موسكو - تعتزم جماعات من قدامى المحاربين في الجيش الروسي مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في نشر روسيا لمتعاقدين مدنيين سرا في سوريا وأوكرانيا وأفريقيا، وفق ما كشف قائد مجموعة روسية شبه عسكرية. وتجنيد المدنيين للقتال في الخارج غير قانوني في روسيا، ونفى الكرملين مرارا تقارير عن مشاركة الآلاف من المتعاقدين الروس في القتال إلى جانب القوات الحكومية في سوريا. وقال أشخاص مطلعون على المهمة في سوريا إن أكثر من 100 مدني روسي قتلوا خلال الحملة. لكن المحكمة الجنائية الدولية ليست لها سلطة قضائية على روسيا ولم تتعامل قط مع أي قضايا مماثلة من قبل. وقال يفجيني شاباييف قائد مجموعة القوزاق شبه العسكرية، الجمعة، إن ما يربو على 12 منظمة روسية لقدامى المحاربين تخطط لأن ترسل إلى فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي للتحقيق في جرائم الحرب. وقال إنه يعرف بصفة شخصية العشرات من الأشخاص الذين شاركوا في مثل هذه المهام. ولم يتضح حجم المنظمات المشار إليها وقد لا تمثل أغلبية كبيرة من المحاربين القدامى، الذين يوجد منهم في روسيا مئات الآلاف بعد تدخلها في أفغانستان والصراع في الشيشان. وستحث رسالة الجماعات بنسودا على بدء التحقيق في تجنيد المرتزقة الروس. وقال شاباييف الذي عمل في الماضي ممثلا لواحدة من الجمهوريات الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا “الروس يقاتلون في الخارج كمتطوعين دون اعتراف رسمي من الحكومة الروسية”. ويقول قدامى المحاربين في الرسالة إنهم غير راضين عن حقيقة أن المتعاقدين الخاصين يعملون بشكل غير قانوني ولا يتمتعون بأي منافع اجتماعية أو حماية بعد ذلك. وأضافوا “في الواقع يتم إرسال المدنيين الروس إلى خارج بلد إقامتهم لاستغلالهم بشكل غير قانوني في أغراض عسكرية”. ولم يرد الكرملين ووزارة الدفاع الروسية على طلبات للتعليق. وقالت متحدثة باسم مكتب بنسودا في رسالة بالبريد الإلكتروني إنه لا يمكنها التعليق. وقال شاباييف إن عدة مئات من المندوبين يخططون لمناقشة الوثيقة في منتدى 18 نوفمبر في موسكو وإرسالها بالبريد الإلكتروني إلى المحكمة الجنائية الدولية في اليوم التالي. وفي مناسبات سابقة، أعلنت روسيا أنها خفضت بشكل كبير وجودها العسكري في سوريا منذ نوفمبر 2017، لكنها لا تزال تحتفظ بوحدات عسكرية عدة في البلاد خصوصا في قاعدتي طرطوس وحميميم. المدنيون الروس يتم إرسالهم إلى خارج بلد إقامتهم لاستغلالهم بشكل غير قانوني في أغراض عسكرية ولا يتمتعون بأي منافع اجتماعية ويمثل عدد العسكريين الذين صوتوا في سوريا في الانتخابات الرئاسية الروسية الأخيرة التي جرت في الثامن عشر من مارس الماضي الرقم الرسمي الأخير حول عدد العسكريين الروس في سوريا، حيث بلغ هذا العدد 2954 صوتوا جميعا دون استثناء للرئيس فلاديمير بوتين. وينتشر القسم الأكبر من الجنود الروس في قاعدة حميميم الجوية في شمال غرب سوريا. وكشف بوتين، في ديسمبر الماضي، أن ما مجموعه 48 ألف عسكري روسي شاركوا في التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ بدئه في الثلاثين من سبتمبر 2015. ويؤكد خبراء أنه بالإضافة إلى القوات الروسية الرسمية هناك عدد كبير من المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب القوات الموالية للنظام السوري، ويعملون لحساب شركة عسكرية خاصة يطلق عليها اسم “مجموعة فاغنر”. ورسميا قتل في سوريا نحو ثمانين عسكريا روسيا منذ بدء التدخل، أكثر من نصفهم لقوا مصرعهم خلال تحطم طائرة نقل لدى هبوطها في قاعدة حميميم مطلع مارس الماضي. ويقول مراقبون إن عدد القتلى في صفوف المرتزقة الروس، والذين لا يعترف الكرملين بوجودهم، قد يكون أكبر. وشوهد مواطنون روس بأعداد كبيرة وهم يشاركون في القتال بشرق أوكرانيا إلى جانب الانفصاليين الموالين لروسيا. وقالت موسكو إنهم ذهبوا إلى هناك بإرادتهم كمتطوعين. ونشر الكرملين رسميا 170 مدربا مدنيا في جمهورية أفريقيا الوسطى ويخطط لإرسال 60 آخرين لتدعيمهم في مهمة تقول موسكو إنها بموافقة مجلس الأمن الدولي. وفي العام الماضي، قالت شركة أمنية روسية خاصة إنها نفذت مهمة لإزالة الألغام في ليبيا. وقالت منظمات قدامى المحاربين في الرسالة إن متعاقدين روسا عملوا أيضا في السودان وجنوب السودان واليمن والغابون. ولا تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بالولاية القضائية إلا عندما تكون حكومة بلد ما غير راغبة أو غير قادرة على التحقيق في جريمة بالغة الخطورة، وفقط في ما يتعلق بالجرائم التي ترتكب في أراضي الدول الأعضاء. وروسيا ليست عضوا في المحكمة.
مشاركة :