نشرت مجلة الاكاديمية الفرنسية للنقوش بحثا لعالم الآثار السعودي الدكتور علي إبراهيم الغبان وعالم الآثار الفرنسي الدكتور كرستيان روبان يكشف عن أول نقش يرد فيه اسم مملكة مدين . ويشير البحث إلى أن هذا الكشف يفتح الباب للربط بين الكتابة التيمانية التي كانت مشهورة دوليا منذ القرن التاسع قبل الميلاد والمدينيين وربما يساعد على اثبات ان المدينيين كانوا يكتبون. < تعود حضارة مدين للفترة التاريخية بين 1700 ق.م. و1200 ق.م تقريباً. وتحدثت المصادر التاريخية أن مدينة البدع غرب مدينة تبوك –شمال غرب المملكة- كانت عاصمة لحضارة مدين الشهيرة، الوارد ذكرها في القرآن الكريم: «وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ» (هود 84). وكان عالم الآثار السعودي الدكتور علي إبراهيم الغبان قد كشف أن الدراسات الميدانية لعدد من علماء الآثار السعوديين أظهرت وجود طريق تجاري كان يربط وادي النيل بتيماء في الشمال الغربي للجزيرة العربية، في عهد الفرعون رمسيس الثالث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد. وقال بأن «علماء الآثار السعوديين أجروا بحثاً ميدانياً ومكتبياً توصلوا من خلاله إلى وجود طريق تجاري مباشر يربط وادي النيل بتيماء، كان يستخدم في عهد الفرعون رمسيس الثالث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وتسير عليه القوافل المصرية للتزود من تيماء بالبضائع الثمينة التي اشتهرت بها أرض مدين مثل البخور والنحاس والذهب والفضة». وأشار إلى أن الطريق الذي يربط وادي النيل بتيماء محدد بتواقيع ملكية (خراطيش) للملك رمسيس الثالث وضعت على مناهل في شبه جزيرة سيناء والجزيرة العربية». وأبان الغبان أنه قد تم الكشف مؤخرا في تيماء عن أول آثار فرعونية في الجزيرة العربية تعود للقرن الثاني عشر قبل الميلاد، وهو نقش هيروغليفي على صخرة ثابتة بالقرب من واحة تيماء، يحمل توقيعاً ملكياً (خرطوش مزدوج) للملك رمسيس الثالث أحد ملوك مصر الفرعونية الذي حكم مصر بين (1192 – 1160) قبل الميلاد. وحول مسار الطريق قال الدكتور الغبان «يمر هذا الطريق بعد وادي النيل بميناء القلزم، ثم مدينة السويس حيث يوجد معبد للملك رمسيس الثالث، ثم يسير بحراً إلى سرابيط الخادم بالقرب من ميناء أبو زنيمة على خليج السويس، حيث عثر هناك على نقوش للملك رمسيس الثالث أيضاً، ثم يعبر شبه جزيرة سيناء بشكل عرضي ويمر على منهل وادي أبو غضا بالقرب من واحة نخل، حيث عثر فيه أيضاً على خرطوش مزدوج مماثل لخرطوش تيماء يحمل أسم الملك رمسيس الثالث». وأضاف: «ثم يتجه الطريق إلى رأس خليج العقبة، ويمر على موقع نهل، ثم موقع تمنية، وقد عثر في كل منهما على خرطوش مزدوج للملك رمسيس الثالث يماثل خرطوش تيماء, كما توجد إشارة في بردية للملك رمسيس الثالث إلى إرساله أناس لجلب النحاس من بلد مجاور». وأكد الدكتور الغبان أن اكتشاف هذا الطريق سيشكل نقطة تحول في دراسة جذور العلاقات الحضارية بين مصر والجزيرة العربية، مشيراً إلى أنه لم يستخدم لمناسبة واحدة، وأن هناك المزيد من المعلومات سيتم الكشف عنها في المستقبل. وتوقع وجود خراطيش أخرى على مسار الطريق لرمسيس الثالث أو غيره من ملوك مصر، في منطقة حسمي، التي تفصل وبطول 400 كيلومتر بين تيماء ورأس خليج العقبة، وتتميز بواجهاتها الصخرية البديعة التشكيل والصالحة للكتابة والنقش، لافتاً إلى أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تعمل على تنفيذ مسح أثري دقيق لهذه المنطقة. وأشار الغبان إلى أنه تم العثور في السابق على عدد من اللُقى الأثرية الصغيرة المصنوعة بمصر في عدد من المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، مثل مدافن جنوب الظهران في المنطقة الشرقية من المملكة، وفي الفاو عاصمة مملكة كندة الواقعة في الجنوب الغربي لهضبة نجد، وفي تيماء نفسها، ومعظم هذه القطع عبارة عن (جعلان) من الخزف المغطى بطلاء أزرق تركوازي ويعود تاريخها لفترات مختلفة.
مشاركة :