مئوية الحرب الأولى تَحِلُّ وسط توتّر داخل أوروبا وعبر الأطلسي

  • 11/12/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تجمع نحو 70 من زعماء وممثلي دول العالم في باريس، لإحياء الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى في حين تعيش أوروبا توتراً داخلياً غير مسبوق. تحت سماء ملبدة بالغيوم تجمع أمس نحو 70 من زعماء وممثلي دول العالم عند قوس النصر في باريس، لإحياء الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، في حدث أراده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فرصة للتأكيد على التعددية في العلاقات الدولية. وحلت هذه الذكرى في حين تعيش أوروبا توتراً داخلياً غير مسبوق بدءاً من تداعيات قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وصولاً إلى ازدهار اليمين المتطرف وافتراق الأولويات بين الدول الثلاث الأوَل في المنظومة الأوروبية فرنسا وألمانيا وإيطاليا. ويأتي إحياء ذكرى لحظة دخول الهدنة التي جرى توقيعها في شمال شرقي فرنسا حيز التنفيذ في الساعة 11 صباحاً من يوم 11 من الشهر 11 من عام 1918، بينما تعيش العلاقات عبر الأطلسي، بين واشنطن في عهد الرئيس المثير للجدل دونالد ترامب، والدول الأوروبية، اضطراباً غير عادي وسط تبادل اتهامات بين الطرفين وخلافات بشأن الأزمات والتحديات الدولية وتشكيك بالتحالف العسكري والأمني بين الطرفين. مشاركون وانضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل وعشرات من الملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات من أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط ومناطق أخرى، إلى ماكرون لإحياء لحظة توقف نيران البنادق في مختلف أرجاء أوروبا قبل مئة عام. وشارك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس الوزراء الكندي جوستن ترودو ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحفل الى جانب كل من العاهل المغربي محمد السادس، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج. والمراسم التي شهدتها باريس، هي محور فعاليات عالمية لتكريم نحو عشرة ملايين جندي قتلوا خلال الحرب التي دارت رحاها بين عامي 1914 و1918. وتحت مظلة زجاجية كبيرة عند قوس النصر الذي بناه الإمبراطور نابوليون عام 1806، جلس زعماء العالم لحضور المراسم. ووقف ماكرون في وضع انتباه في حين عزفت الفرقة الموسيقية العسكرية النشيد الوطني الفرنسي قبل أن يسير تحت المطر لتفقد الجنود. ثم احتل مكانه تحت قوس النصر. وتضمنت المراسم قراءة أطفال لخطابات كتبها جنود ألمان وفرنسيون وبريطانيون خلال الحرب في حين أدى عازف التشيلو يو-يو ما جزءاً من إحدى سيمفونيات باخ. ماكرون وفي كلمته التي استمرت 20 دقيقة، دعا الرئيس الفرنسي قادة العالم إلى نبذ «الانعزال والعنف والهيمنة» وخوض «المعركة من أجل السلام». وقال ماكرون: «دعونا نوحد آمالنا بدل أن نضع مخاوفنا في مواجهة بعضها»، مضيفاً: «بإمكاننا معاً التصدي لهذه التهديدات المتمثلة في شبح الاحتباس الحراري وتدمير البيئة والفقر والجوع والمرض وعدم المساواة والجهل». الحرب التي أعادت رسم خريطة العالم أدت الحرب العالمية الأولى إلى سقوط الإمبراطوريات النمساوية المجرية والروسية والسلطنة العثمانية، وقيام العديد من الدول فضلاً عن عملية كبيرة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط. وفي حين أنزلت الحرب حكم الإعدام بالإمبراطورية الروسية، كانت الإمبراطورية النمسوية المجرية التي حكمتها عائلة هابسبورغ، القوة المهيمنة في أوروبا الوسطى طوال خمسة قرون. وكانت نتيجة انهيار الإمبراطوريتين تقسيم أوروبا الوسطى إلى دول عدة. وانتهت هزيمة السلطنة العثمانية عام 1918 بتقطيعها، وأصبحت تركيا جمهورية وفرضت معاهدة جديدة على الحلفاء وقعت في لوزان عام 1923، تحتفظ بموجبها بمنطقة الأناضول والمضائق لكنها فقدت كل المناطق العربية التي كانت تحت سيطرتها. في بلاد ما بين النهرين وفلسطين، تمكن البريطانيون من إلحاق الهزيمة بالعثمانيين بفضل انتفاضة القبائل العربية التي وعدوها بالاستقلال. وانتقد