«رأفت الهجان»... استعادة ملحمة وطنية مصرية

  • 11/10/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أعادت عدد من القنوات الفضائية المصرية أخيراً في مناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والأربعين لانتصارات السادس من تشرين الأول (أكتوبر) 1973، مسلسل «رأفت الهجان» الذي تناول واحدة من أروع البطولات الوطنية الاستخباراتية، التي ضحى صانعوها بكل ما لديهم فداءً للوطن، وحقق نجاحاً لافتاً مع الجمهور العربي عند عرض جزأه الأول العام 1987، لدرجة أن الشوارع كانت تخلو من المارة وقت عرضه من كثرة تعلق الجمهور به، كونه يمثل انتصاراً للقدرة والإرادة والتفكير العلمي من جانب الاستخبارات المصرية، وصنف المسلسل على أنه العمل الوطني الأول، وحقق أكبر نسبة مشاهدة ونجاح منقطع النظير على مستوى الدول العربية، وتجددت المتابعات الجماهيرية عند إعادة عرضه، خصوصاً في ظل التراجع الكبير لجهات الإنتاج عن تقديم مسلسلات جديدة تبرز البطولات الوطنية المصرية أمام اسرائيل. وتناولت أحداث «رأفت الهجان» الذي تم تقديمه في ثلاثة أجزاء عرض الأول منها 1987، والثاني 1990، والثالث 1991 سيرة الجاسوس المصري «رفعت على سليمان الجمال» الذي زرع داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح الاستخبارات المصرية لمدة طويلة، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973. والمسلسل من تأليف الكاتب والروائي صالح مرسي «1929/1996» الذي كتب عدداً من الأعمال الأدبية المنشورة التي تحول الكثير منها إلى أعمال فنية درامية وسينمائية، وجاء غالبيتها من ملف جهاز الاستخبارات المصرية، لدرجة أنه عدّ من رواد دراما الجاسوسية، ومن أبرز أعماله التي قام بإعدادها وكتب السيناريو والحوار لها، فيلم «الصعود إلى الهاوية»، ومسلسلات «دموع في عيون وقحة» و»رأفت الهجان» و»الحفار» و»حرب الجواسيس»، وأخرج العمل يحيى العلمي الذي يعد واحداً من أفضل مخرجي الدراما العربية، وكان المسلسل تجربته الثانية مع مرسي بعد مسلسل «دموع في عيون وقحة» لعادل إمام ومعالي زايد ومصطفى فهمي ومحمود الجندي ومشيرة إسماعيل، وعرض العام 1980، وقام ببطولته محمود عبدالعزيز، جسد أكثر من شخصية، منها «رأفت الهجان» و»ليفي كوهين» و»ياكوف بنيامين حنانيا» و»ديفيد شارل سمحون»، وهو ذلك الشاب الذي ترك حياة اللهو والاحتيال إلى عالم الأخطار، حيث أعدته الاستخبارات المصرية للسفر إلى إسرائيل بعد ثورة تموز (يوليو)1952، تحت اسم «ليفي كوهين» ليندس في مجتمعهم كواحدٍ منهم، ونقل أخبارهم للسلطات المصرية، ونجح في الوصول إلى أخطر المراكز في إسرائيل، وصادق أخطر صناع القرار هناك، وكان له دور كبير وفقاً لسياق الأحداث، في نقل تفاصيل التحصينات الدفاعية للجيش الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر، التي قرر بعدها أن يعتزل ويقضي بقية حياته في ألمانيا، ورغم أن عبدالعزيز لم يكن المرشح الأول للشخصية، حيث سبقه اسم عادل إمام الذي اختلف مع جهة الإنتاج والمخرج واعتذر، إلا أنه جسد الدور ببراعة وكان بمثابة نقلة فنية كبيرة له في مشواره الفني، وشارك في بطولته عشرات النجوم من مختلف الأجيال، ومنهم يسرا، جسدت شخصية «هيلين سمحون»، ويوسف شعبان (ضابط المخابرات محسن ممتاز)، ومحمد وفيق (عزيز الجبالي)، ونبيل الحلفاوي (نديم قلب الأسد)، وعفاف شعيب (شريفة الجمال)، ومصطفى متولي وأحمد ماهر ومحمد الدفراوي، وقام عدد من الفنانين بشخصيات يهودية، منهم تيسير فهمي وشوقي شامخ ولطفي لبيب وحسن عبدالحميد ووضع موسيقاه التصويرية عمار الشريعي. ونجح مخرج العمل في الإلمام بكل تفاصيله الكبيرة والصغيرة، وأجاد استخدام طريقة الفلاش باك في العمل الذي بدأت أحداثه في ألمانيا الغربية في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 1978، بمشهد اعتراف «ديفيد سمحون» لزوجته، وهو على فراش الموت وقبل لحظات من وفاته، بأنه مصري مسلم وليس إسرائيلياً، ويطلب منها عدم استدعاء الحاخام والسؤال عنه في جهاز الاستخبارات المصري، وبمجرد وصول خبر الوفاة إلى الجهاز، يقرر الضابط عزيز الجبالي السفر للصلاة عليه هناك، ويتنكر في صفة حاخام لمذهب يهودي معين، والإدعاء بإتباع «سمحون» لهذا المذهب، ويصلي عليه في منزله قبل دفنه مباشرة، ويحكي الجبالي في الحلقات التالية لزوجته قصة تجنيد زوجها في الاستخبارات المصرية. وظهرت قصة «رفعت الجمّال» لأول مرة كرواية مسلسلة حملت اسم «رأفت الهجان» في 3 كانون الثاني (يناير) 1986 في مجلة «المصور» من تأليف صالح مرسي، وعند ظهور القصة، أنكر الموساد الإسرائيلي في البداية وجود مثل ذلك الجاسوس في تاريخ معاركهم مع الاستخبارات المصرية، وأنها مجرد أوهام، وتحت ضغوط الصحافة الإسرائيلية لم يكن لدى الموساد خيار إلا أن يعترف بصحة القصة والأحداث.

مشاركة :