انتقد مختصون تأخير تطبيق عقود "فيديك" على مشاريع البناء في السعودية، وقالوا إن تطبيقها في السعودية سبب أساسي لتعثر المشاريع الحكومية، في وقت لا يزال هذا النظام في طور البحث بين وزارة المالية ومجلس الشورى. وقال المختصون إنه لا يلزم تطبيق عقد فيديك بالكامل، بل أخذ النقاط التي تتماشى وتتكيف مع المشاريع وفئات المقاولين في السعودية، وتشريع نظام يكون شبيها بعقد "فيديك"، لافتاً إلى أن عقد "فيديك" لا يستطيع صغار المقاولين تطبيقه، بل سيضم كبريات الشركات فقط. وأوضح الدكتور مهندس نبيل عباس؛ ممثل الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين "فيديك" في السعودية والخليج، أن الدراسة التي قدمت للجهات المعنية بخصوص "فيديك" كانت تشمل فقط المشاريع الحكومية كمرحلة أولية، مبينا أنها ما زالت تحت الدراسة بين وزارة المالية ومجلس الشورى إلى الآن. وأكد الصورة الإيجابية التي ستنعكس من عقود "فيديك" في حالة تطبيقها، وأهمها تقليل سلبيات ما بعد البناء حول المشكلات التي تكون إما بين مقاولين عقود الباطن وإما غيره. وأضاف عباس، إن "عقود "فيديك" أنهت الآن مرحلة تحديثها السادس، ونحن إلى الآن لم نطبقها أو نقرها على المشاريع، وكل هذا التأخير قد تسبب في تعثر المشاريع الحكومية وغيرها، لأنه لا يوجد لهم نظام صارم يحمي حقوق جميع الأطراف، وفيه شفافية ووضوح مثل عقود فيديك". وبشأن المناخ التشريعي والقوانين، أوضح أن قضية تعثر المشاريع تقتضي تحسين المنظومة، وتحسين مستوى عقد التشييد يصب قطعا في تخفيض احتمالات التعثر، إضافة إلى أن عقد "فيديك" للتشييد (الكتاب الأحمر) هو مستند لإدارة المشروع وليس للحقوق والواجبات فقط، وهو يستلزم تأهيل الاستشاريين والمقاولين وأفراد المالك لفهمه وحسن إدارته، ويوجد فيه مبدأ التوازن الكامل بين الحقوق والواجبات وفي علاقات الطرفين، بينما المخاطر يتحملها الطرف الأقدر على ذلك عمليا وماديا، وتحسين مناخ العمل وتقليل احتمالية الفشل بسبب غير المنظور بواسطة التأمين (ببنود وافية وناضجة) وإفراد باب مستقل له. وبين أن نظام "فيديك" يهتم بتنظيم المستندات لسهولة الرجوع إليها لحل الخلافات، والاهتمام بالجودة من خلال إفراد باب للاختبارات، وتقليل مزاجية المالك والمهندس لأن كل فعل (أو الامتناع عنه) له التزامات وتطبيقها سهل على أي طرف، وأي إخلال بسيط بالعقد يتتبعه تعويض للطرف الآخر، وتفضيل موضوع القياس (التمتير)، وتغيير مفهوم المقاولة من علاقة السيد بالعبد إلى علاقة الند بالند، ومرونة الدفع (حتى باليومية إن احتاج الأمر)، وتأخير الدفع للمقاول تتبعه غرامة مالية على المالك، والتعويضات المالية واضحة للطرفين (دون الحاجة إلى الذهاب للمحكمة). وبين عباس، أن العقد أصبح له دور مميز وصلاحيات كبيرة، حيث أصبح يتضمن تعويض المقاول بسبب تغير التشريعات، وتعويض المقاول بسبب تغير التكاليف وتأخر الدفع له، إلى جانب الحق في إنهاء العقد (لأسباب)، والحق في تعليق العمل (لأسباب) وحقوقه حينئذ، وإعفاء المقاول من مسؤولية مخاطر صاحب العمل المالك. وتابع "فيما يخص سهولة الحصول على حقه بسبب التغييرات، فإن من حقه معرفة الترتيبات المالية للمالك، وفي معرفة المهندس (المشرف) قبل العقد ومعرفة البديل له وحقه في الاعتراض عليه، وإعفائه من الظروف المادية غير المتوقعة (التربة/ الأثريات/ الأحافير)، وتعويضه بسبب مخاطر صاحب العمل، الحرب، الإرهاب، التصميم، قوى الطبيعة غير المتوقعة، والكوارث الطبيعية. وأكد أن التفصيل في العقد يضمن إنجاز العمل بأقل ما يمكن من الإرباك والتعثر، والتوازن فيه يحسن قدرة المقاول على إتمام العمل، وهي أهم الحقوق المكفولة في العقد. من جهته، أوضح المهندس جمال برهان؛ عضو هيئة المهندسين واستشاري التنمية العقارية والإسكان، أن عقود "فيديك" لا يمكن تطبيقها على جميع المقاولين، حيث إن الصغار منهم لا يستطيعون العمل بها، مقترحا أن يتم أخذ البنود التي تتوافق مع مناخ المشاريع لدينا. وتابع، أن "الحل في تشريع نظام موحد شبيه بعقود فيديك يتم من خلاله ضبط تشريعات موحدة جديدة، خاصة أن هناك تشريعات كثيرة أُحدثت في العالم فيما يخص البناء، ويمكننا أن ندمجها ونكيفها بما يتوافق مع مشاريعنا ومقاولينا". وشدد برهان على ضرورة إيجاد الحلول من خلال الأنظمة المتاحة لتفادي تعثر المشاريع التي تنعكس بشكل سلبي على عديد من القطاعات وليس قطاع المقاولات فقط، خاصة أن عديدا من المشاريع المتعثرة مشاريع حكومية وتنموية. من جهة أخرى، انتقدت لجنة المقاولين في غرفة جدة عدم تفعيل القرارات الخاصة بقطاع المقاولات والعمالة، حيث يعتبر ذلك أحد أهم أسباب تعثر المشاريع في السعودية. وقال عبد الله رضوان رئيس اللجنة إن العديد من القرارات في قطاع المقاولات لم تفعل، وانعكست على تعثر العديد من المشاريع خلال الفترة الماضية، فيما تم إصدار قرارات وألزم بتطبيقها، دون معرفة الآثار السلبية التي قد تنعكس على القرار. مشيراً إلى أن إجمالي قيمة المشاريع المتعثرة في السعودية تجاوز 100 مليار ريال، بسبب تطبيق قرارات غير مدروسة بالشكل الصحيح، وكذلك بسبب قرارات أخرى لم يتم تطبيقها في قطاع المقاولات. وحول تأثر قطاع المقاولات بعد إعلان الميزانية، قال "لن تتأثر المشاريع التنموية بعد إعلان القيادة الاستمرار في التوسع في طرح المشاريع التنموية، كما انعكست الميزانية بشكل جيد على المشاريع بشكل عام، وعلى قطاع المقاولات بشكل خاص".
مشاركة :