توقف قبل أيام موقع «يوتيوب» الشهير لنحو ساعة ما أحدث ضجة ولغطاً عالميين لدرجة أن أحد التعليقات المعبرة عن مدى أهمية الموقع المختص ببث مقاطع الفيديو ذهبت الى القول: «لنبحث في «يوتيوب» عن طريقة استعادته»، في كناية عن مدى أهميته كمصدر للمعلومات والمعرفة وتغلغله في مختلف مفاصل الحياة اليومية لبلايين البشر حول العالم ولمدى شيوع واتساع نطاق استخداماته وتوظيفاته. لكن السؤال هنا طالما أن «يوتيوب» هو تلفزيون إلكتروني ان صحت العبارة ماذا سيحدث لو تخيلنا لبرهة توقف التلفزيون التقليدي أو اختفاءه بكل ما يحمله من متعة ومعرفة وبما يحتله من مساحة واسعة في حيوات الناس ويومياتهم . فهو يكاد يكون العنصر الثابت في كل بيت وأحد أفراد الأسرة الأساسيين كون التلفزيون محط أنظار الجميع ومكمن ترفيههم وتثقيفهم وبمثابة خزان ذاكراتهم ورفيق ذكرياتهم فهو يواكب الإنسان المعاصر منذ نعومة أظفاره وهلم جرا محتلاً في كل مرحلة عمرية مكانة متميزة لدى كل مشاهد. فمن الرسوم المتحركة والبرامج التعليمية في سني الطفولة والمراهقة الى برامج المنوعات والمسابقات في مراحل الشباب الى المسلسلات والبرامج السياسية والاجتماعية والعلمية والوثائقية التي تستقطب متوسطي العمر وكباره... فهو والحال هذه دوماً ما يشبع رغبات المشاهدين وفضولهم ونهمهم على اختلاف اختياراتهم وتفضيلاتهم وفئاتهم العمرية ما يجعله فاعلاً أساسياً في تشكيل شخصياتهم وبلورتها . ولطالما أبدى صندوق العجب قدرة ودينامية على تجديد محتواه وتطوير أدواته ومواكبة التحولات القيمية والمجتمعية والتكنولوجية. وهو ما فتئ يتربع في موقعه الأول دونما تزحزح. فمختلف أشكال الإعلام الجديد ووسائل الترفيه والتعريف لم تفلح في مزاحمة الشاشة ناهيك عن تهميشها والحلول محلها .اذ يكاد يغدو التلفزيون من طبيعة الأشياء وثوابتها ملبياً حاجات إنسانية أساسية ولاعباً دوراً محورياً في التكوين الذهني والسلوكي للأفراد والجماعات... فمن التنوير الى التسلية تمتد وتتوزع مجالات ومضامير السطوة والفاعلية التلفزيونيتين وبلا حدود .
مشاركة :