يبدو أن الفجوة القائمة بين ناديي مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد في تنامٍ، لكن السبب وراء ذلك قد يرجع بدرجة أكبر إلى أن الأول يملك خطة واضحة لمستقبله عن هوية المدرب الذي يتولى مسؤولية الفريق. وإذا كان ديربي مانشستر سيعقد غداً، إذن فلا بد أن هذا الوقت المناسب لاستعراض الحجج المتعلقة بأي الفريقين أفضل، ومن سينضم إلى فريق مانشستر الموحد، وما إلى ذلك. إلا أنه يتعين أن نضع قيد الاعتبار أن ثمة كثيراً من اللاعبين الممتازين في صفوف مانشستر سيتي يواجهون صعوبة في الفوز بمكان في التشكيل الأساسي للفريق الأول. وهناك كذلك جدال دائر حول السمات والتوجهات المختلفة بين الغريمين القديمين اللذين يتوليان تدريب الفريقين. ويتساءل البعض: هل كان مانشستر يونايتد سيبقى في هذه الحالة غير المتزنة لو أن الإسباني جوسيب غوارديولا هو مَن يتولى تدريبه، وهل كان مانشستر سيتي سيصبح في صدارة الدوري الممتاز ويحقق متوسطاً مبهراً يبلغ ثلاثة أهداف في المباراة، لو أنه تحت قيادة جوزيه مورينيو؟ ربما يمكن إلقاء اللوم على النجم السابق والمحلل الرياضي حالياً ستان كوليمور عن كل هذا. وتماشياً مع شعوره المستمر بعدم الثقة في غوارديولا داخل مانشستر سيتي، أعرب كوليمور منذ بضعة أيام عن اعتقاده أنه لو كان مورينيو هو المدرب الموجود في استاد الاتحاد، معقل سيتي، لكان قد حسم بطولة دوري أبطال أوروبا لصالح النادي الآن. ورغم أن هذا أمر مستبعَد للغاية، بالنظر إلى أن مانشستر سيتي مرشح لأن يكون طرفاً بمباراة نهائي البطولة هذا الموسم، بينما عجز مورينيو عن الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا خلال المواسم الثلاثة التي قضاها مع ريال مدريد. إن فريقاً يتولى مورينيو تدريبه لم يكن ليسافر إلى موناكو منذ موسمين نتيجة اختراق شباكه ستة أهداف على أرضه وخارجها، وبدلاً من كونه شديد الانفتاح خلال مباراة الذهاب على أرض استاد أنفيلد، معقل ليفربول، الموسم الماضي، كانت خطة مورينيو شبه المؤكدة ستقوم على ضرورة استماتة جميع عناصر الفريق للخروج بالتعادل السلبي. والآن، ماذا عن الجزء الآخر من الحجة؟ هل كان باستطاعة غوارديولا تحويل الفريق الحالي لمانشستر يونايتد إلى أبطال، أم أنه كان سيعاني هو الآخر في التعامل مع مجموعة متباينة من اللاعبين وسياسة انتقالات للاعبين تبدو عشوائية توارثها آخر ثلاثة مدربين تولوا مهمة تدريب الفريق، ونائب تنفيذي لرئيس النادي يبدو بعض الأحيان وكأنه سئم استخدام دفتر الشيكات؟ قد تكون الإجابة الأسلم أنه حال حصوله على وقت كافٍ، فإن غوارديولا ربما كان سيتمكن من قيادة مانشستر يونايتد للعودة إلى القمة وقلب الأضواء. ومع هذا، فإن تحقيق نجاح فوري مع مانشستر يونايتد ربما كان سيشكِّل مهمة صعبة بالنسبة لغوارديولا بالنظر إلى أنه أخفق في الفوز بأي بطولة مع مانشستر سيتي خلال الموسم الأول له هناك. والاحتمال الأكبر أن المشككين في قدرات غوارديولا سوف يسارعون عند هذه النقطة إلى تذكير الجميع بأن تولّي قيادة فرق ضعيفة المستوى لم يكن من السمات المميزة لمسيرة غوارديولا التدريبية، فدائماً ما حصر المدير الفني الإسباني نفسه في دور مدرب أندية القمة الذي لا يتولى سوى قيادة الفرق فائقة النجاح. وعلى هذا الصعيد، قد يشكل قبوله مهمة تدريب مانشستر سيتي المخاطرة الكبرى التي أقدم عليها حتى الآن خلال مسيرته، لكن تبقى الحقيقة أن مانشستر سيتي كان البطل المتوَّج قبل انضمام غوارديولا إليه بعامين فقط، بجانب تمتع النادي بمستوى جيد من الدعم المالي يضعه في مكانة منفصلة عن أي نادٍ آخر على مستوى إنجلترا، وربما جميع الأندية الأخرى على مستوى أوروبا. ويُعتبر مانشستر يونايتد هو الآخر واحداً من أندية القمة، والمؤكد أن الادعاء بأن الفريق عانى منذ اعتزال سير أليكس فيرغسون التدريب سيثير شكوى مريرة من قبل الغالبية العظمى من أندية الدوري الإنجليزي الأقل شعبية أو فرق دوري الدرجة الأولى التي تعي جيداً ما تعنيه المعاناة، لكن تبقى هذه الأمور نسبية في النهاية. من جهته، اضطر مانشستر يونايتد