الولي الفقيه وسلطان الإخوان المسلمين..شياطين السياسة في لباس التديّن؟!

  • 11/9/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الكاتب والباحث السياسيأنمار نزار الدروبي.. قبل ميكيافيلي كان فقه السياسة يتكأ على عكّازة أخلاقيّة..فلا يستطيع أمير و حاكم أو حتى بهلوان أن يغضّ الطرف عن الحكمة والفضيلة الإفلاطونيّة ولو من باب التستر بذلك..إذ أن الفساد والدسائس وألوان الرذيلة تملأ دهاليز قصور السلطة. الى أن جاء ميكافيلي أو نيقولا الشيطان كما وصفه وليم شكسبير في أحد فصول مسرحياته..ميكافلي الذي سجل نصائحه السياسية  في كتاب الأمير لم يفضح ما تتستر عليه الدولة وإنما وضع لذلك السلوك الغير أخلاقي مبررات بحكم لزومه في تحقيق الأهداف وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.. حتى أن ميكافيلي أسرف بذلك الى حد اعتبار الأخلاق منقصة في السياسة. ومنذ الإنحطاط الذي شرعته الميكافيليّة للسياسيين حدث ما يسمى بفصل الدين عن الدولة.. باعتبار إرتكاز الدين على منظومة أخلاقيّة تتناقض مع الممارسات الميكافيلية. هذا ما تقوم عليه غالبية الأنظمة السياسية في العالم وفق مبدأ العلمانية الذي يرفض إقحام الدين  بالسياسة إحتراما للعقائد الدينيّة وحريّة الإنسان في التديّن. بقيت إشكالية هذا الفصل معلقة حيال الحركات والجماعات السياسية الدينيّة على إختلاف آيديولوجياتها.. لكنّ المصيبة الكبرى التي انتهجتها الأحزاب والحركات الدينيّة تكمن في تبنيها للميكافيلية في سلوكها السياسي وتسترها بعباءة التديّن؟ فلم تبقى حيلة أو نذالة أو فعل إجرامي وإرهابي إلا وبررته دينيّا الى مستوى غسل عار الميكافيلية في بشاعة جرائمها وسلوكها الغير أخلاقي. الأخطر في هذا الإتجاه أن تتشكل أنظمة سياسية لدول تلتحف بالدين.. ولهذه الدول مشاريع توسعيّة وأجندات تنفيذ لأهدافها.من هذا المنطلق يجب أن نفهم سياق الأحداث وما يدور على ساحة الشرق الأوسط.. وبذلك يمكننا تصنيف كل الجماعات الارهابية والحركات السياسية الدينية من خلال اتجاهاتها وأفكارها الرجعيّة ومن تخدم وتتبع لأي جهاز استخباري أو حكومة تمولها. لا أروّج للعلمانية بأي حال.. فقط أرفض تسييس الدين لأهداف وأغراض دنيئة.. وتبقى هنالك سياسة دينيّة شرعيّة معتدلة ونبيلة تنسجم مع تجليات الحضارة والتقدم العلمي ولا تتناقض مع منطق العصر إستنادا لمبادئ تعلمناها من سيرة قائدنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام الذي جسّدت لنا سياسته حقيقة أن الأهداف والغايات النبيلة المشروعة لا يمكن أن تتحقق إلا بانتهاج وسائل نبيلة ومشروعة.. لقد حذرنا قائدنا العظيم من هؤلاء الحثالة التي تلبس ثياب التدين ووصفهم بالتشدد والجلافة وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة.. وبعد أن تفجرت ثورات الشعوب العربية ضد الاستبداد والدكتاتورية وكل السياسات الرعناء التي دمرت أمتنا وأقحمتها في صراعات تستهلك طاقتها البشرية والاقتصادية.. وأبقتها متخلفة عن ركب الحضارة والتقدم الإنساني..برزت على ساحتنا العربية معاول الهدم والتدمير ومصادرة الإرادة الشعبية بعناوينها الدينيّة وممارساتها الإرهابية لتملأ فراغ زوال الطغيان وتجلب علينا كل أعداء الإسلام تحت شعار مكافحة الإرهاب.. لم تنتهي الكوارث بعد! لعلّ الكارثة الأكبر تتمثل بالإنقسام الطائفي الذي أحدث شرخا في جسد الأمة ونتج عنه تحولات خطيرة على جغرافيا الشرق الأوسط.. هذا الإنقسام الخطير هو الذي منح مشاريع دول أن تستثمر تبعاته الكارثيّة وتحيل شعوبنا الى أدوات في أجندتها الإستعمارية. مع جميع الوان الزخرفة والرتوشات يتجلى الإسلام السياسي في نظام دولتين تستثمر مصائبنا وتدميرنا هما إيران وتركيا.. نعم إمام كهنوتي صفوي في ولاية الفقيه وسلطان عثماني يستظل بفيء علمانية أتاتورك. أما الشراذم فهي توابع في جميع عناوينها الحزبية والحركية سواء كانت متشيعة أو متسننة. السؤال الجوهري دائما يتمحور في الواقع؟ الواقع إن سايكس بيكو لم تعد قائمة إلا رسوما على الورق..الجغرافيا تشير الى واقع آخر تتربع فيه إيران على مساحات كانت بريطانيا وفرنسا تتقاسمها.. وتركيا تزحف هي الأخرى ولا يقف حيالها سوى تواجد قواعد عسكرية روسية وأمريكية في سوريا والعراق. المخطط الكبير لم يتم انجازه كليّا؟ وجود اسرائيل وضمان أمنها.. إضافة لدول عربية متعبة  تستجدي الحماية من أمريكا وأوربا لا يزال مصيرها مجهولا بانتظار إعادة تأهيلها أو تسليم مقاليدها لنظام الشرق الاوسط الجديد؟ كل ما تريده أمريكا ودول الاستعمار الغربي مع روسيا هو ضمانات للحفاظ على مصالحها ونفوذها الجيو سياسي على ساحة الشرق الأوسط..فما هو المانع الذي يقف حائلا أمام تركيا وإيران من اعطاء تلك الضمانات؟

مشاركة :