النزعة القومية، وقال إن «الوطنية هي نقيض القومية تماماً. القومية هي خيانة» الوطنية، داعياً إلى «نبذ الافتتان بالانطواء والعنف والهيمنة»، وندد بالذهنية التي «تغذي الحقائق المضادة وتقبل بالمظالم وتؤجج التطرف والظلامية». واستذكر الحرب لافتاً إلى أنه خلال السنوات الأربع من القتال، «كادت أوروبا تنتحر»، مختتماً كلمته بالإشادة بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. نسخة معدلة وفي تعبير نادر لعواطف الزعماء، تشابكت أيدي ماكرون وميركل، أمس الأول، خلال مراسم مؤثرة لإحياء ذكرى توقيع الألمان والفرنسيين على اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب. وتضمّنت المراسم، توقيع نسخة معدلة من اتفاق هدنة 1918 داخل عربة قطار تاريخية في منطقة ريتوند مكان إبرام هدنة انتهاء الحرب العالمية الأولى، في إشارة رمزية لترسيخ الصلح بين بلديهما. وأشار قصر الإليزيه إلى أنها «المرة الأولى منذ 1945» التي يلتقي فيها رئيس فرنسي ورئيس حكومة ألمانية في موقع توقيع الهدنة. «منتدى باريس للسلام» وبعد الظهر، استضاف ماكرون «منتدى باريس للسلام» الذي يسعى إلى تعزيز نهج تعددي للأمن والحكم وتجنب الأخطاء التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى. وقالت ميركل في بيان، إن المنتدى يظهر أن «اليوم هناك إرادة، وأتحدث هنا بالنيابة عن ألمانيا وبقناعة تامة، لفعل كل شيء من أجل تحقيق نظام أكثر سلمية في العالم رغم أننا نعلم أنه ما زال لدينا كثير من العمل لننجزه». ولم يحضر ترامب الذي يتبنى سياسة قومية تقوم على مبدأ «أميركا أولاً» المنتدى. انتقادات وانتقد ألكسندر غاولاند رئيس حزب «البديل من أجل ألمانيا» (AFD) مشاركة ألمانيا في الاحتفال وقال: «أعتقد أنه من الخطأ إعادة كتابة التاريخ بأثر رجعي والمشاركة في احتفال بذكرى النصر لدول الحلفاء السابقين». وأكد أنه لا يمكن لألمانيا أن ينتهي بها المطاف بالوقوف جنباً إلى جنب إلى جوار «المنتصر» وهي خسرت فعلياً الحرب. مصافحة وشهد الحفل مصافحة بين بوتين وترامب رفع خلالها الرئيس الروسي إصبع السبابة للرئيس الأميركي كعلامة على التأييد، في خطة علقت عليها وكالة «نوفوستي» الروسية بالقول: «بوتين أشار لترامب بإبهامه وربت على كتفه، ونحن في انتظار تحليلات مثيرة من الزملاء الأميركيين». «فيمن» ورغم تأمين باريس بـ 10 آلاف عنصر أمني، سجل أمس، خرق أمني بسيط، تمثّل في توقيف الشرطة الفرنسية ثلاث ناشطات من حركة «فيمن» اقتربتا من موكب الرئيس الأميركي بينما كان في طريقه إلى قوس النصر في جادة الشانزيليزيه. وقفزت محتجتان عاريتي الصدر كتبتا على جسمهما «موكب نفاق» و«حفل عصابات»، فوق الحواجز الأمنية عند مرور سيارة ترامب. وقامت ناشطة ثالثة بالأمر نفسه بعد أمتار قليلة على الجادة. المقبرة وكان البيت الأبيض أعلن في وقت سابق، أن الرئيس ترامب، الذي تصحبه زوجته ميلانيا، لم يتمكن من حضور احتفال بذكرى الجنود وأفراد مشاة البحرية الأميركية الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى، في مقبرة إن-مارن الأميركية في بيلو التي تبعد نحو 85 كيلومتراً عن باريس، السبت بعد أن حال المطر دون وصوله. خلاف التسلح وفي مقابلة لاحقاً مع CNN، قال الرئيس الفرنسي، إنه على أوروبا ان «تبني استقلالية» دفاعها بدلاً من شراء الاسلحة من الولايات المتحدة، وقال: «لا أريد رؤية الدول الأوروبية ترفع من ميزانيات الدفاع لشراء أسلحة أميركية أو أخرى أو معدات من إنتاج صناعتكم» مضيفاً: «إذا زدنا ميزانيتنا، فالغرض بناء استقلاليتنا». لقطات • تبادل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب أطراف الحديث أثناء تناول إفطار عمل في قصر الإليزيه، وقالا لبعضهما عند الوداع «أراك». • وصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى باريس، مستخدما الطائرة التي أهداه إياها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد. • تباحث الرئيس الروسي بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في أروقة «الإليزيه» أمس، قضايا المنطقة، وتحديدا الوضع في سورية.

مشاركة :