عليها بعد جوائز المدرسة المتوسطة التي كانت بعض الكتب والقواميس والأقلام والألوان الزيتية. بعد انتهاء المعرض المشترك في نادي الاتفاق وسحب الزملاء أعمالهم وكانت لا تتعدى الستة أعمال، كانت فرصة لي أن أضيف للمعرض أعمالي المتبقية التي لم تعرض، ويستمر هذا العرض الشخصي لأعمالي ثلاثة أيام كان بمنزلة أول معرض خاص بأعمالي، كانت المرحلة الدراسية في معهد المعلمين بمنزلة منطلق جديد تفتحت فيه على معلمين مختصين كان بينهم السوداني الفنان مبارك بلال الذي تلقيت منه بعض العلوم الفنية والتشجيع وكان يأخذنا لنرسم خارج الفصل الدراسي المشاهد البيئية والطبيعية، ولا أنسى قبل سفره أو عودته للسودان إهدائي ثلاثة كتب صغيرة لفنانين أو مدارس فنية باللغة الإنجليزية لا أزال احتفظ بها حتى الآن، كما سعيت للتواصل معه وتحقق لي ذلك من خلال أستاذ وفنان سوداني كبير وهو البروفيسور أحمد الطيب زين العابدين رحمه الله الذي التقيت به في إحدى المناسبات الفنية وكانت بينالي الشارقة، بعده أرسل لي أستاذي رسالة ضمن محتواها سعادته بمشاركاتي الفنية وحضوري، بل وكتب بعض آرائه التي سرتني حول أعمالي وقد كنت أهديته أحد أدلة معارضي الشخصية. r كان أول أول معرض لك في بدايات السبعينيات، كيف كان صداه، وكيف تصف شعورك حينها؟ - كان صداه كبيراً في نفسي فقد كان بداية مشجعة في وقت لا وجود لمؤسسات ترعى الفن أو ذات اختصاص فني، كنت أفكر بعد المعرض في قنوات أتواصل معها من أجل الفن فلم يكن إلا النادي نفسه الذي فتح أبوابه لي، أرسم في أي وقت وأستفيد من المتاح، وقد حصل ذلك بالفعل عندما كنت أذهب في أوقات متفرقة للرسم وأشارك فيما بعد باسم النادي، وقد رشحت وعملت فيما بعد عضواً في مجلس إدارة النادي ومشرفاً ثقافياً فيه. r الرسم بالنسبة لك، انغماس في الذات، وإصغاء لصوت الدواخل، أم تصوير للواقع، ومحاولة للتماس معه؟ - في بداياتي كنت أرسم مشاهداتي وأسعى إلى اكتمال الصورة بما يحقق فهماً ووضوحاً، كان مكاني الأولي وكانت الأحساء وقد تركتها إلى الدمام المدينة العصرية نسبياً في ذاكرتي ولا تفارقني منازلها وأزقتها وناسها ومزارعها وأسواقها وأقربائي، كان السفر إلى هذه المدينة أمنية مع قرب المسافات وبعدها في آن، كانت بعض المناسبات فرصة للعودة وعليه كانت متعتي في تغذية بصري وروحي بمعطياتها، عندما كبرت وقرأت في الفن مع شحة وقلة الكتب المتخصصة بدأت في تحسس طريق يبحث في الفن ويكتشف ويحمل المعاني، بل ويثير الدهشة والمشاهدة. كنت أحاول التعبير عن أشيائي الخاصة بما يقرب الناس مني فأنا في حقيقة الأمر قريب منهم وهم يسكنونني. أحاول أن أبعث إليهم روحاً جديدة من خلال الفن ووسائطه كانت اللوحة هي وسيلتي والألوان هي أدواتي فحملت هذا الهم لأبشر به وأسعى للإقناع أن كل منا فنان أو يحمل في داخله متذوقاً يمكن أن يستشعر الأشياء ويكون جزءاً منها. أنحاز إلى محيطي وناسي r يقول فان جوخ واصفًا المدرسة التشكيلية التي ينتمي إليها: «أريد أن أكون صادقًا مع نفسي وأن أعبر عن أشياء حقيقية بصورة تماثل خشونة حياتي وجفافها»، فإلى أي المدارس التشكيلية تنحاز ريشتك، وكيف تصف لنا هذا الانحياز؟ - الحقيقة أنا أنحاز إلى محيطي وناسي وتراثي وحضارتي وثقافتي وبلدي وعروبتي وأنها ملأى بالمعطيات التي تفصح عن شخصية مختلفة أصيلة وذات قدرة على التأثير والتفرد، أنحاز إليها واثقاً أنها قابلة على الانفتاح على العالم في كل تحولاته فالعربي بطبعه قادر على التكيف من جانب وعلى الإبداع من جهة أخرى وهو أيضاً ليس بمعزل عن العالم وانفتاحه إذا ما أتيحت له الفرص والمساحات التي يمكنه التحرك فيها، بعد فترة وجيزة من بداياتي كنت أكثر ميلًا إلى البحث في مدارس الفن الأشهر وقد قرأت واطلعت عليها من خلال الكتب التي كانت نادرة، رسمت وفق التكعيبية مواضيع وأفكاراً تلامس جانباً من الحياة اليومية وهذا الاتجاه الذي اشتغلت به عدة أعوام كان يحقق لدي القدرة على التحرك بعيداً عن قيد الأكاديمية أو التمثيل والمباشرة. اشتغلت ضمن توجه تكعيبي تحليلي منذ النصف الثاني من السبعينيات من القرن الماضي إلى 1981 وكان هذا العام وقبله يلخص المسيرة ضمن هذا التوجه، والعملان اللذان حققا سعراً كبيراً في مزاد سوذبيز هذه الأيام كانا ضمن هذا التوجه وهما من إنجازاتي للعامين 1980/ 1981، استفادتي من التكعيبية أحالتني إلى جانب أبحث فيه عن الموروث المحلي، وكنت في البداية تحت تأثير التكعيبية التي تقارب الشكل أو الصيغة الفنية الإسلامية التي تعتمد المساحة أو الهندسية. كما تستفيد من المعطى النباتي في انحناءات خطوطه، في عام 1983 أقمت معرضاً شخصياً أعتبره الأول وقد اكتملت تقريباً معارفي في الفن فتقاسمه اتجاهان التكعيبي الهندسي وبحثي في الموروث المحلي من خلال العنصر المحلي وهو الخط الجديد الذي بدأت أسلكه منذ 1982، كان هذا المعرض بمثابة الانطلاق الأكثر سعة خاصة وقد حضر افتتاحه لفيف من الأصدقاء والزملاء الفنانين من بعض مناطق ومدن المملكة، كانت بداية الثمانينيات وأواخر السبعينيات شهدت بعض الطروحات التي توجه إلى استلهام الموروث الحضاري للمنطقة العربية فظهرت حينها التجمعات الفنية التي تؤسس لذلك بينها البعد الواحد ومدرسة الخرطوم ومدرسة بغداد وغيرها، كنت أسعى إلى البحث في المعطى المحلي وفق صيغ تحديثية تستفيد من تيارات الفن الحديثة خاصة التجريد الذي يتلاءم والفنون والمنجزات الفنية الإسلامية، تواصلت اهتماماتي وبحثي ومعارضي فأقمتها في طنجة بالمغرب والرياض وجدة والقاهرة والكويت والدوحة وغيرها، وقد كنت في كل محطة أسعى أن أطرح شيئاً مختلفاً أو جديداً. هذا خلاف مشاركاتي الجماعية داخل البلاد وخارجها. الموروث التاريخي والحضاري r يجسد الفنان التشكيلي في لوحاته العالمَ من منظور رؤيته، ومن تفاعل ذاته مع ما ومن حولها، فإلى أي مدى أسهمت ريشتك في نقل الثقافة السعودية عبر الفن إلى العالمية؟ - الثقافة السعودية بالنسبة لي تتمثل في عديد من الجوانب ابتداء بالموروث التاريخي والحضاري والمعرفي بجانب المعطيات البصرية والمادية سواء بالمعمار أو الصناعات التقليدية أو حياة الناس ومظاهرها وكذا الثقافة الشعبية، والواقع أن الفن أو في تجربتي على الأخص يختزل كل ذلك في عناصر محددة قد لا تشير مباشرة بقدر تضمينها الأثر، أثر هذه الصور والمعطيات وفق الأسلوب الفني الذي ينتهجه الفنان والمدرسة أو البحث الخاص به، وأنا أسعى مثل آخرين إلى الوصول إلى الصيغة التي تحمل شخصيتي وتعبر عن ثقافتي ومكاني وهويتي. r فن التصميم بالكمبيوتر، والتطورات المذهلة فيه، هل ترى أنه يخدم الفن التشكيلي، أم يهدد وجوده كما يشاع؟ - يجب أن نقر بأن الفن لا يقتصر على شكل محدد وثابت والمعطيات أو الإنجازات التكنولوجية الحديثة تبعث فينا مزيداً من الإثارة والبحث والاكتشاف ولعلها تقرب بعض ما يستصعب الوصول إليه وهي في الحقيقة مطلوبة إذا ما استطاع الفنان أن يوظفها على نحو يضيف إلى الفن والإبداع ويسهم في تقدم خطواته وتمييز شخصيته وفق رؤى وإنجازات العالم في كل الميادين ومنها بالطبع الفن. النقد عملية تتوسط بين الفنان والجمهور r بجانب كونك رساماً فأنت تمارس النقد الفني، فمن هو الناقد الحقيقي في نظرك: الجمهور أم النقاد المختصون؟ - الحديث في هذه المقارنة لا ينتهي والنقد عملية تتوسط بين الفنان والجمهور، لكن ليس على حساب الفن، النقد يقوم بدوره كرؤى تلامس جوانب الإبداع والاختلاف والجمال في الأعمال الفنية وليس بالضرورة الحديث عنها بالإطراء أو القدح. ليس النقد مدحاً ولا ذماً فهما هنا متساويان، إنما هو ملامسة حقيقية لبواطن المنتج الفني وتقديمه وفق صيغة لا تلتبس على الناس ولا الفنان كما لا تضع أمامه قيوداً أو محاميل أكبر من طاقته أو تأثيره. والعمل الفني كي يخضع للعملية النقدية يجب أن تكتمل أركانه وعناصره وقواه، فلا يمكننا أن نتناول بالنقد عملًا مبتدئاً أو ضعيفاً. من الجانب الفني أرى أن العملية تحتاج إلى أن نفرق بين النقد والتوجيه المدرسي. المبتدئين يحتاجون إلى التوجيه منا كمعلمين وليس كنقاد؛ لأن النقد أرفع من ذلك، ويتطلب ثقافة ومعرفة تتعدى الفن في إطار ممارسته أو أشكاله ومدارسه. إنما فيما وراء ذلك وما وراء الأفكار والصيغ والجماليات. r هل تؤمن بأهمية النقد لتطور العمل الفني، وخلال مسيرتك الفنية، هل ترى أن لوحاتك حظيت بنقدٍ فني منصف؟ - النقد عملية تدفع بالفنان، وأقول قد تفتح للممارس أفقاً مختلفاً أو متطوراً وأنا خلال مسيرتي الطويلة حظيت أعمالي بالتناول من أهم الأسماء التي تكتب النقد الفني وأن الإخوة النقاد العرب الذين كتبوا عن أعمالي كُثر وسأضمن بعض ما كُتب عني في كتاب تصدره جمعية الثقافة والفنون بالدمام قريباً بمناسبة تكريم يقيمونه لي مشكورين. لقد لامس البعض شيئاً من تجربتي، بل وكانت بعض الكتابات ردوداً على كتابات أخرى ولا شك أنني أستفيد من وجهات النظر والآراء. كما أن الكتابات المتعمقة تمنح الفنان مزيداً من الثقة، كما تمنحه تحفيزاً على الاستمرار والتواصل والبحث والجدية، كتب عن أعمالي عديد من النقاد العرب من أمثال فاروق يوسف ومحمد الجزائري وعادل كامل وعمران القيسي وعلي ناجع ومها سلطان وشربل داغر، وعزالدين نجيب وغيرهم كثير. تجمع للفنانين التشكيليين السعوديين r ترأست مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية منذ تأسيسه وحتى 2012، فكيف تصف تجربتك، وما أهم إنجازاتك حينها؟ - كنا في الواقع متحمسين لهذا المشروع أنا وعدد من زملائي الفنانين، وقد كتبنا أكثر من مرة نطالب بإنشاء تجمع للفنانين التشكيليين السعوديين وواجهتنا في ذلك مصاعب، لكننا كنا مصرين على أن يتحقق هذا الشكل الذي سبقنا فيه دول الخليج العربية، وعندما عزمت وزارة الثقافة والإعلام حينها على تبني والدفع بهذا المشروع كنت أحد من وضع اللائحة الخاصة بالجمعية كما كنت واحداً ممن تقدموا للترشح لمجلس إدارتها بعد إقرارها وقد تسلمت رئاسة مجلس إدارتها خمسة أعوام كنا خلالها نصارع من أجل أن تُخصص للجمعية ميزانية كجمعية الثقافة والفنون والأندية الأدبية، إلا أن شيئاً من ذلك لم يتم وقد حاولنا في البداية وضع الأسس الأولى للجمعية من مقر أو خلافه وكنا نجتمع بشكل دوري بدعم مادي من وكالة الوزارة للشؤون الثقافية التي كان وكيلها الدكتور عبدالعزيز السبيل والواقع يجب أن تسجل لهذا الرجل مواقفه في قيام الجماعات الفنية والسعي لدعمها وفق الإمكانات المتاحة، من الأنشطة التي أقمناها آنذاك معرض الأعضاء الأول وافتتاح بعض الفروع ووضع برامج عمل وأمور أخرى استكملها الأخ محمد المنيف بعد اعتذاري عن رئاسة الجمعية وقد جاهد هو الآخر من أجل بقاء الجمعية وعملها لخدمة الساحة التشكيلية السعودية لكن الحقيقة كانت المادة عائقاً كبيراً أمام طموحاتنا.. r كيف تقيم وضع الفن التشكيلي في المجتمعات العربية في ظل هذه الأوضاع المتأزمة، وهل ترى أنه كان وما يزال محط اهتمام النخبة دون البقية؟ - طبعاً الأوضاع العربية أثرت على نحو كبير على الفن، كنا في السابق نحاول أن نلملم ما يمكن بين الفنانين العرب لكنها الظروف والعلاقات بين الدول حالت دون ذلك وسعى الأخ الفنان عبدالرسول سلمان في الكويت لإحياء دور اتحاد الفنانين التشكيليين العرب دون جدوى، سنجد أن دولًا مثل مصر قد خسرت والساحة التشكيلية العربية مهرجاناً كبيراً كبينالي القاهرة، وهو المحطة الأهم في الساحة العربية وبقي بينالي الشارقة بعيداً عن الفنانين العرب بعد أن كان الجهة التي تستقطبهم وتجمعهم في دوراته الأولى. تبعثرت النشاطات وأخذت شكلها الجديد من خلال جهود فردية لبعض الفنانين الذين سعى بعضهم لتجميعهم وفق اشتراطات ومدفوعات ورسوم، كما أن البعض الآخر توارى بفعل هذه الأحداث، الفن حالياً يأخذ شكلًا مختلفاً إلا من بعض الفعاليات التي تقام في الكويت على سبيل المثال من خلال الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، كما وتقيم بعض الدول نشاطات ثنائية بناء على تبادل المعارض الفنية ويركن البعض الآخر في انتظار دعوة لنشاط يمكن المشاركة فيه، الواقع لا أتفاءل كثيراً بالوضع على المدى القريب بناء على المعطيات التي نلمسها لكنني بالمقابل أتمنى أن يعود للساحة وللفنانين حضورهم وحيويتهم مع ظهور أسماء وتجارب جديدة متنوعة ومتميزة أحياناً. تعيش بين مد وجزر r أرخت ل «مسيرة الفن التشكيلي السعودي»، فما أهم المعوقات التي تواجه تطورها؟ - الساحة أو الحركة التشكيلية في المملكة تعيش بين مد وجزر، والفنانون مع كثرتهم لا يجدون المكان الملائم الذي يمكن أن يرعاهم، فالبدايات كانت بجهود الفنانين الفردية سنجدها في معارض عبدالحليم رضوي ومحمد السليم وعبدالعزيز الحماد وصفية بن زقر ومنيرة موصلي وغيرهم واستمرت الأنشطة في المدارس أو من خلال الأندية الرياضية، ولعله يمكن ملاحظة ذلك من خلال بعض معارض بعض الفنانين لكنها مع ظهور اهتمامات الرئاسة العامة لرعاية الشباب بدأت الأنشطة تأخذ مساراً مشجعاً ومتسارعاً وكان من أهم الدعائم لنشأتها وتناميها وتشجيع الفنانين على المشاركة في معارضها هو دعم الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب. أسهم الأمير فيصل رحمه الله في منح الفن التشكيلي قيمة كبيرة على مستوى الحضور والنشاط ومن ذلك أيضاً حرصه على الحضور الخارجي للفن السعودي سواء من خلال الأسابيع الثقافية السعودية في الخارج أو المشاركة في مناسبات فنية كبيرة خلاف حضور الفن من خلال المناسبات الكبيرة كمشاركة المملكة في كأس العالم لعدة أعوام وما يرافقه من فعاليات بينها الفن التشكيلي كانت الرئاسة تنظم أربعة معارض أو أكثر في السنة الواحدة خلاف المعارض والمسابقات التي تشهدها مكاتبها، جمعية الثقافة والفنون هي الأخرى قامت بدور يدعمه الأمير فيصل بن فهد فنظمت المعارض الجماعية والفردية على مستوى الفروع خاصة وكان دورها إيجابياً ولم يزل وأشير إلى الحيوية التي يعيشها فرع الجمعية بالدمام مع قلة الإمكانات، هذا الحراك الفني بدأ يتوارى خلال الأعوام الأخيرة لغياب دور رعاية الشباب عندما تبنت الفن وزارة الثقافة والإعلام، حالياً ظهرت عدة جهات ابتداء بوزارة الثقافة فهيئة الثقافة ومعهد مسك وجمعية الفنون التشكيلية وعدد من المؤسسات الخاصة، وأتمنى أن تدفع هذه الجهات بالفن وتدعم مسيرة الفنانين بالمعارض الفردية والمشتركة وبطباعة الكتب وتنظيم اللقاءات والمنتديات والمحاضرات واستضافة العروض الفنية الأجنبية والتبادل الفني في مواقع لها وزنها وقيمتها وأن لا تقتصر هذه الفعاليات على أجيال بعينها بتبرير تشجيع الشباب، وأن تكون هناك برامج فنية واضحة تمنح الفنانين مزيداً من الدعم كتعليم الموهوبين والهواة وفتح المعاهد المتخصصة وقنوات للمعرفة والاستزادة وتبادل الخبرة الفنية، أشير إلى إمكانية أن تقوم أرامكو السعودية متمثلة بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بدور ريادي وهي التي تمتلك الإمكانات ولديها القدرة على الاستعانة بالخبرات المحلية والدولية، وقد لمسنا بعض ذلك في مناسبات صيفية أو دعمها لبعض المشاريع الفنية خارج المملكة. الجائزة الأولى في ثلاثة معارض r نلت عدة جوائز وتكريمات في مسيرتك الفنية فأيها كانت الأهم على الإطلاق؟ - حصولي على الجائزة الأولى في ثلاثة معارض متتالية ل (معرض الفن السعودي المعاصر) من أهم هذه الأمور، لكن دولياً كان حصولي على جائزة التصوير في بينالي الشارقة عام 1997 هامة على المستوى العربي على الأقل، كما أنني حصلت على جوائز مختلفة وتكريمات داخل المملكة وخارجها من بينها تكريمي في سوريا ضمن مهرجان تكريم الرواد والمبدعين العرب. r حدثنا عن مقتنيات أعمالك في المتاحف والمؤسسات عبر العالم؟ - تقتني أعمالي أو توجد أعمالي في عدة مواقع بينها متحف الثقافات بالمكسيك، والمتحف الوطني الأردني، وفي الشارقة وفي مطارات كمطار الملك فهد بالدمام ولدى مؤسسة المنصورة وكندة وغيرها خلاف المجموعات الفنية الخاصة داخل المملكة وخارجها أو لدى بعض الجهات الحكومية. r ما أغلى هواياتك بعيداً عن الرسم؟ - أحب القراءة ومنذ صغري، ولدي مكتبة عامرة بالكتب الفنية والفلسفية والفكرية والأدبية كما أن الكتابة أصبحت جزءاً من يومي. r زوجة عبدالرحمن السليمان، وأثرها في حياته كفنان؟ - زوجتي امرأة عظيمة ومربية فاضلة على الحق والخلق القويم والدين والطاعات وأنا أفتخر بأم محمد التي شاركتني ومنحتني كثيراً من روحها لتحقيق ما أصبو إليه. درب الفن طويل ويحتاج إلى جدية r كلمة أخيرة تحب قولها عبر اليمامة؟ - كلمتي هي أن درب الفن طويل ويحتاج إلى جدية ومثابرة وعزم وتحمل، فنحن في مجتمع لا يمتلك الثقافة الكافية التي تؤهله لقبول الفن، كما تنقصنا الكثير من الجوانب التثقيفية المهمة كالمتاحف المتنوعة ومنها متاحف الفن، كما أنه على الفنانين تحمل بعض أو كثير من المعوقات والإشكالات التي يمكن أن تعترض طريق الفنانين الشباب، ولذا فعليهم التحلي بالصبر والعمل الجاد والاستفادة مما هو منجز على المستوى المحلي والعالمي، وأرى أنه ليس كل ما يمكن أن ننجزه سيجد قبولًا ورضا الآخرين. الفن متعدد القنوات والتوجهات والتيارات ولكل إنسان ميله واهتماماته وبالتالي لا نتوقع قبول كل ما ننجز من كل الناس. الأهم المعرفة والثقافة وهما السبيل الوحيد للتفاهم مع الآخرين. وأوجه إشارة إلى الإخوة الأدباء والمثقفين ألا يتباعدوا عن الفن وأن يؤسسوا لثقافة فنية منفتحة وشاملة بدلًا من الانحياز إلى توجه بعينه خلاف ابتعاد معظمهم عن التثقيف الفني وهذا إشكال كبير. أود من الجهات المعنية بالفن كالأندية الأدبية أو الثقافية وجمعيات الثقافة والفنون إيجاد حوارات مستمرة تجمع الفنانين بالأدباء والمثقفين وأن يهتموا بنشر الثقافة الفنية من خلال المطبوعات خاصة الكتب والتأسيس لمجلات متخصصة أو ثقافية عامة وآمل من وزارة الثقافة وهيئة الثقافة مزيداً من الاهتمام بالفن، وأن يحظى الفنان بالرعاية وبما يجده لاعب كرة القدم أو المطرب؛ فالفن التشكيلي وعي وحضارة وتعبير عن تفوق في الفكر والتفكير.

مشاركة :