المناداة بإصلاحات جذرية سياسية واجتماعية واقتصادية من أولويات الدعوات العربية ما بعد نهاية الحكم العثماني، ثم الاستعمار الغربي، ولكنها أصوات ضاعت في متاهات الحياة العربية وتقلباتها التي حصرت سلطاتها بقوانين المنافع لها وحدها، فتجذر الفساد ومعه سادت الأمية والفقر وضياع الأسرة التي تشكل بنية المجتمع لتدخل ثقافات وممارسات أدت إلى بناء هيكل جديد لثقافة العنف والممارسات الخاطئة للذهاب للمخدرات للغياب عن حياة المجتمع، أو الانتماء لجماعات متطرفة بوعود بالخلود في الجنة مع الحور العين.. الاتهام الأول يدخل في تفاصيل الأنظمة السياسية العسكرية منها والمدنية وخاصة التي سادها نظام استطاع إغلاق العقل بغسله بالدعاية المضللة لتختفي القيم ويسوء النفاق وتتسع الحاجات إلى بيع الذات من أجل لقمة العيش، وهنا جاء من يتلقف هذه الفرص في خلق بيئة تربوية استغلها الشيوعيون والبعثيون في البدايات الأولى، ثم أدارها الإسلاميون نتيجة خيبة تلك التنظيمات السابقة ليطرحوا مشروعهم الأممي، باختيار البيئات الفقيرة والمعدمة لنشر هذه الأفكار وطالما معظم الدول العربية والإسلامية لا يحصل المواطن على دخل مادي يرفع عنه شح احتياجاته الضرورية ولا يجد السكن والعلاج والوظيفة ومعها مطاردات أمنية وفشل تام في إصلاحات عامة، أدى إلى انهيار دول؛ إما بفعل عسكري كما حدث في الانقلابات أو أثناء الربيع العربي الذي كشف هشاشة تلك الأنظمة لتخلق دولاً فاشلة لعدم قدرتها احتواء مشاكل ما قبلها وبروز ظاهرة الصراعات القبلية والمذهبية ليختفي الإرهاب النوعي الذي قادته أحزاب وجماعات يسارية بالخطف للطائرات أو الاغتيالات إلى نموذج جديد يقوم على تنظيم سري وبناء هياكله من عدة مصادر عالمية ومحلية وإقليمية في إدارة حروب العصابات وتوزيعها ونوع المهمات التي تنتهج أساليب جديدة تخفي نفسها عن أي رصد خارجي وداخلي لتصل إلى تنظيمات عالمية وبدعم من الكثير من المصادر.. هذا الشكل المتجذر للحالة العربية والإسلامية لا نجدها عند غيرهم، حيث تم قطع المراحل بما فيها الخروج من الحروب إلى الدولة الوطنية لنرى هياكل تنظيمية رفعت سقف التنمية والسلام الاجتماعي وبيئات غير طاردة لأقليات أو خنق أفكار ومبادئ وأديان لا تلتقي مع الأكثرية، بينما عربياً وإسلامياً أصبح الإرهاب مركز التوجه العام، وحتى مع فشل الأنظمة وقسوتها، لإيجاد البدائل عنها جاء أكثر تطرفاً وفساداً وهذا ما أعادنا لكلمات جمال الدين الأفغاني «لا يصلح لهذا الشرق إلا دكتاتور عادل» ومع تضاد الدكتاتوريات مع العدل إلا أن نماذج في آسيا نجحت بإيجاد تلك الزعامات التي حولت مجتمعاتها إلى نظم تُحتذى لتأتي الديموقراطيات لاحقاً، وهذه التطورات في نظم الشرق أو الدول الخارجة من النفق السوفيتي أو دكتاتوريات أمريكا الجنوبية خرجت جميعاً بإصلاحات لا نجد لها نماذج في الوطن العربي والعالم الإسلامي، والسبب عجز النظام السياسي أياً كان لونه أن يخرج من الدولة التقليدية الراكدة إلى قوة وضغط التغيير لتلائم بين نظامها واحتياجات شعوبها لتصل إلى النقطة الحرجة في نشوء دولة الإرهاب بآفاقها المتخلفة وعنفها الخطير. لمراسلة الكاتب: yalkowaileet@alriyadh.net
مشاركة :