يبدو أن الـ “واشنطن بوست” أُذن أمريكا التي تصغي من خلالها إلى مايدور في دهاليز السياسة العالمية عازمة على المضي قدماً في تنفيذ الشق الإعلامي من الأجندة السياسية، التي تستهدف المملكة، وذلك بقيادتها الحملة الإعلامية الممنهجة ضد المملكة في الداخل الأمريكي عبر سلسلة أخبار ومقالات لعل أهمها مايجيء على صفحتها ( رأي ) وكان آخر ماطالعتنا به هو مقالي الجمعتين الماضيتين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان والقيادي الحوثي محمد علي الحوثي على التوالي وبذات الكيفية جاء المقالان ليصوبا سهامها نحو ذات الهدف مع إختلاف الدافع لكل منهما.ففي الوقت الذي يواصل فيه الرئيس التركي محاولات إبتزاز المملكة من خلال قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والتي ربما تكشفت التحقيقات التي مازالت جارية عن دور تركي قامت به قيادات أمنية وأستخباراتية دبرت أمر ذَا علاقة مباشرة بمقتله.وأقول ربما عطفاً على توالي التصريحات وتتالي المحاولات لربط القضية بما لاعلاقة لها به كما فعل نائب رئيس حزب العدالة والتنمية نعمان قورتولموش حينما ذكر أن مقتل خاشقجي : يعرض أمن الحج للخطر، فلربما كان ذلك مساومةً رخيصة توهم الأتراك أنها قد تعينهم إخفاء علاقتهم بالأمر وهي لن تنجح على كل حال.ولعل المتابع للشأن السياسي لايجد غرابة في ذلك فتواجد تركيا على التراب القطري وخرقها للعقوبات الدولية على إيران قبيل إتفاق لوزان النووي وتواجدها العسكري في جزيرة سواكن السودانية، بالإضافة إلى الكثير من المواقف والمثير من التحركات للريبة والقلق.كل ذلك يأتي في سياق دورها الذي أوكل إليها سابقاً من قبل عرابي مشروع الشرق الأوسط الجديد وفي إطار طموحاتها السابقة والحالية التي لاتخفى على كل ذو عقل رشيد، وعين ناظرة. هذا فيما يخص أردوغان وأشياعه من الجماعات المتحالفة مع حزب العدالة والتنمية أما فيما يخص طهران ومليشياتها فالأمر بطبيعتة مختلف فالحوثيون كانوا عنواناً عريضاً على صفحات الواشنطن بوست قبيل نشر مقال قياديهم بأيام في خبر مفاده أن البيت الأبيض في صدد إدراج الجماعة على لائحة المنظمات الإرهابية، وهو خبر مهم لم تستطع الصحيفة إغفاله فأضطرت إلى نشره ولكنه بطبيعة الحال يتعارض مع أجندتها لذا كانت محاولة التأثير على هذا القرار الأمريكي أو محوه كنصر سياسي للتحالف وإعلامي على أرض الواشنطن بوست ذاتها بإستكتاب الحوثي وإستبكاءه على صحافيها الراحل خاشقجي ليظن القاريء أن الكاتب الجديد المعروف بأميته أحد أنصار الصحافة الحرة النزية وهو الذي يعتقل الصحافيين ويكتب على صفحاتها.وهنا لابد من إستدعاء المقولة الشهيرة للمفكر الصيني: لين يوتانغ لأصف بدقه تصدر القيادي الحوثي للشأن السياسي في المناطق اليمنية المحتلة فأقتبسها كما هي: (عندما يصبح للرجال الصغيرة ظلال كبيرة فأعلم أن الشمس قد أوشكت على الغروب)وهو ماتبدو عليه الأوضاع على الأرض فالتحالف العربي على مشارف ميناء الحديدة وقد أطبق الخناق على مليشيا الحوثي في غالب ماتبقى من التراب اليمني في قبضته التي زادت من تراخيها مع بدء سريان العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني الداعم له فكانت محاولات تخفيف الضغط التي بذل لها الراغبين في إطالة أمد الحرب عديد أموال ومواقف عدة.لأنهم يعلمون جيداً أن الحرب التي شنت على أعوان إيران في اليمن ماهي إلا الشرارة التي أشعلت جذوة المشروع العربي النهضوي الذي تقوده المملكة السعودية ويسير في ركابه شرفاء العرب والذي ألمح إليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في منتدى الإستثنار السعودي (دافوس الصحراء) حين قال (أن المنطقة ستتحول إلى أوروبا جديدة) ومن سيحولها هم السعوديون.وهم يرون أيضاً توالي نجاحات السعودية في هذا المسار رغم تحملها أعباء هذه الحرب الإقتصادية والسياسية والعسكرية والإنسانية ويعلمون أن ماسيعقب الإنتصار الذي سيبدأ من اليمن هو الإنتقال إلى ترتيب المنطقة وتهيئتها لتكون أوروبا الجديدة ومن ثم إستكمال الخطط التنموية التي أعلنت سلفاً وهو مالم ولن ترضى عنه بنو الأصفر ولن يرضي بني فارس بطبيعة الحال.لذا وبغض النظر عن سيل الأكاذيب التي أتي الحوثي على ذكرها في مقالته فقد وشت كلماته بحالة الضعف التي تعانيها أذرع إيران في المنطقة ولعل بكائية الواشنطن بوست هي أقصى ماإستطاعوا إليه سبيلاً.
مشاركة :