للمنافسة في بطولة الدوري الأوروبي خلال الموسم الأول لمورينيو مع النادي، بينما لم يضطر غوارديولا قطّ لتلويث يديه بالمشاركة في أي بطولة باهتة بهذا الشكل. وربما أكثر ما كان سيثير حيرة غوارديولا داخل أولد ترافورد، غياب الاستمرارية، الأمر الذي قد يبدو حتمياً بعد تعاقب ثلاثة مدربين على الفريق خلال فترة قصيرة. الملاحَظ بالنسبة لغوارديولا أنه يولي الاستقرار أولوية عن أي شيء آخر، وهذا ما وفَّره له كل من برشلونة وبايرن ميونيخ ومانشستر سيتي. وقد صرح غوارديولا منذ أسبوع بأن واحدة من أوائل المراكز التي شعر بالحاجة إلى تعزيزها كانت قلب الدفاع. وعليه، قرر غوارديولا شراء إيميرك لابورتي وجون ستونز. كان الأول قد لفت أنظاره للمرة الأولى عندما كان يلعب في إسبانيا، أما الثاني فقدم أداء باهراً مع إيفرتون. ويبلغ اللاعبان 24 عاماً، ويسود اعتقاد داخل النادي بأن شراكتهما في قلب دفاع مانشستر سيتي سوف تدوم، على الأقل خلال فترة وجود غوارديولا مع الفريق بالتأكيد. ويبدو ضم اللاعبين استثماراً حكيماً وقراراً إدارياً جيداً، لكن هذا تحديداً نمط الخطوات التي يبدو أن مانشستر سيتي يتخذها بسهولة، بينما يجد مانشستر يونايتد صعوبة في الاضطلاع بها. الملاحظ أن مورينيو عكف على تغيير وتبديل لاعبي قلب الدفاع لديه طوال الموسم، واشترى لاعبين جدداً ثم طلب إمداده بالمزيد، وتسبب في زعزعة صفوف الدفاع لديه باختياراته زهيدة التكلفة وتصريحاته التي توحي بعدم ثقته في لاعبيه. ويعد هذا واحداً من الأسباب وراء خسارة مانشستر يونايتد ثلاثة من إجمالي 11 مباراة خاضها، بينما يبقى مانشستر سيتي دون هزيمة واحدة حتى الآن. في الواقع، يقدم مانشستر يونايتد أداء جيداً داخل الملعب، والملاحظ أن جزءاً كبيراً من العاصفة التي أحاطت مورينيو ولاعبيه منذ شهر مضى تلاشى، لكن هذه الهزائم المبكرة، علاوة على الأداء المتناغم المستقر من جانب مانشستر سيتي وتشيلسي وليفربول يعني خروج مانشستر يونايتد من المنافسة على البطولة مبكراً. ومع هذا، لا يزال الوقت يسمح بتغيير هذه الفكرة إذا ما نجح مانشستر يونايتد في تحقيق نتيجة مبهرة، غداً. وحتى يحدث ذلك، سيظل مانشستر سيتي عاكفاً على تنفيذ خطة واضحة، يضطلع في إطارها غوارديولا بدور محوري، بينما يعيش مانشستر يونايتد على الكفاف يوماً بعد يوم، ومن حين لآخر ينفجر مورينيو ويبدو عنصراً في زعزعة استقرار الفريق، بدلاً من العمل على دفعه نحو المضي قدماً. وربما النقطة الأهم التي ينبغي التأكيد عليها هنا أن مسألة أن غوارديولا ربما كان لينجح في دفع مانشستر يونايتد للخروج من محنته الراهنة، مجرد أحاديث افتراضية. أما على أرض الواقع، فإن مانشستر سيتي يعي جيداً نوعية المدرب الذي يحتاج إليه الفريق، والنادي الذي يأمل في محاكاة قصة نجاحه، وبدا مسؤولو النادي على استعداد للانتظار سنوات وضخ استثمارات ضخمة في فريق العمل خلف الكواليس حتى تكتمل عناصر الصورة المطلوبة. في المقابل، نجد أن مانشستر يونايتد لم يكن مدركاً ما يحتاج إليه الفريق بعد رحيل فيرغسون. ومنذ تلك اللحظة، اعتمدت مسيرة الفريق على أسلوب التجربة والخطأ، وحتى في هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال، ثمة انقسام في صفوف مسؤولي ومشجعي النادي حول مدى جدوى قرار تعيين مورينيو ومدى كفاءة أسلوبه في التدريب. في النهاية، ربما ليس هناك اختلاف كبير بين قدرات غوارديولا ومورينيو مثلما يتوهم البعض. لقد أثبت كلاهما أنه قائد قدير ومدرب ذكي وشخص يعرف طريق الفوز جيداً. ومن المحتمل أن كلاً منهما كان سيحقق قدراً من النجاح حال توليه منصب الآخر. أما الفجوة الحقيقية، فتكمن بين الناديين وهي في تزايد مستمر، وبينما كان مانشستر سيتي يتحرك نحو الأمام خلال السنوات القليلة الماضية، لا يزال مانشستر يونايتد يقف مكانه ساكناً، على أفضل تقدير. على امتداد عقود، كان يجري النظر إلى مهمة تدريب مانشستر يونايتد باعتبارها الأبرز والأهم على مستوى إنجلترا. أما اليوم، من الواضح أن مانشستر يونايتد لم يعد النادي الأبرز داخل البطولة ولا في مدينة مانشستر.
مشاركة :