شربات عبدالحي القاهرة - تظهر يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك، الآلاف من الأسماء الوهمية المستعارة، حيث تمنح الأشخاص حرية كاملة ومساحة مفتوحة في صفحاتهم الشخصية حتى ينشروا كل ما يجول بخاطرهم من قول وفعل دون حسيب أو رقيب، وهذا ما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى غرقهم في وحل الضياع الإنساني. انتشرت هذه الظاهرة بكثرة، ألقاب وأسماء وهمية، فهل السبب فيها الهروب من الرقابة والتحدث والنقد بصراحة في شتى المواضيع أم هي وسيلة للتعبير عن شخصية بعض الأشخاص أم من أجل الحذر والفوبيا السياسية أم للتسول بصورة جديدة لكسب استعطاف الآلاف أم للهروب من الواقع؟ وأفادت الشابة المصرية أسماء إمام، طالبة جامعية، بأنها مع فكرة استخدام الأسماء المستعارة، مشيرة إلى أن الاسم المستعار ليس عيبا أو حراما، بل قد يستخدمه الشخص لحماية نفسه من مخاطر الآخرين، الذين لا يتفقون معه في الرأي، ولكل إنسان خصوصيته في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي في الأساس عبارة عن مواقع افتراضية والأسماء التي بها كلها كذلك، قائلة “أنا شخصيا لا أعارض الاسم المستعار وكل ما يهمني هو توافق الأفكار والاهتمامات”. ويتفق محمد حرب، مدرب لياقة بدينة مصري، مع رأي إمام قائلا “ليست هناك أي مشكلة أو خلل في أن يسمي المرء نفسه بأكثر من اسم، المهم أننا نعرف من يكون بكل بساط، لكن إذا نظرنا من الجانب النفسي، لعلنا نجد أن هذا الشخص وجد أن العالم الافتراضي يستطيع أن يبث فيه مشاعره بكل وضوح وصراحة، أما العالم الحقيقي فلا؛ لأن النقد يكون مباشرا ولا ينسى ولا يستطيع حينها الخروج من الإحراج بعكس العالم الافتراضي، حيث إذا حدث أي نقد أو إحراج، يكون قد لثم بلثام الاسم المستعار”. وحذر محمد جمال، خبير تقني، من إضافة الأشخاص ذوي الأسماء الوهمية والمستعارة، مشيرا إلى أن بعضهم يقوم بقرصنة الحساب وابتزاز الأشخاص. بعض الأشخاص يقومون باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للتفريغ النفسي من خلال التحدث بكل صراحة، وتبادل الأفكار والمعلومات والتعرف على الثقافات الأخرى بين الأصدقاء وتابع “إلا أن التخفي وراء أسماء مستعارة من الممكن أن تكون وراءه عدة أسباب، أهمها انعدام الثقة بين الأشخاص الذين يتعاملون معا عبر الشبكة العنكبوتية، بسبب وجود بعض الأشخاص الذين يستغلونها بشكل سيء ولأسباب دونية ودنيئة لديهم، فضلا عن استخدامها بعض الأشخاص لادعاء الفقر والبحث عن الأموال بأسهل الطرق، من خلال نشر بعض المنشورات التي تستعطف الكثيرين لمساعدتهم وإرسال أموال إليهم. ويرى د.سامي خضر، خبير اجتماعي، أن للأسماء الوهمية أسبابا اجتماعية وسياسية ونفسية، كما يوجد للمواقع الاجتماعية سلبيات وإيجابيات، مشيرا إلى أن أصحاب المناصب، أو السياسيين، يمتلكون أسماء وهمية على الفيسبوك، لبث أفكارهم والتأثير على آراء الناس، وكسب ميولهم واتجاهاتهم بغض النظر عن مدى اعتدالها وتطرفها. وتابع “إن القيود العائلية من الممكن أن تجعل الفتيات ينشئن حسابا خاصا بهن من خلال استخدام الألقاب الوهمية، فضلا عن الأسباب النفسية لبعض الأشخاص، كشعورهم بالفشل أو الخوف من مواجهة الأشخاص بشكل مباشر، فيفضلون أن تكون لهم أسماء تدل على ما يخافون منه في داخلهم، أما في ما يتعلق بالظاهرة الجديدة للتسول فمن يستخدمها إنما هو إنسان غير سوي وفاشل، يسعى للكذب على الأشخاص لكسب المال”. وأفاد د. عبدالعزيز مصطفى، أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني بالقاهرة، بأن بعض الأشخاص يقومون باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للتفريغ النفسي من خلال التحدث بكل صراحة، وتبادل الأفكار والمعلومات والتعرف على الثقافات الأخرى بين الأصدقاء، وكذلك متابعة المستجدات، ونجد أن الكثير من المستخدمين يضعون أسماءهم وصورهم الحقيقية، كنوع من التعريف، ولكن البعض منهم يستخدمون المواقع الاجتماعية تحت أسماء مستعارة لدواع أمنية أو تخوفا من الأهل أو من بعض العادات والتقاليد في المجتمع، مضيفا “لكن ظهر في الآونة الأخيرة أشخاص يحملون أسماء وهمية يمارسون تحت غطائها أقوالا وأفعالا غير ‘أخلاقية’ مثل إرسال ونشر معلومات تشوه سمعة بعض الأشخاص”. وأوضحت د. أميمة كامل، أستاذة علم اجتماع، أن “فكرة المواقع الاجتماعية قائمة على التعارف، والبحث عن أصدقاء وزملاء الطفولة أو الدراسة، لذلك يجب على أي شخص أن يضع اسمه الحقيقي ليساعد الآخرين على رؤيته بسهولة، فالأسماء المستعارة تشوه الهدف الحقيقي من التواصل عبر الإنترنت”.
مشاركة :