أكد ناشرون وضيوف، الأهميّة الكبيرة لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حول الثقافة العربيّة، وإقراره «منحة الترجمة»، التي تجيء فعلاً ثقافياً رئيساً في معرض الشارقة الدولي للكتاب. وبيّنوا في لقاءات جاءت على هامش مؤتمر الناشرين، قيمة النقلة النوعيّة التي تتيحها «مدينة النشر»، ويؤمها عدد هائل من الناشرين والمهتمين، خصوصاً بسبب ما تواجهه صناعة النشر. المعرفة والتقنية وقال الناشر محمد راضي من المكتب المصري للنشر، إنّ ميزة معرض الشارقة هي أنّه يقدّم الناشر العربي لنظيره الأجنبي، مثلما يعطي المجال الأكبر لأن نستعيد إرثنا العربيّ والحضاريّ ومخطوطاتنا ومؤلفاتنا عظيمة القيمة التي كانت محل إعجاب الحضارة الأجنبية بوجهٍ عام. ولفت راضي، في حديثه عن أهمية لقاء الناشرين العرب بالأجانب وتبادل المؤلفات فيما بينهم، إلى أنّ هذا اللقاء يشكل فائدةً للطرفين، خصوصاً وأنّه لا بد يتوافر على معرفة وتقنيات في عالم النشر يهمّنا نحن، الناشرين العرب، أن نطّلع عليها. وعن طموحاتهم كناشرين، قال راضي، إنّ تبنّي الشارقة للفكر وكلّ الإصدارات المهمّة والحديثة، يجعلهم يشعرون بالرضا والامتنان لهذه الرؤية العظيمة التي تعيد للعرب الصورة الناصعة للثقافة والإشعاع الفكري، وهو ما يغيّر من الصورة النمطية المأخوذة والمتصوّرة حول أنّ الثقافة هي في آخر اهتمامات البلدان العربيّة، مؤكداً أهميّة المجتمع الثقافي العربي في هذا الموضوع، لافتاً إلى أنّ انتخاب اتحاد الناشرين العالميين لسموّ الشيخة بدور القاسمي نائباً لرئيس الاتحاد العالمي للنشر يؤكّد اعتراف المجتمع الدولي والعربي بحالة النشر التي تدعمها الشارقة، وتوجّه إليها كلّ الطاقات لكي تكون مثالاً يحتذى في هذا المجال. وقال راضي، إنّ الشارقة هي نموذج حقيقي ترسّخ فعلاً ثقافياً لا غنى عنه، والدليل هو كلّ هذا الحضور لدور النشر العربية والعالمية في المعرض، هذا كلّه عدا البرنامج الثقافي وفعاليات المعرض الضخمة التي تقام فيه على مدار السّاعة. منظور إنساني ومن لبنان، تحدّث مدير عام دار المكتبي أستاذ الإعلام والصحافة والاستشاري المعتمد في التنمية البشريّة الدكتور محمد غياث المكتبي، عن العناية غير المسبوقة للشارقة في الفكر والثقافة العربيّة على وجه العموم، وفي موضوع النشر تحديداً، لما للنشر من فائدة مهمّة في تقديم صورتنا إلى الأجنبي والتعاطي معه من منظور إنساني. وانطلق المكتبي من أنّ إمارة الشارقة التي فازت بلقب عاصمة الثقافة العربيّة وعاصمة الثقافة الإسلامية، وستكون قريباً جداً عاصمة الثقافة العالمية، هي مُنطلق مهم لإعادة المشروع الثقافي العربي إلى الواجهة من خلال هذه النشاطات الضخمة والمتزايدة في شتّى المجالات الثقافيّة. وأكّد المكتبي أهمية ترجمة أعمالنا للعالم وبالتالي ترجمة كتب العالم إلينا، وهو طموح كبير للناشرين العرب في موضوع صناعة النشر، الذي هو همّ كبير للناشر العربي على وجه التحديد، في ظلّ معيقات متعددة في هذا المجال. تحديات جديدة بدوره، أكّد الناشر الأردني من دار جرير للنشر هاني يوسف قيام الحضارة الإنسانيّة على الترجمة، مثمناً جهود الشارقة في الحفاوة بالترجمة وتقديم المنتج القرائي العربي إلى العالم، وقال يوسف إنّنا كعرب أحوج ما نكون إلى قراءة تجارب الآخرين واهتماماتهم في النشر، الذي أصبح صناعةً في ظلّ وجود متغيرات كثيرة، وتحدّيات جديدة، تدفعنا إلى صياغة الفكر العربي وإشعاعاته السابقة، فالثقافة العربية لها دورها وريادتها العظيمة التي تجعلنا نشعر بالفخر، معرباً عن أسفه لأن تكون اليوم متأخرةً عن الركب الثقافي العالمي، بالرغم مما لدينا من إمكانات ومقدمات حضاريّة يمكن أن نبني عليها، فنستفيد من معطياتنا الحضارية التاريخيّة، وهو ما يقوم به صاحب السّمو حاكم الشارقة في النقلة النوعيّة الكبيرة التي يبارك له فيها الناشرون، من خلال تفكيره الدائم والمستمر بصناعة الكتاب، وتأكيد قيمة النشر العربي، وتقديم حضارتنا للآخر عن طريق الترجمة. عملية ارتجالية وأكّد الناشر السوداني عماد الدين أبو مدين عدّة نقاط مهمّة في حديثه عن النشر العربي ولحاقه بركاب النشر العالمي، مبيّناً أنّنا علينا أن نعترف أولاً أنّ النشر لدينا ما تزال عمليّة ارتجاليّة لم تصل بعد إلى درجة الإتقان والإلمام العلمي والمنهجي الكامل، داعياً إلى وجود تخصصات أكاديميّة في الجامعات العربيّة، تعطي شهادة جامعية وأكثر في موضوع النشر، مبيّناً أن ما هو حاصل في الدول العربيّة على عمومها هو أنها تدرّس مساقات حول النشر، بينما الحاصل هو أنّها تعطي شهادات جامعيّة في موضوع المكتبات، لافتاً أنّ هناك فرقاً بين هذا الموضوع وتخصص النشر، وقال إنّنا في حالة قيامنا بفصل التخصصين سنصل إلى عمليّة منهجيّة علميّة مواكبة تزدهر لدينا بسببها صناعة الكتاب.
مشاركة :