محمد الحمراوي يكتب: الرئيس السيسي والإعلام

  • 11/10/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

"ياريتهم حتى بينقلوا عني اللي بأقوله صح", ثمة فجوة كبيرة بين ما تحتاجه مصر في هذه المرحلة من الإعلام وبين الدور الذي يقوم به بالفعل, فجوة كشفتها جملة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هذه ردًا على سؤال تم توجيهه إليه خلال لقائه بممثلي وسائل الإعلام الأجنبية في مصر ورؤساء تحرير صحف مصرية على هامش أعمال منتدى شباب العالم في شرم الشيخ. جلست بين الحضور ممثلًا لقناة "الغد" بدعوة كريمة من رئاسة الجمهورية, وكان أكثر ما يشغلني حال الإعلام وكيف يرى الرئيس السيسي ما وصل إليه المشهد الإعلامي في مصر حاليًا ؟وكأن القدر يسوق لي الإجابة, بعد أن وجهت الزميلة صفاء فيصل - مديرة مكتب BBC في القاهرة سؤالين للرئيس السيسي بشأن دور الإعلام في ظل القوانين الأخيرة, وكذلك عن رأيه في أن انتقاد السلطة يصب في صالح نجاح وتحسين الأداء بشكل عام؟في البداية كانت إجابة الرئيس بالنسبة لي على الأقل متوقعة, تحدث السيسي عن طبيعة الظروف التي عاشتها وتعيشها مصر وضرورة مراعاة ذلك خاصة عند تناول الإعلام الغربي للأوضاع في مصر.كل هذا كان بالنسبة لي طبيعيًا, لكن الصادم لي وأعتقد لجميع من حضروا اللقاء هو قول الرئيس السيسي معلقًا على أداء وسائل الإعلام المحلية: "يا ريتهم حتي بينقلوا عني صح .. أنا بأقولهم أهه كلامي وبرضه مش بينقلوه مظبوط .. أتمنى على الأقل أن ينقلوا ما أقول بأمانة", ربما ضجت القاعة بالضحك بعد أن حاول الرئيس أن يوضح بلين عدم قدرة الإعلام في مصر على نقل حديثه حتى بشكل سليم.لكنني في ذلك الوقت أخذت أفكر فيما يريده الرئيس من الإعلام تحديدًا ؟ فالإعلام المصري يظن أنه يفعل كل ما في صالح البلد جنبًا إلى جنب مع جهود الرئيس لتثبيت أركان الدولة وإبراز الإنجازات ومع هذا يتحدث الرئيس عن تقصير شديد وغياب للإعلام عن دوره في معركة الوعي التي تخوضها مصر حاليًا!حاول الرئيس ألا يكون صادمًا أو محيرًا لكل من يجلس أمامه أكثر من ذلك, وتحدث بوضوح عن غياب عنصر "العمق" في التناول حينما استعدى في حديثه كتابات الكاتب الراحل الأستاذ محمد حسنين هيكل, قائلًا "كان الوحيد الذي يبحث ويتعمق ويدقق قبل حديثه في أي موضوع, وحينما كنت أطلب منه رأيًا كان يراجعني كثيرًا لدرسة الموضوع جيدًا" بل زاد الرئيس وطرح أسئلة للحاضرين عن قيام الإعلام بدوره كاملًا في التوعية بمخاطر أزمة الزيادة السكانية ومعالجتها من كل جوانبها على سبيل المثال !بالطبع الإعلام سلطة يجب ألا تكون في يد الرئيس والسلطة التنفيذية بشكل أو بآخر, لكن حديث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان مجرد إجابة عن سؤال تم توجيهه له وحمله مسؤولية ما وصفته الزميلة السائلة "بإعلام الصوت الواحد" وبالتالي جاءت الإجابة كاشفة عن مشكلات وقصور قال عنها السيسي إنها ممتدة ليست فقط منذ 2011 لكن منذ أكثر من 30 عامًا, بعدما طلب الكاتب الكبير/ ياسر رزق من الرئيس أن يرأف بحال الإعلام خاصة أنه قد أصابه ما أصاب الدولة المصرية بعد 25 يناير 2011.الرئيس السيسي دعا وسائل الإعلام الأجنبية إلى أن تتناول الأوضاع في مصر بشكل أكثر موضوعية وأن تتيح الفرصة للخبراء الذين لديهم "وعي ومعلومة ومسؤولية" وهذه مسألة أعتقدها سهلة بل وضرورية لكل الوسائل التي تبحث عن المهنية والحيادية بقدر المستطاع.أما المشكلة الأصعب من وجهة نظري هي استيعاب الإعلام المحلي لرسائل الرئيس السيسي بشأن التناول الإعلامي, بعد أن تأكدوا أن كل ما يحدث الآن في المشهد الإعلامي لايخدم مصر ولا حتى السلطة خاصة حينما قال الرئيس: "أريد الصوت المؤيد لمصر وتقدمها وليس الصوت المؤيد لي", وفي ظني أن هذا الحديث الصريح ما هو إلا بداية لسلسلة تغييرات ستطال المشهد الإعلامي بشكل أكبر من ناحية الشكل والمضمون, فلننتظر قليلًا لنرى هل وصلت رسائل السيسي للقائمين على أمر الإعلام في مصر بشكل واضح, أم أن الرئيس الرئيس في لقائه القادم مع الإعلاميين سيكون مضطرًا لطرح نفس السؤال: هل قام الإعلام بدوره حقًا ؟!

مشاركة :