ما الذي سيحدث للعالم إذا سقط النظام الإيراني؟

  • 11/9/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

يزحف النظام الإيراني نحو أيامه الأخيرة، ليس بسبب الضغوط الاقتصادية الأميركية فحسب ولكن قاطرة التاريخ لا تستوعب نظامين ثقافيين من عصرين مختلفين بالتآخي داخلها. سيتعاركان باستمرار حتى يسقط الغريب على العصر. الضغوط الأميركية هي حركة العصر وليست مجرد عمل سياسي فقط. لكي ينهار نظام قديم لابد أن يتآكل من الداخل وتدكه عوامل خارجية. ما تفعله أميركا مع ملالي إيران هذه الأيام هو ما فعلته أميركا مع اليابان في العصر الشوغوني. العام 1858 أجبرت الأساطيل الأميركية حكام اليابان المنغلقين على الانخراط في العصر، وبالضغوط الاقتصادية الأميركية تقوض النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي. كأي انهيار لنظام حان أجله لن ترى الانهيار الإيراني إلا بعد تمام مرحلته المادية الأخيرة "السقوط". ستأتي الأسئلة الكبيرة، هل إنهار النظام الإيراني بسبب عوامل داخلية أم بسبب عوامل اقتصادية أم بسبب الضغوط العالمية.. إلخ؟ في النهاية نعود إلى سبب واحد: عدم الملاءمة وعدم القدرة على التكيف مع العصر. عندما اندلعت الثورة الإيرانية على حكومة الشاه كانت ثورة على الفساد والتسلط وغيرها، لكنها فشلت أن تكون ثورة على النظام الثقافي الذي يولد التسلط والفساد، من حسن حظ الشعب الإيراني أن أحضرت الثورة قيادات النظام الثقافي ووضعتهم في الواجهة وتحت الأضواء والاختبار بعد أن كانوا مندسين في طيات المجتمع يتسترون بالمثاليات. في العصور الوسطى في أوروبا لم تثر الشعوب الغربية على الأنظمة السياسية والدليل أن معظم الملكيات التي حكمت أوروبا في العصور الوسطى مازالت قائمة حتى الآن، الشعوب الأوروبية ثارت على النظام الثقافي الذي كان يقف مع القمع ويبرره ويكرسه ويؤلهه باسم الدين. الثورة الإيرانية القادمة لن تكون ضد نظام ظالم فاسد وقمعي، الثورة الإيرانية القادمة سوف تقوض البنية التحتية التي تقوم عليها كل هذه الفظائع كما فعل الأوروبيون، الدين سيبقى ومستغل الدين ومسوغ الاستبداد بالمثاليات الفضفاضة سيرحل. الملالي في إيران شكلوا في العقود الأربعة الماضية المناخ الفكري المنتج لداعش والنصرة وغيرها من التنظيمات القادمة من العصور الوسطى في العالم الإسلامي بأسره "سنة وشيعة". ما كان يمكن أن تطفح أفكار المودودي وسيد قطب وتستعاد فتاوى الإرهاب والخلافة والتقاتل ونظريات المؤامرة لو لم يشكل النظام الإيراني نموذجاً لنجاح الفكر الثيوقراطي في استلام السلطة بشكل مباشر. موجة الحفر في الفكر الثيوقراطي وإحياؤه ضربت العالم العربي قبل الخميني أيضاً. القذافي النميري، صدام حسين، أنور السادات، حافظ الأسد رغم إدعاءاتهم الثورية كانوا يقفون مسنودين بالفكر الاستبدادي الذي يمثله الخميني والمودودي في الظل. سقوط النظام الإيراني سينتزع الثويوقراطية من النفوس ومن الأنظمة في العالم الإسلامي، وسيسمح للمجتمعات الإسلامية بالعودة للإسهام مع بقية الشعوب في بناء الحضارة.

مشاركة :